شهدت إحدى رحلات الخطوط السعودية المتوجهة من دبي إلى الرياض خلال هذا الأسبوع حادثة غريبة، تمثّلت في مشادة بين إحدى الراكبات ومضيف سعودي على الطائرة! يقول المضيف إنه «وبعد إقلاع الطائرة كررت فتاة عشرينية تنقلاتها بين الدرجتين السياحية والأولى عن طريق مطبخ الطائرة، كون أسرتها كانت في الدرجة الأولى وهي كانت في الدرجة السياحية، وإنه حاول إفهام الفتاة أن التنقل بهذه الطريقة ودخول مطبخ الطائرة أمر ممنوع على متن طائرات الخطوط السعودية، قبل أن يفاجأ برد الفعل الغاضب للفتاة التي بدأت بالتلفّظ عليه بألفاظ سيئة والإشارة إلى أنها شخصية مهمة ولن تطبّق النظام، (بحسب شكوى المضيف)، ما دفعه للرد عليها، فعادت الفتاة إلى لغة التهديد وأكدت أنها لن تترك الأمر يمر مرور الكرام، خصوصاً أنها «شخصية مهمة»، بحسب قولها». انتهى الخبر ولم تنته أسئلتي: ما معنى شخصية مهمة؟ ماذا تعني؟ هل تعني شخصية ديبلوماسية؟ وإذا كانت شخصية ديبلوماسية أو تنتمي لها أليس من الواجب أن تتمثل بأخلاق معينة منحت على أساسها هذا اللقب؟ هل تعني شخصية غنية؟ وهل النظام مقتصر على الفقراء والغلابة والناس العاديين فقط؟ أم هو نظام صنع ليمتثل به الجميع بما يخدم مصلحة الجميع المتساوين في الحقوق والواجبات وتطبيق النظام أيضاً؟ ثم هل «الشخصيات المهمة» من حقها التلفّظ على الغير؟ وهل من حق فعل كل ما يحلو لها بناء على ما تعتقده عن نفسها من أهمية؟ تذكرت وأنا أقرأ هذا الخبر الذي يتكرر دائماً بحسب ما تذكره الأخبار ونراه بأعيننا في المطارات والطائرات وغيره موقف شهدته، إذ جلست بجانبي في إحدى سفرياتي إحدى السيدات، وجاءت المضيفة وسألتها «لحم ولا دجاج» ففكّرت لثوانٍ وقالت لها «جيبي لحماً»، وضعت لها المضيفة الطبق على الصينية وبدأت في تذوقها، و«نغبشت» في الصحن والرز وقطعت اللحم إلى أوصال، وبعد دقائق نادت على المضيفة وقالت لها «جيبي لي دجاجاً»، قالت لها لقد استخدمتِ الطبق، قالت لها أقول لك شيلي هذا وجيبي الدجاج بسرعة «مو على كيفك على كيفي أنا شخصية مهمة»! ونظراً إلى حدة الأصوات وتداخلها ما بين مضيفة تشرح لها عدم قدرتها على تبديل الطبق المستخدم حضر كبير المضيفين وقام بفض الاشتباك اللفظي الذي كنت أتوقع أن يستمر أو يتحول إلى جسدي قد أنال منه «كبشة» رز أو ورك دجاجة أو صحن جلي أحمر اللون قد يعيد صباغة وجهي، طلبت من المضيفة أن تنقلني من جانب السيدة المهمة بأسرع وقت ممكن خشية أن أتدخل كالعادة مطالبة بتطبيق النظام على الجميع وشرح موقف المضيفة التي تورّطت مع شخصية مهمة فينالني ما لا أتوقعه، خصوصاً لو فكّرت مجرد التفكير في استخدام الجملة نفسها وأخبرتها بأنني شخصية مهمة أيضاً، لذلك أقترح أن تكون هناك طائرة خاصة لكل من لديهم مشكلة مهمة تتمثل في إحساسهم السطحي بالعظمة الذي سيجعلهم يعتقدون أنهم فوق النظام وفوق البشرية لأنهم شخصيات مهمة! سؤالي الأخير.. هل يتمكّنون من التفوّه بذلك على الخطوط الأخرى أم أن عشمهم الكبير بخطوطهم يضخم عندهم الشعور ب «الميانة»؟ [email protected]