الخلاف في السياسة لا يفسد للتعاون في ملفات أخرى قضية، خصوصاً إذا كان التعاون في الفضاء بعيداً من هموم الأرض، ومشكلاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية. وكالة الفضاء الروسية «روس كوسموس» أكدت أنها تأمل بألاّ يؤثر التوتر الشديد في العلاقات الروسية - الغربية في تعاون موسكو مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية. وحذّر مدير الوكالة الروسية إيغور كوماروف من «تأثيرات خطرة في البحوث الكونية»، في حال انعكست الصراعات السياسية على الأرض، على العمل المشترك في الفضاء. ونبّه إلى أن «الشركاء (الأميركيين والأوروبيين) يفهمون ذلك تماماً وأي قرارات متسرّعة من شأنها أن تعيدنا إلى وراء، والكل يعي أن لدينا مصالح مشتركة في التعاون، لأننا نعتمد كثيراً على بعضنا بعضاً، سواء في البحث العلمي أو نشاطات المحطة الفضائية الدولية». وكان نائب رئيس الوزراء الروسي لشؤون التعاون العسكري والتقني ديمتري روغوزين، أكد أن بلاده وعلى رغم كل التوتر مع واشنطن لن توقف تصدير محركات صواريخ من طراز «RD-180»، لأن ذلك «سيضر المصلحة الوطنية». وجاء هذا التأكيد على رغم قرار الكونغرس، بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم، منع وزارة الدفاع الأميركية من استخدام المحركات الروسية في صنع الصواريخ الفضائية، قبل أن يُخفّف الحظر جزئياً، بسبب حاجة الطرفين إلى استمرار التعاون في هذا المجال. وبالتوازي مع ازدياد حدة التصريحات المتبادلة بين الطرفين، بعد تبنّي قانون العقوبات الجديد ضد روسيا، تجنّبت وسائل إعلام رسمية روسية وهي تضع لائحة «الردود» المحتملة على العقوبات، الإشارة إلى تراجع موسكو عن التعاون في مجالات الفضاء. وأوضح خبراء أن السنوات الأخيرة أظهرت ضرورة عدم تعريض العمل المشترك في الفضاء لهزّات، أيّاً تكن طبيعة الصراعات السياسية. لكن ذلك لم يمنع بروز «تنافس» عكس رغبة كل طرف في تثبيت وجهة نظره حيال الأحداث على الأرض، أمام مخلوقات كونية مزعومة قد تقرأ يوماً رسائل تأتيها من الأرض. وهذا ما برز في إعلان وكالة الفضاء الروسية تنظيم مسابقة لجمع مقاطع فيديو قصيرة وإرسالها إلى المحطة الفضائية الدولية لتشكل «أرشيفاً أرضياً» يخاطب الفضاء الخارجي. وهدف المسابقة هو تقديم أفضل المقاطع التي تُظهر جمال الأرض والانفعالات الإنسانية، على أن تُصوَّر بكاميرا الهاتف الخليوي. وجاءت المسابقة التي حملت عنوان: «ارفع رأسك»، رداً على إعلان «ناسا» إطلاق «كبسولة الزمن» قريباً إلى الفضاء، حاملة أفضل تعليقات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وأعلنت وكالة الفضاء الأميركية أنها تجمع أفضل تعليقات لرواد مواقع التواصل من أجل إرسالها إلى مسبار الفضاء «فوياجر»، عبر الاستعانة بتصويت جماهيري. وقالت مديرة المشروع سوزي دود: «ربما يختفي كوكبنا من الوجود، بينما سيظل فوياجر يرحل في الفضاء الكوني مدة طويلة، ما الذي تودون كتابته في رسالة كبسولة الزمن؟ ما الأمنيات الطيبة التي تودون حملها لسفيرنا إلى النجوم»؟ الرد على السؤال جاء من مدوّن روسي، تساءل عن «الفكرة التي يسعى كل طرف إلى نقلها إلى العالم الخارجي»، وهل تخلو بالفعل من مغازٍ سياسية، تعكس الصراعات على الأرض. واقترح أن تحمل «كبسولة الزمن» ومقاطع «الفيديو الروسي» عبارات «تدلّ بوضوح على آليات تفكير كل طرف وعمله»، مثل عبارة الرئيس دونالد ترامب عن «شكر روسيا لأنها أبعدت ديبلوماسيين أميركيين، كون هذا الإجراء يقلّص نفقات واشنطن»، وعبارة الوزير سيرغي لافروف عن أن «واشنطن تُشرف مباشرة على نشاط المعارضة في كل بلد».