بدا ان الهجمات الارهابية مرشحة للتصاعد في منطقة الساحل، اذ استهدف مسلحون مقرين للأمم المتحدة في مالي بعد ساعات من هجوم على مطعم في واغادوغو اسفر عن 18 قتيلاً، بينهم العديد من الاجانب. واتجهت اصابع الاتهام في الهجمات الى تحالف فلول «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي»، فيما شدد الرئيس الفرنسي فرنسوا ماكرون الذي تقود بلاده عملية لمكافحة الارهاب شمال مالي، على ضرورة تفعيل قوة مشتركة من دول المنطقة لهذا الغرض. واعلنت الاممالمتحدة امس، سقوط تسعة قتلى هم جندي من قوة حفظ السلام في مالي ومتعاقد مدني وسبعة حراس ماليين في احدث هجوم يطاول بعثاتها في هذا البلد الافريقي المضطرب. وقتل احد جنود حفظ السلام التوغوليين وجندي مالي في هجوم الاثنين في مدينة دوينتزا في اقليم موبتي في وسط البلاد، وفقا لبعثة الاممالمتحدة في مالي المعروفة اختصاراً باسم «مينوسما». وقبل أن يحل المساء، اقتحم ستة رجال مسلحين بقنابل يدوية ورشاشات كلاشنيكوف مدخل بعثة الاممالمتحدة في تمبكتو التاريخية شمال شرقي البلاد، كما افادت الاممالمتحدة في بيان منفصل. وفتح المهاجمون النار على حراس البعثة ما أسفر عن مقتل خمسة منهم جميعهم ماليون، اضافة الى دركي مالي ومتعاقد مدني مع البعثة لم يتم الكشف عن جنسيته، كما افاد ناطق باسم الاممالمتحدة في نيويورك. لكن مصدراً في الأممالمتحدة قال أن ستة حراس قتلوا في حين اشار بيان المنظمة الدولية الى أن حارساً سادساً جرح. وقتل مسلحان يعتقد انهما ارهابيان في هجوم دوينتزا، فيما قتل ستة في هجوم تمبكتو. ودان الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش في بيان، الهجومين مؤكداً أن الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام «يمكن ان تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي». ودعا مجلس الامن مالي الى التحقيق في الهجمات وتقديم المسؤولين عنها للعدالة. ويكشف الهجوم الصعوبة التي تواجهها الاممالمتحدة للحد من سقوط قتلى في صفوف قواتها في مالي حيث تتكبد بعثتها اكبر الخسائر بين البعثات الدولية في العالم. واضافة الى القتلى، أصيب احد جنود حفظ السلام في هجوم دوينتزا، فيما أوقع هجوم تمبكتو سبعة جرحى هم حارس مالي وستة من الجنود الدوليين بينهم اثنان جروحهما خطرة. وقال رئيس البعثة محمد صالح صالح النظيف في بيان، إن «الكلمات لا تسعني لادانة هذا العمل الحقير والجبان الذي اتى بعد ساعات قليلة من الهجوم الارهابي في دوينتزا». وتابع: «ينبغي أن نستجمع جهودنا للتعرف إلى المسؤولين عن هذه الافعال الارهابية وتوقيفهم ليدفعوا ثمن جرائمهم في المحكمة». وقال مصدر أمني مالي أن حراس البعثة في تمبكتو «قتلوا على الفور» قبل أن يلفت الهجوم انتباه القوات المالية والمروحيات الفرنسية المتواجدة في المنطقة، والتي هاجمت المسلحين. وسقط شمال مالي في آذار (مارس) 2012 تحت سيطرة مجموعات مرتبطة بتنظيم «القاعدة». ورغم طرد القسم الاكبر منهم في عملية عسكرية دولية بدأت في كانون الثاني (يناير) 2013 بمبادرة من فرنسا ولا تزال جارية، تتواصل الهجمات على المدنيين والجيش المالي وبعثة الاممالمتحدة والقوات الفرنسية. ولا تزال هناك مناطق واسعة خارج سيطرة هذه القوات. ويأتي هجوما مالي بعد ساعات من الهجوم الذي استهدف مساء الأحد مطعماً تركياً في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو. وتدفع فرنسا مجموعة دول الساحل الخمس الى تشكيل قوة مشتركة لمكافحة الجهاديين في المنطقة. ويفترض ان تضم هذه القوة العسكرية المشتركة خمسة آلاف رجل من الدول الخمس (موريتانيا وتشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو). وتحتاج القوة إلى تمويل بقيمة 400 مليون يورو (471 مليون دولار). واعلن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه ناقش مع رئيس بوركينا فاسو روش مارك كابوري الوضع الحالي والدور المحتمل للقوة العسكرية المتعددة الجنسيات لمواجهة الارهابيين في منطقة الساحل. واشار مكتب ماكرون في بيان الى انه اتفق مع كابوري على «ضرورة» الإسراع في تشكيل القوة الجديدة. وأضاف البيان ان الرئيسين «سيتواصلان معا مجدداً خلال الأيام المقبلة ومع رؤساء دول آخرين في المنطقة بشأن التقدم الذي تم تحقيقه» في هذا الصدد. ويرى بعض المراقبين أن مبادرة ماليوموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد تشكل الأساس لاستراتيجية تسمح في نهاية المطاف بانسحاب حوالى أربعة آلاف جندي فرنسي موجودين حالياً في تلك المنطقة المضطربة. ولكن ماكرون قال إن باريس ليست لديها خطط لسحب هذه القوات. في واغادوغو قالت ممثلة الادعاء البوركيني مايزا سيريمي إن اللذين نفذا الهجوم على مقهى ومطعم «عزيز اسطنبول» في واغادوغو «كانا شابين بشرتهما سوداء، وقد ذهبا إلى المعركة من أجل الموت»، في اشارة الى انهما انتحاريان. وأضافت مايزا سيريمي خلال مؤتمر صحافي في واغادوغو أن «المهاجمين قدما إلى مسرح الجريمة على متن دراجتين ناريتين، وكان كلاهما يحمل رشاشاً من طراز كلاشنيكوف»، مشيرة إلى «العثور في المكان على العديد من المخازن، بعضها كان فارغا وبعضها الآخر مليئاً بالطلقات».