تبدو فرص بقاء وزيرة العمل الفرنسية مورييل بينيكو في منصبها موضع تساؤل في ضوء تحقيق قررت النيابة العامة الباريسية فتحه حول زيارة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لاس فيغاس في كانون الثاني (يناير) الماضي، عندما كان وزيراً للاقتصاد. وعلى رغم ان التحقيق بتهمة المحسوبية فتح بحق «شخص غير محدد»، فإن المستهدفة من خلاله هي بينيكو التي تولت تنظيم رحلة ماكرون للترويج للصناعات الفرنسية الالكترونية المتطورة، كونها كانت تدير مؤسسة «بيزنس فرانس» التي تتولى تعريف المستثمرين الاجانب بمزايا المنتجات الفرنسية. وتبين للمحققين بعد بلاغ تلقوه من المراقب المالي العام ل «بزنس فرانس» ميشال سابان ان هذه الرحلة تم تنظيمها لوكالة «هافاس» من دون ادنى مراعات للقواعد المتبعة وخصوصاً من دون اي مناقصة مسبقة لقاء مبلغ قدره 315 الف يورو. ونشرت صحيفة «ليبراسيون» رسائل الكترونية تم تبادلها بين مكتب ماكرون وبينيكو حول تنظيم الرحلة ومقتطفات من نص البروتوكول الذي وقع مع هافاس بعد الرحلة وليس قبل ويشير الى ان عدم الالتزام بالقواعد المعتمدة مرده الى حجم الحدث وقصر المدة المتاحة لإعداده. وذكرت الصحيفة ان بينيكو ابلغت مجلس ادارة «بزنس فرانس» بما حصل بعد مرور سنة على الرحلة وقدمت للمجلس تقريراً منتقصاً يقلل من شأن المخاطر القضائية التي تترتب على طريقة إعدادها رحلة ماكرون. وفي حال قررت النيابة العامة احالة بينيكو على التحقيق فإنها ستجد نفسها ملزمة بالتخلي عن حقيبتها الوزارية وفقاً للقاعدة التي قرر ماكرون اعتمادها وأعاد التذكير بها الوزير الناطق باسم الحكومة ريشار كاستانير. ويشكل مثل هذا القرار بالتأكيد أنباء غير سارة للحكومة الفرنسية، ذلك ان بينيكو مكلفة بتطبيق واحدة من ادق الاصلاحات التي وعد بها ماكرون واصعبها وهي اصلاح قانون العمل واضفاء مرونة على اجراءات الصرف والتوظيف. كما ان مثل هذا القرار لا يساعد ماكرون الذي تعهد بإحاطة نفسه بأشخاص لا غبار عليهم، وكلف حكومته بإعداد قانون حول الاخلاق والنزاهة في الحياة العامة. ويأتي قرار التحقيق حول رحلة لاس فيغاس غداة مثول رئيس الكتلة البرلمانية لنواب حركة «الجمهورية الى الامام» ريشار فران أمام المحققين في قضية محسوبية في حق زوجته عندما كان رئيساً لتعاونيات منطقة بريتاني عام 2.11. وكان فران تخلى عن منصبه في الحكومة حيث تولى حقيبة التجانس المناطقي بسبب هذه القضية مثلما تخلت وزيرة القوات المسلحة سيلفي غولار عن منصبها بسبب قضية وظائف وهمية في البرلمان الاوروبي وتبعها الى ذلك وزير العدل فرانسوا بيرو ووزيرة الشؤون الاوروبية مارييل دوسارنيز. وخلال الخطاب الذي القاه الاسبوع الماضي في قصر فرساي تطرق ماكرون بشكل غير مباشر الى هذه القضايا، داعياً الى الكف عن السعي الى الفضائح والاثارة، محذراً من الاذى الذي يلحق بأولئك الذين يزج بهم في اطارها، علماً أنه هو نفسه وعد خلال حملته بجمهورية شفافة ونموذجية.