في وقت يمضي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عطلته الصيفية مع زوجته بريجيت في مارسيليا، تتناول الصحف الفرنسية الصعوبات التي سيواجهها فور عودته من عطلة أرادها قصيرة. وقال الناطق باسم الحكومة كريستوف كاستانير المسوؤل القريب من الرئيس والمخول الحديث مع الصحافيين، إن «الموسم الأول لإعادة تكوين الوضع وتجاوز السياسة القديمة قد انتهى، والآن سيبدأ الموسم الثاني، وهو التصويت على الموازنة، وهذا سيكون فيه مطبات». ويعاني ماكرون من تراجع كبير في استطلاعات الراي مع تأييد لا يتجاوز نسبة الثلث، وهي الاضعف من نوعها لرئيس فرنسي لا يزال في الفترة الأولى من ولايته. والمفارقة ان الإحصاء وجد ان زوجة الرئيس تحظى بشعبية كبرى، وعلى رغم ذلك لا يريد الشعب موقعاً رسمياً لها كمان كان ماكرون يفكر الشهر الماضي. وتفيد مصادر بأنه عدل عن رأيه بعد ان اطلع على موقف مواطنيه. وتحسباً لتآكل شعبيته، سعى ماكرون الى تعزيز حضوره على الساحة الدولية، لذا بدأ بدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى قصر فرساي ثم الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى باريس لحضور احتفال العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز (يوليو) الماضي، وظهر معه في مؤتمر صحافي أظهر تفوقه على نظيره الاميركي في الاطلاع وعمق التفكير. تلا ذلك تنظيم ماكرون محادثات مصالحة ليبية بين المشير خليفة حفتر ورئيس الحكومة الليبي فائز السراج بحضور المبعوث الدولي غسان سلامة في لا سيل سان كلو. كذلك اجرى الرئيس الفرنسي اتصالات بالعواصم الخليجية باذلاً بذلك مساعي في ما يتعلق بالازمة مع قطر، وزاره ولي العهد الاماراتي الشيخ محمد بن زايد كما ان الرئيس الفرنسي زار المغرب والتقى الملك محمد السادس، اضافة الى استقباله رئيس السلطة الوطنية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في محاولة لتنفيس التوتر. كذلك اتصل برئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي لمناقشة ما بعد تحرير الموصل. وسيستقبل ماكرون في الخريف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما يستقبل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري نهاية الشهر الجاري، يليه الرئيس اللبناني ميشال عون آخر أيلول. هذه الحركة الديبلوماسية في الايام المئة الأولى من عهده، لم تكن كافية على رغم نشاطها، لمنح ماكرون المزيد من التأييد الشعبي، ذلك لان الأوضاع الداخلية صعبة ولان الإصلاحات التي يعتزم اطلاقها تجد معارضة داخلية. وهناك تشكيك لدى الفرنسيين إزاء إمكان نجاحه، واستياء من إجراءات اتخذها، مثل رفع سعر السجائر الى 10 يورو للعلبة وزيادة ضريبة المساهمة في الضمان الاجتماعي وخفض المساعدة الخاصة للسكن. يضاف الى ذلك مقدار كبير من التفرد بالقرارات وتجميع السلطات في ايدي ثلاثة اشخاص، كما كتبت صحيفة «لوموند»، وهم الى جانب ماكرون، الأمين العام للرئاسة الكسي كوهلر وإسماعيل ايمليين مستشاره الخاص. ويشير تقرير في الصحيفة كتبته المراسلة التي تغطي شؤون الرئاسة، الى ان «هذا المثلث يسيطر على كل النفوذ في إدارة فرنسا وفيه تتخذ كل القرارات الاستراتيجية، مع تجاهل رئاسة الحكومة ووزارة المال». وتفيد الصحافية بأن لا ثقل سياسياً للوزراء الحاليين كونهم تكنوقراط، في حين جرى تقليص عدد مستشاري رئيس الحكومة إدوار فيليب. ويرى مراقبون ان الصعوبات الداخلية وطريقة ادارة فرنسا قد تتغير اذا استمر التراجع في شعبية الرئيس، اذ قد يضطر الى التخلي عن الانغلاق الإعلامي والحرص على ابعاد الصحافيين من الوزراء والاكتفاء بمؤتمرات صحافية رسمية، اذا احتاج الى تحسين صورته في العمق. وهو حتى الآن ركز على صوره مع زوجته على الدراجة او هو يلعب كرة، لكن الظهور في الصحف الواسعة الانتشار على طريقة عائلة كينيدي، امر لا يكفي في فرنسا.