أبدى الناقد الفني والإعلامي يحيى زريقان تفاؤله بتطور الأغنية السعودية، وقال «مازلنا متفائلين، فالأرض ولاّدة، وسيأتي شاب يقدم لنا الأنموذج الحقيقي للأغنية السعودية الذي يجمع عليه الناس جميعاً». جاء ذلك مساء أمس في أمسية ألقاها زريقان بعنوان «أثر النص الشعري الفصيح على انتشار الأغنية المحلية محلياً وعربياً»، وجرت في صالة المحاضرات بنادي المنطقة الشرقية الأدبي، في مقره بالدمام، تحت إدارة الشاعر طلال الطويرقي. وأشار زريقان إلى بعض النماذج للنصوص الشعرية الوطنية الفصيحة المتميزة، ومنها «روحي وما ملكت يداي فداه»، لمصطفى بليلة، وقدمها طلال مداح عام 1961م، إذ عمل على تقوية العلاقة بين المواطن ووطنه، فجاءت اللغة الفصحى تجسيداً لمتانة العلاقة بين الأرض والإنسان المكلف بإعمارها وتنميتها وحمايتها. وذكر نصاً آخر لطاهر زمخشري يتعلق بعقيدته في نصه «أهيم بروحي»، والعقيدة بحسب زريقان إحدى أغراض الشعر السعودي. وثالثاً للزمخشري بعنوان «علميني يا حياتي»، تجلت فيه الصورة الشعرية التي تركت أصداء كبيرة. وتطرق زريقان إلى نصوص غير معاصرة، كغناء محمد علي سندي قصيدة أبي فراس الحمداني «أراك عصي الدمع»، وطلال مداح قصيدة ابن زيدون «بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا». وأشار إلى «سويعات الأصيل»، كونها إحدى أهم المحطات الغنائية التي عرفت في الموسيقى السعودية، وهي قصيدة يتيمة لم يعرف كاتبها بعد. وقال زريقان «عبدالله زنيد يملك تفاصيل ولادة الأغنية في مكتبه، ولم يفصح عنها، وليته يسمعنا فيشرح لنا ملابسات القضية هنا في النادي الأدبي». وأكد زريقان أن حقبة الستينيات والسبعينيات شهدت نمواً في النهضة الثقافية، ومنها انتشار الصوالين الأدبية، كصالون «حسين شبشكي» الذي كان يتردد عليه عدة أسماء، وكوكبة من الأدباء والمثقفين، وكان عريفه الإعلامي بدر كريم. وأشار إلى تعاونات عدة أنضجت تجربة الموسيقى السعودية في منتصف السبعينيات الميلادية، وقيام بعض فناني العرب بالتغني بالقصائد والألحان السعودية، كأم كلثوم، ووديع الصافي، وفايزة أحمد، وعزيزة جلال، وسميرة سعيد، ووردة الجزائرية. وأضاف أن الشاعر إبراهيم خفاجي كتب النشيد الوطني السعودي، واشتق لنفسه منهجاً ثقافياً، مشيراً إلى تطور المنهج الشعري السعودي، بقصائد الدكتور غازي القصيبي التي تغنى بها عدد من الفنانين، كمحمد عبده. وأبدى زريقان اقتناعه بأنه لا يوجد «نص غنائي»، فالشعر هو الشعر بحسبه، مستدركاً أن الأمور سارت على غير ما نريد فبتنا نسمع كلاماً غير جيد. وتخللت الأمسية مداخلات فنية وثقافية، أجاب عليها زريقان بأن دور طلال مداح في الأغنية كان محورياً ومفصلياً، وموهبته جعلت له سياقاً خاصاً به، فقفز متجاوزاً لما كان سائداً من قبل.