أوضح الكاتب الناقد الفني يحيى مفرح زريقان أن دور المؤسسات الثقافية والفنية في دعم المواهب وصقلها مفقود؛ «كون القائمين عليها لا علاقة لهم بها لا من قريب ولا بعيد»، مشيراً إلى أن ذلك «نتاج طبيعي لتفريغ المجتمع من معطياته خلال ثلاثة عقود مضت، وآلت النتيجة إلى انحراف المواهب والطاقات الواعدة إلى غير ما ترغب، إلا ما رحم ربي، ولا بد لنا أن نتفاءل بالغد». وقال زريقان ل«الحياة» إن المسرح السعودي ظلم كثيراً، «لدينا مسرح بلا مسرحيين، لدينا مسارح على مستويات عالية، لكنها تعاني فراغ العروض، كما أن لدينا عروضاً مسرحية تقدم خارج الحدود، ونحن محرومون منها»، موضحاً أنه يوجد «شيء ما خطأ لدينا في موضوع المسرح، لكن لعل المقبل من الوقت يصحح دور المسرح وينهض به فيعود إلى سابق عهده». ولفت إلى أن مسرح الإذاعة والتلفزيون وعودته لتغذية الحياة اليومية بحاجاتها «يرتبط باهتمام وزير الثقافة والإعلام». ودعا إلى الصبر على «هيئة الترفيه»، بصفتها «قطاعاً حديث التكوين، لا بد من الصبر عليه وتوجيهه لتلبية حاجات الناس»، معتبراً ما حدث من تنفيذ فعاليات برسوم باهضة «خطأ فادح، كون القائمين على الهيئة بعيدين عن مضمون النشاط الفني وماهيته، زد على ذلك عدم معرفتهم بأحوال الجمهور، وهم من الشباب، وتجربة جمهور كرة القدم كان يفترض أن تكون معياراً لرسوم فعاليات هيئة الترفيه، ونتمنى مستقبلاً تلافي ذلك الأمر». ويرى زريقان، الذي ترأس وأدار تحرير عدد من المطبوعات، وأعد عدداً من البرامج، أن الشيلات أُخرجت من إطارها الحقيقي بوصفها موروثاً، «ودُفع بها حيلة لتصبح مشروعاً ثقافياً بديلاً عن الأغنية، ولم ينجح المشروع، وبقيت آثاره، وعلينا معالجته واحتواؤه، كونها نتيجة حتمية لأزمة ثقافية نعاني منها، في ظل تفريغ المجتمع من مقدراته الإنسانية، وتشويهه والعبث به على مدار ثلاثة عقود من الزمن». وكان زريقان قدم ورقة في الملتقى الثقافي، الذي يشرف عليه الدكتور سعد البازعي، بعنوان: «طلال مداح ودوره في تشكيل الخطاب الفني السعودي»، هدف منها إلى «إيضاح أهم التحولات والمؤشرات التي حرص طلال مداح على تضمينها، ودور الفنان النهضوي في الفنية داخل مسارات المجتمع المتعددة، وهي البعد الوطني، فطلال مداح بأغنيته «وطني الحبيب» لعب دوراً محورياً في إشعال قنديل الوحدة الوطنية في مجتمع متعدد الأعراف والأجناس والطوائف، ونجح في جذب المجتمع لتعاطي الفن الغنائي والموسيقي بمثابة رافد مهم في رسم شخصية الفرد في وطنه وتحويله إلى عنصر إيجابي في الحياة، قادر على مواكبة ما يجري حوله، الأمر الذي جعل طلال مداح رائداً ومؤسساً للأغنية السعودية الحديثة». تطرق زريقان إلى الأغنية وإلى الفن إجمالا، وما يعانيه في الوقت الراهن، ورؤيته المستقبلية حوله، قائلاً: «الأغنية بوصفها قيمة ودوراً وملمحاً وخطاباً هي الأغنية ذاتها، فالأجيال التي احترمت الأغنية وتعاملت معها أنها قيمة انعكس أثرها علينا في وعينا وذوقنا وأخلاقنا وطريقة تفكيرنا وتعاطينا مع الآخر على النحو الأمثل، بينما أغنية اليوم بلا ملامح، وبلا هوية، وبلا مشاعر، وبلا موقف فكري»، مضيفاً أن الأغنية الجميلة «مازالت على قيد الحياة، ومكانها شاغر، ولكن لا يوجد فنان جميل يليق بها ليقدمها إلى المتلقي، والفن السعودي جُل ما يحتاج إليه الأن هو الصدق». وتراود زريقان فكرة مشروع فني يسعى إلى تنفيذه، وهو «مشروعي الذي أتمناه ويشكل حجر الزاوية في حياتي هو توثيق تاريخ الأغنية السعودية».