لأول مرة في العاصمة الرياض ومنذ سنوات طويلة تُعزف الموسيقى في جو شاعري ممطر حمل زخات من الحنين لصوت الأرض طلال مداح رحمه الله في أمسية مميزة أقيمت إحياء للذكرى الثانية عشرة لرحيله على مسرح مركز الملك فهد الثقافي وبحضور جماهيري مميز تفاعل برقي مع ليلة الوفاء التي تحدث فيها الدكتور عدنان خوج عن مآثر الفنان الراحل. وقدم الأمسية الإعلامي عبدالعزيز العيد فيما أدارها الإعلامي القدير يحيى زريقان الذي افتتح الأمسية بقوله "إن لدينا إرثاً وقامات فنية كبيرة تستحق الوقوف عندها طويلاً ومنهم طلال مداح الذي لا يعتبر مجرد فنان فقط بل هو مجد صنع انقلاباً في ذائقة المتلقي في ذلك الوقت"، ليبدأ بعد ذلك في تقديم ضيف الأمسية د. عدنان خوج والتعريف بمسيرته مع الموسيقى والألحان وعلاقته بطلال مداح والتي توّجها بالرسالة البحثية التي نال بموجبها الدكتوراة من جامعة السوربون الفرنسية. وبدأ خوج حديثه في الأمسية بشكر جمعية الثقافة والفنون على هذه اللفتة الكريمة في إقامة "ليلة وفاء" للراحل الكبير. ثم عرج بعدها على علاقته بطلال مداح حيث قال "بداية معرفتي بطلال عندما كنت صغيراً في المدينة حيث كنت مجرد مستمع ولما ذهبت إلى جدة أخذ بيدي في بداية طريقي وفي القاهرة قدم لي نصاً لبدر عبدالمحسن باسم "بسكات" وبعد أن وضعت له لحناً قام الأستاذ طلال بالتعديل عليه حتى ظهر بالشكل الذي يعرفه الجمهور". وأشار خوجه إلى مكانة الفنان الراحل على المستوى العربي مؤكداً أن هناك الكثير من الفنانين الذين قلدوه "لأنه فنان شامل وعبقري.. نبغ في التلحين والعزف وقد تعلمت منه العزف والأداء وكان عازف كمنجة مميزا". مضيفاً "التاريخ يحفظ لطلال أنه أول من صنع أغنية سعودية مركبة تحوي كوبليهات متعددة وهي أغنية "وردك يا زارع الورد" وهي تثبت نبوغه الموسيقي الذي تجلّى أيضاً في صياغته ل"عُرب" صعبة لم يستطع الكثير من الموسيقيين تنفيذها وذلك ليثبت تميزه.. وكنت أذاكر بالمعنى الحرفي إذا طلب مني تنفيذها". أما عن الرسالة التي كتبها عنه, فقال خوج إن الرغبة في الكتابة عن الموسيقى وتأريخ حياة طلال مداح كانت تراوده منذ فترة طويلة "وقلت لطلال إني أرغب بعمل رسالة عنه لكنه توفي رحمه الله قبل أن يرى الدراسة وذهبت لفرنسا وقدمت بحثي لجامعة السوربون". يحيى زريقان متحدثاً في الأمسية وبجانبه د. عدنان خوج بعد ذلك قدمت فرقة الجمعية مجموعة من أغاني طلال مداح بقيادة الفنان الشاب عبدالرحمن الحسن سبع أغان وأولها أغنية "بالإشارة" من ألحان خوج وكلمات خفاجي وأغنية "بسكات", وأغنية "تصدق ولا أحلف لك", وأغنية "ظالم ولكن", وأغنية "أنا راجع أشوفك", وأخيراً الأغنية الخالدة "وردك يا زارع الورد". وبعد اختتام فقرات الأمسية توجهت "الرياض" لرئيس جمعية الثقافة والفنون بالرياض الأستاذ رجاء العتيبي لتسأله عن انطباعه عن هذه الليلة التي نظموها باقتدار فقال "بحمدالله كانت أمسية مميزة رغم أن الجمهور لم يكن يتوقع أن نقدم على عزف أغاني طلال على خشبة المسرح وبإذن الله وبعد نجاح هذه الليلة سنعمل على أن تكون منطلقاً لمثل هذه الأمسيات المتميزة التي نسعى من خلالها لتغيير نظرة الجمهور نحو الموسيقى ونشاط الجمعية". وقال العتيبي إن طموحهم كبير لإنعاش الفنون في العاصمة "ولدينا دليل بأنشطتنا في العام الحالي 1433 ه وكنا قد بدأناها بأمسية نقدية عن أغاني خالد عبدالرحمن وها نحن الليلة نحتفي بالعظيم طلال مداح في أمسية تعتبر الأولى التي تقام على شرفه في مدينة الرياض". ومن جانبه قال الأستاذ مشعل الرشيد في الذكرى 12 لرحيل صوت الأرض "سعدتُ بحضور الأمسية وكنت سأكون أكثر سعادة لو أن الدكتور عدنان خوج قدم للحضور ورقة عمل تلخص مضمون رسالة الدكتوراة في الراحل طلال مداح ليطلع الحضور على الإمكانات الفنية الموسيقية لدى طلال من الناحية العلمية مع عرض تطبيقات لذلك لكن المحاورة التي تمت معه والتي أدارها الاستاذ يحيى زريقان أعطت شيئاً من حياة طلال وسيرته الإنسانية والفنية وزاد المحاورة جمالاً تفاعلات الحضور من خلال مداخلاتهم التي عبرت عن ذكرى طيبة يحملها الجمهور الفني للراحل طلال وجميل أيضاً أن تختتم الأمسية بمجموعة من أغاني طلال قدمها فنانو القسم الموسيقي بالجمعية.. وأتمنى من القائمين على الجمعية تخليد ذكرى الفنانين الراحلين أمثال عبدالله محمد، وسعد إبراهيم، وطارق عبدالحكيم، وسلامه العبدالله، وحمد الطيار وغيرهم من الذين صنعوا لبلدنا فناً غنائياً مازال حاضراً في الوجدان". أما الفنان خالد سامي الذي حضر الأمسية فوجّه شكره لجمعية الثقافة والفنون "على الاحتفاء والوفاء للراحل طلال مداح وهذا الأمر يعد من الأمور التي تشير إلى وعي ثقافي وفني افتقدناه من سنوات طويلة والآن تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي في الفنون وهي الاحتفاء بالمبدعين من أبناء الوطن". خالد سامي متحدثاً ل «الرياض» الفنان عبدالرحمن الحسن يغني روائع طلال مداح