كاد مجلس الوزراء اللبناني يهتز في جلسته أمس، بخروج وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة من الجلسة احتجاجاً، كما قال «على تجاوز صلاحيات المجلس والوزراء جماعياً وإفرادياً وامتناع الرئاستين الأولى والثالثة عن توقيع مرسوم كان أقره مجلس الوزراء ووقعت بموجبه اتفاقية الهبة المقدمة من البنك الدولي لمختلف قطاعات وزارة التربية ومناهجها، عبر المركز التربوي ودعم هيكلية الوزارة البنيوية والبشرية ومساندة مشروع تعليم الأولاد غير اللبنانيين «النازحين السوريين». وكاد «الاهتزاز» يتوسع بطلب وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبو عاصي (حزب القوات اللبنانية) ضرورة حسم مسألة التنسيق مع النظام في سورية انطلاقاً من رفض حزبه له، ما استدعى سجالاً شارك فيه عدد من الوزراء بين رافض ومؤيد، فبادر رئيس الحكومة سعد الحريري الذي رأس الجلسة إلى طي الخلاف، مؤكداً أن لا تنسيق مع هذا النظام، وطلب شطب جميع المداولات التي دارت في هذا الخصوص بين الوزراء من محضر الجلسة، إضافة إلى اعتباره أن من يذهب من الوزراء إلى دمشق لا يمثل الحكومة، وإنما يذهب بصفته الشخصية وبلا تكليف من مجلس الوزراء، في إشارة مباشرة إلى عدد من الوزراء الذين ينوون الذهاب إلى العاصمة السورية للمشاركة في مؤتمر يعقد فيها ويخصص لإعادة إعمار سورية. وافتتح الحريري الجلسة بقوله إن المجلس الأعلى للدفاع انعقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون. وأكد تكليف الجيش اللبناني بتحرير جرود بلدات الفاكهة والقاع ورأس بعلبك من تنظيم «داعش» الإرهابي، على أن يعود للمؤسسة العسكرية وحدها تحديد التوقيت المناسب. هبة البنك الدولي ثم طلب حمادة الكلام وأثار، كما علمت «الحياة» من مصادر وزارية، مسألة عدم توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على المرسوم الذي كان وقعه وزميله وزير المال علي حسن خليل والمتعلق باتفاقية الهبة المقدمة من البنك الدولي، وقيمتها مئة مليون دولار لمختلف قطاعات وزارة التربية، خصوصاً أن عدم التوقيع على المرسوم قد يؤدي إلى عدم الإفادة من هذه الهبة بسبب نفاد الوقت المحدد لها... ولفت حمادة إلى أنه والوزير خليل كانا فوضا التوقيع على الهبة مع البنك الدولي، وأنهما أعدا مرسوماً لهذه الغاية، لكن مضت أسابيع ولم يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة، على رغم أن مجلس الوزراء كان أقره... وتدخل الحريري في محاولة لتدوير الزوايا بغية تجنب أي مشكلة يمكن أن تحصل واقترح، وفق المصادر ذاتها، عقد لقاء مع مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية وزير التربية السابق الياس بو صعب، فيما قال وزير الخارجية جبران باسيل إن هناك بعض التفاصيل المتعلقة بصياغة المرسوم لا بد من التفاهم عليها. وما كان من حمادة إلا أن رد على ما قيل بتأكيده أن «لا مشكلة في توزيع الهبة وأنا كوزير أحرص على دور الإدارات المستفيدة منها والتابعة لوزارة التربية». وأضاف حمادة: «لا مشكلة في توزيع الهبة وأستغرب ما قاله البعض». وسأل: «هل أن المدير العام لوزارة التربية فادي يرق ينتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي أم أن صونيا خوري المكلفة ملف النازحين في الوزارة عضو في مجلس قيادة الحزب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ندى عويجان رئيسة المركز التربوي بالتكليف (تردد أن هناك صلة قرابة بينها وبين بو صعب). وأصر حمادة على أن يتمسك بصلاحياته المنصوص عليها في اتفاق الطائف، وقال إنه يرفض أن يكون هناك وزراء ظل - في إشارة إلى بو صعب - يتدخلون في صلاحيات الوزير وشؤون وزارة التربية. كما سأل عن الأسباب الكامنة «وراء إصرار بعض وزراء الظل والغرف مغلقة على وضع تنفيذ الهبة خارج التراتبية الملحوظة في القوانين المرعية الإجراء وتخطي المديريات العامة والمركز التربوي، وبالتالي تعطيل إطلاق الورش التي يطالب لبنان يومياً المجتمع الدولي بدعمها، ثم يؤخرها لأغراض شخصية وانتخابية، إن كل هذه الأسباب تدفعني إلى الخروج من الجلسة وربط نزاع أساسي يتعلق بأحكام الدستور والطائف». وتدخل الحريري مجدداً، وقال إنه سيعاد تأكيد الهبة في مجلس الوزراء «حتى لو اضطررنا للتصويت عليها». لكن حمادة همّ بالخروج من الجلسة قائلاً على مسمع الوزراء إنه يعلق حضور الجلسة إلى أن يبت في هذه الهبة. ولحق بحمادة عدد من الوزراء من بينهم نهاد المشنوق ومعين المرعبي وجان أوغسبيان وأيمن شقير في محاولة لإقناعه بالعودة إلى قاعة مجلس الوزراء، فيما تردد أن بو صعب يريد أن يطلق يد خوري في الإشراف على صرف الهبة في المجالات المخصصة لها. وتلقى حمادة اتصالات تضامنية من عشرات النواب، واتصل هو شخصياً برئيس البرلمان نبيه بري لوضعه في الأسباب التي استدعت خروجه من الجلسة وبرئيس «اللقاء الديموقرطي» وليد جنبلاط الذي أثنى على موقفه. الحريري متمسك بالنأي بالنفس وكان الحريري ترأس ظهر أمس في السراي الكبيرة جلسة مجلس الوزراء العادية، واستهلها، وفق وزير الإعلام ملحم رياشي، بالتشديد على «قرار مجلس الوزراء إعطاء الأمر للجيش لاتخاذ ما يلزم، وفي الوقت الذي يراه مناسباً لحسم معركة جرود القاع ضد الإرهاب»، وأكد «أهمية النأي بالنفس كسياسة عامة لحكومة استعادة الثقة وعدم توريط لبنان في صراع المحاور». وعن النقاش الذي دار بالنسبة الى زيارة بعض الوزراء سورية، أجاب رياشي: «مجلس الوزراء لم يتخذ قراراً بهذا الموضوع، لقد تم نقاش مستفيض حوله لكن النقاشات تبقى ملكه والأهم أن أي قرار من مجلس الوزراء كان واضحاً في كلام الرئيس الحريري النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الإقليمية، وإذا أراد الوزير زيارة سورية يذهب بنفسه وليس بقرار من مجلس الوزراء، الذي نأى بنفسه عن المحاور الإقليمية، باعتبار أن الحكومة هي حكومة وحدة وطنية». وفي هذا الإطار، أكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن بعد الجلسة: «أنا سأذهب إلى سورية بصفتي وزيراً للصناعة وسأحضر افتتاح معرض دمشق وسألتقي وزراء زملاء لنا هناك». وأشار الى أن «الدعوة التي وجهت الي من سورية، هي كوني وزير صناعة، وهناك تجارة قائمة بين لبنان وسورية، وهناك نقاط تحتاج إلى معالجة، وهناك علاقة قائمة وهذا الأمر طبيعي جداً». جعجع: محاولة لتعويم نظام الأسد وتزامناً، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أننا ضد أي تعاط رسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية، لأن الحكومة السورية غير موجودة، وأي وزير يريد زيارة سورية يستطيع بصفته الشخصية أن يبادر إلى ذلك، ولكن ليس رسمياً من قبل لبنان، وهذه أمور تهدد بقاء الحكومة». وتمنى جعجع في مؤتمر صحافي على مجلس الوزراء ان «يأخذ موقفا واضحاً وصريحاً تجاه هذا القرار في هذه الظروف». وقال: «نضع ما حصل في مجلس الوزراء في سياق اعطاء دفعة سياسية وديبلوماسية لنظام بشار الاسد لتعويمه»، لافتاً الى «ان سورية لا تزال في صلب الحرب ومن غير المنطقي زيارتها للتحدّث عن إعادة إعمار». واذ ذكّر جعجع «بان الحكومة تشكّلت على اساس واضح وهو وضع المواضيع الخلافية جانباً في مقابل الاهتمام بشجون الناس وشؤونهم»، اشار الى «ان بعض الفرقاء خرقوا هذا الاساس منذ تشكيل الحكومة وحتى اليوم». واضاف: «في موضوع إعادة النازحين السوريين الى سورية، طالب البعض بالتواصل مع النظام لاعادتهم، واوهموا الناس وحاولوا الضغط في مجلس الوزراء على ان عودة النازحين مرتبطة بالتعاون مع الأسد»، قائلاً: «في الأمس تبيّن ان حكومات كبيرة تمكّنت من اتّخاذ قرار بإعادة 100 الف نازح إلى سورية عبر التعاون بين الحكومة التركية والأمم المتحدة، وعندنا في لبنان من يريد التشاور مع الأسد ونسي ان النازحين هاربون اصلاً منه». وتابع: «عندما بادر الجيش لمعركة جرود القاع ورأس بعلبك قال البعض انه يجب التنسيق مع الحكومة السورية، فلِمَ طرح هذا الموضوع؟». واشار الى «ان الجيش يقف على الحدود من اجل محاربة داعش، لذلك لا داعي للتفاوض مع النظام السوري». وشدد على «ان سورية اصبحت مجموعة مناطق نفوذ، والمحاولات التي تحصل ليست في محلها، وتضرّ بالشعب اللبناني وبالحكومة اللبنانية وتعزلنا عن الدول العربية وستدفعنا الى عدم الاستقرار». جنبلاط يتلقى برقية من ولي العهد السعودي تلقى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط برقية جوابية من ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، شكره فيها على تهنئته بتولي ولاية العهد في المملكة العربية السعودية، وفق بيان لمفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي. وكان جنبلاط غرّد عبر «تويتر» قائلاً: «كفى هذا الضجيج الإعلامي حول عملية الجيش في القاع. فلتكن، وما من أحد أصلاً سيناقش الخطة التي رسمتها إحدى الصحف منذ يومين». وأرفق تغريدته بأخرى قال فيها: «بعيداً من التحليلات الاستراتيجية، فإن إقالة القاضي شكري صادر تعود لأنه كان من البارزين في صياغة معاهدة المحكمة الدولية. والسلام». «اللقاء الديموقراطي» يتضامن مع الكويت زار أمس وفد نيابي من «اللقاء الديموقراطي»، باسم رئيسه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، سفير دولة الكويت في لبنان عبدالعال القناعي وأبلغه وقوفه إلى جانب الكويت الشقيقة حكومة وشعباً، واستنكاره أي عمل يطاول أمنها واستقرارها، في إشارة مباشرة إلى وضع اليد على خلية العبدلي التي كانت تخطط للقيام بأعمال تستهدفها. وضم الوفد النواب غازي العريضي، أكرم شهيب، وائل أبو فاعور، إيلي عون، فؤاد السعد، هنري حلو، أنطون سعد وأمين السر العام في «التقدمي» ظافر ناصر. وعلمت «الحياة» أن الوفد النيابي أكد تضامنه الكامل مع الكويت، خصوصاً أن هناك إجماعاً بين اللبنانيين على متانة العلاقات اللبنانية- الكويتية وتقديراً لدور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي لا يميز بين اللبنانيين في دعمه لهم وفي مساعدة الحكومة اللبنانية على تجاوز المشكلات الاقتصادية والمالية. وشدد الوفد النيابي على موقف الكويت الثابت في عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني وعلى حرصها على استقرار لبنان وأمنه وهذا ما يلمسه باستمرار من الشيخ صباح الأحمد الصباح. وأعرب عن ثقته بأن لا تؤثر تداعيات خلية العبدلي في العلاقات الثنائية بين البلدين وأن تعالج عبر القنوات الرسمية اللبنانية- الكويتية بما يؤدي إلى وضع حد لكل هذه الأمور.