أكد اقتصاديون أن الموازنة نصف السنوية المعلنة بداية الأسبوع عملت على تحسن الإيرادات للدولة، إضافة إلى خفض العجز وتقليصه بواقع 51 في المئة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، مشيرين إلى أن النفقات تقلصت في الموازنة نصف السنوية لعام 2017 بقدر 2 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2016، كما شهدت الموازنة ارتفاعاً في الإيرادات بلغت نسبتها 29 في المئة. وقال رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال الدكتور إحسان بوحليقة ل«الحياة»: «الموازنة نصف السنوية المعلنة تميزت بتحسن في الإيرادات بشكل ملاحظ، إذ وصلت معدلات الزيادة في الإيرادات إلى 29 في المئة، إضافة إلى تحسين واضح في ترشيد الإنفاق والمصروفات». منوهاً إلى أن الموازنة أوضحت نمواً في الإيرادات غير النفطية، والتي زادت بواقع 100 بليون ريال، ما يعزز التعويل على هذا النوع من الإيرادات، إضافة إلى الإيرادات النفطية، والتي سجلت 103 بلايين ريال. واستطرد بالقول: «الإنفاق الفعلي بحسب الموازنة نصف السنوية أكد من خلال الأرقام المعلنة وجود انضباط في الصرف، إذ قدر ب380 بليون ريال، أي بنحو 34 في المئة مما كان مقدراً، وهذا بخلاف ما تعودنا عليه، إذ جرت العادة أن يزيد الإنفاق الفعلي على ما هو مقدر بواقع يزيد على 20 في المئة، في حين أن ترشيد الإنفاق أسهم في انخفاض بقدر 3 في المئة». وأشار بوحليقة إلى أن تطبيق برنامج التوازن المالي 2020 يسهم في تنمية الإيرادات غير النفطية من جهة، ومن جهة أخرى ضبط الإنفاق، لاسيما الإنفاق رأس المالي والذي يؤدي إلى توسع النمو الاقتصادي، والذي يعد مطلب رؤية 2030. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين ل«الحياة»: «أظهرت أرقام الموازنة للربع الثاني من العام الحالي تحسناً مستمراً في المالية العامة، بخاصة في جانب الإيرادات غير النفطية، وتحقيق كفاءة الإنفاق وربطه بالإنجاز بما يساعد على استثمار الأموال المنفقة في وقتها وتحويلها إلى مشاريع من دون تأخير، وبما يساعد على مساهمتها بدعم الاقتصاد الكلي». وأضاف: «نسبة الإنفاق من الموازنة المعتمدة بلغت 47 في المئة تقريباً، ويرجع ذلك بحسب تصريحات الوزارة إلى منهج المواءمة بين الإنفاق والإنجاز الذي تنتهجه الوزارة». وقال: «على رغم ذلك إلا أن حجم الإنفاق الكلي انخفض بنسبة 2 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهذا يؤكد استمرار نهج ضبط الإنفاق الحكومي لخفض العجز، وعلى رغم أهمية هذا التوجه إلا أن الموازنة بين ضبط الإنفاق وحاجة الاقتصاد يجب أن تكون حاضرة دائمة، كي لا يتسبب ضبط الإنفاق بالتأثير السلبي في الاقتصاد، فإيجابية خفض العجز قد تختفي، بسبب سلبية الاقتصاد وكلفة برامج إنعاشه مستقبلاً». ويرى البوعينين أن من المؤشرات الجيدة في الموازنة نصف السنوية ارتفاع مجمل الإيرادات بنسبة 29 في المئة في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالنصف الأول من عام 2016». منوهاً إلى أن إجمالي الإيرادات ارتفع في الربع الثاني للموازنة للعام الحالي بنسبة 6 في المئة مقارنة بالربع الثاني للعام 2016. وزاد: «ما تجب الإشارة إليه هو ارتفاع الإيرادات غير النفطية في الربع الثاني بنسبة 39 في المئة، إذ عُوض الانخفاض النسبي للإيرادات النفطية مقارنة بإيرادات الربع الأول». منوهاً إلى أن إعلان موازنة النصف الأول من عام 2017 التي شملت خفض العجز في الربع الثاني للعام 2017 بنسبة 20 في المئة، مقارنة بالعجز المسجل بالربع المماثل من العام الماضي أمر جيد ولا شك، ويؤكد الخفض التدريجي للوصول إلى السيطرة المالية بحلول العام 2020. مشيراً إلى أنه قد يشكل ارتفاع الدين العام من 316,580 بليون ريال سعودي إلى 341,387 بليوناً ضغطاً على المالية، بخاصة في ما يتعلق بخدمة الدين العام وإمكان زيادة كلفتها في حال استمرار رفع أسعار الفائدة مستقبلاً، ما يستوجب استشراف المستقبل والنظر بعين حصيفة في ما يتعلق بالديون السيادية». وقال: «من خلال طرح وزارة المالية الإعلامي نجد نبرة الزهو في قدرتها على تغطية إصداراتها بسهولة، وهذا أمر يعكس ثقة الأسواق بالمملكة ولا شك، إلا أن التوسع في الاستدانة يفترض أن يكون مؤشراً سلبياً لا إيجابي، إلا أن يرتبط بمشاريع منتجة قادرة على سداد تلك الديون وخدمتها في الوقت نفسه. وأعتقد أن السيطرة على العجز من دون السماح بتضخم الدين العام تجب أن تكون هدفاً للحكومة. كما أن التركيز على سندات الدولار في الأسواق العالمية أفضل من صكوك الريال في السوق المحلية، لضمان الحؤول دون تجفيف السيولة المحلية، ما ينعكس سلباً على قدرة القطاعات المالية التمويلية وارتفاع تكاليف الإقراض على القطاع الخاص». وأضاف: «يمكن النظر للأرقام المعلنة على أنها إشارة واضحة لنجاح الإصلاحات المالية التي يقوم بها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ووزارة المالية، وهو أمر يبعث على التفاؤل بنجاح الإصلاحات الهيكلية الكلية». مستشار مالي: النتائج المتحققة تتسم بالتوازن.. وتؤكد المسار الصحيح قال المستشار المالي عضو جمعية الاقتصاد السعودي أحمد الجبير ل«الحياة»: «إن إيرادات الموازنة بلغت في الربع الثاني من عام 2017م 163.9 بليون ريال، بارتفاع 6 في المئة مقارنة بالربع الثاني من عام 2016، وأكدت الوزارة نمو الإيرادات وتحسن كفاءة الإنفاق، وبلغت المصروفات في الربع الثاني هذا العام 210.42 بليون ريال، منخفضة بنسبة 1.3 في المئة عن العام الماضي، وهذا يؤكد نهج وزارة المالية، ويعزز الشفافية في ظل تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030». وأضاف: «هذا يعطي أدلة واضحة وكاملة وشفافة على تطبيق الوزارة معايير الشفافية والإفصاح المالي في إطار الأهداف الاستراتيجية لرؤية السعودية 2030، إذ بلغ عجز النصف الأول من عام 2017 نحو 72 بليون ريال، فالنتائج المتحققة تؤكد أن الموازنة تسير في المسار الصحيح، وتتسم بالتوازن، وانخفض العجز خلال النصف الأول من عام 2017 بنسبة 51 في المئة مقارنة بالعام الماضي، فيما ارتفع الدين إلى 341 بليون ريال مدفوعاً بالإصدارات الناجحة للصكوك، وبلغت قيمة الإيرادات غير النفطية 62.9 بليون ريال، والإيرادات النفطية 100.9 بليون ريال». واستطرد بالقول: «تأتي هذه البيانات ضمن التزام وزارة المالية بالشفافية والإفصاح المالي، وتحسين أداء الموازنة من خلال تطبيق برامج التحول الاقتصادي2020، والرؤية السعودية 2030، والتي يقودها بحول الله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والمتابعة المميزة من وزارة المالية من خلال اللجان المشتركة لإعداد الموازنة ومراجعتها مع جميع الجهات الحكومية، حتى خرجت بالإصلاحات المطلوبة، وتحسن في الإنفاق والأداء الحكومي». وأكد أن «تصحيح الأوضاع الاقتصادية ليس أمراً سهلاً، ولا يمكن ترك أمورنا من دون تخطيط، فالسنوات التي مضت لم نوظف فيها الوفر بشكل ناجح، وبعضه ذهب هدراً في مشاريع غير إنتاجية، والمشاريع التي تمت ليست بمواصفات عالية إلا القليل منها، إذ إنها لم تركز على الإنتاج والصناعة والاستثمار، وعليه جاءت الرؤية السعودية 2030، والتي تركز على تنويع مصادر الدخل، والخصخصة والاستثمار في ما نملك من احتياط من الأوراق والسندات المالية الأجنبية، والودائع لدى المصارف الأجنبية، وصناديق الاستثمار، والشركات العملاقة، والتي جميعها ستسهم في بناء اقتصاد سعودي قوي». وقال: «لذا يجب علينا بصفتنا مواطنين ومسؤولين أن ندرك أن إصلاح الاقتصاد الوطني يفرض علينا جميعاً مرحلة جديدة من التحديات، ما يجعلنا نصنع مستقبلاً للمواطن السعودي، إذ إن كل هذه الإجراءات والسياسات الاقتصادية والتقشفية ستحمينا من مخاطر، وتقلبات الاقتصاد العالمي في ضوء المتغيرات الإقليمية والعالمية، والتي تتطلب منا مزيداً من الصبر والتحمل والتعاون في ما بيننا لبناء اقتصاد وطني قوي ومتين من خلال التحول الاقتصادي 2020، ووفقاً للرؤية السعودية2030». وأردف قائلاً: «لذا يفترض تأسيس وإنشاء شركات عملاقة وكبيرة في قطاع الصناعة والزراعة والمصارف والخدمات والقطاع الصحي، والإسكان والنقل البحري والجوي والبري والاستثمار في المطارات وسكك الحديد والسيارات والطرق وغيرها من الخدمات التي يحتاج إليها الوطن ويساهم فيها من خلال التحول الاقتصادي 2020، والرؤية السعودية 2030». واستطرد بالقول: «إن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده، هي بالاهتمام بالمواطن والاستماع لشكواه من جميع المسؤولين، وعمل الحلول العاجلة لتوطين الوظائف وكبح معدلات ارتفاع التضخم، والسيطرة على غلاء الأسعار، وترشيد الاستهلاك في الماء والكهرباء والطاقة، وإيجاد حلول سريعة لمشكلة البطالة والإسكان، والخدمات الصحية من الازدحام، وهذا يتطلب مزيداً من الشفافية، والمسؤولية ومكافحة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وتفعيل دور نزاهة، ومجلس الشورى في مراقبة صرف المال العام على المشاريع، والتعيينات في المناصب العامة والخاصة».