على رغم برودة الطقس، وملازمة المواطنين شاشات التلفزة لمواكبة مستجدات ثورة الشباب في مصر، ورغم الاختناقات المرورية في شوارع العاصمة الأردنية عمّان، إلا أن جمهوراً غفيراً، تدفق ليتابع أمسية فنية لمختصين من مسرح «برودواي» في نيويورك، ضمت عزفاً على آلة البيانو، وغناء طاولَ طبقاتٍ صوتية. الأمسية التي أقيمت بالتعاون مع أكاديمية الشباب المبدعين في الأردن والسفارة الأميركية في عمان، على خشبة مسرح المركز الوطني للثقافة والفنون، التابع لمؤسسة الملك الحسين، قدم فيها المغني مايكل باركس ماستيرسن، بمرافقة العازف والمؤلف الموسيقي على آلة البيانو جون فيرغسون، مقطوعات اتسمت باستثارة المشاعر الكامنة لدى جمهور جلّه من الجاليات الأجنبية والفنانين والصحافيين. لم تخلُ الأمسية من حميمية لجهة نظام التواصل، بين المؤدّين والجمهور، خصوصاً لدى تقديم مقطوعات موسيقية تحيل إلى مسرحيات شهيرة مثل «صوت الموسيقى» و «البؤساء» و «قبلة المرأة العنكبوت» وأغانٍ مثل «لا أخشى الغناء والموسيقى في العالم الجديد» و «حصلت على إيقاع» و «أنا بجانبك»... ما جذبَ انتباه الجمهور، خصوصاً أولئك الذين استعادوا الغناء الدافئ في خمسينات القرن الماضي الذي يتسم بالتزامه بالقواعد الكلاسيكية التي حافظ عليها مسرح «برودواي». وفي أغنيات «كتاب الأغاني»، و «مطر لمرة واحدة في إرلندا»، و «الإبحار في البلاد الجديدة»، و «الطريق إلى درج الجنة»، و «الرجل المحب»، طغت الرومانسية بفضاءاتها العاطفية، وظهرَ انجذابٌ حسي فطري، من جمهور بأعمار مختلفة، لثيم الغناء، وللعزف الذي لم تخلُ إيقاعاته من تنوع لحني تراوح بين الضربات السريعة والبطيئة على مفاتيح البيانو. وفي «حلم رجل لامانشا»، و «أبداً لن تسير وحدك في هذا العالم»، و «نهر في المطر»، و «الوجود في الحديقة السرية»، تفجّر المعنى في خضم المشاعر الحالمة، بمرافقة إيقاع لحني هادئ، مضمخ بصور الوجد والحب، ما لفت انتباه الجمهور الأصغر سناً. أغنية الختام «البالون»، شدت إليها الجمهور بفئاته العمرية المختلفة، للقدرة التجسيدية التي تبدّت في قوة صوت ماستريسن، وتنوعه الأدائي العاطفي وإظهار انفعالاته المتباينة، فضلاً عن تنوع الأمكنة التي تجولت فيها ذات المغني، من هضاب وجبال وسهول وبحار، ورصد الألوان الطبيعية البكر فيها. وفي الوقت نفسه، حضّ الإيقاع المتشكّل من ضربات أصابع فيرغسون، أحاسيس المتلقي لملازمة الإيقاعات المتعددة، التي أشاعت جماليات لحنية في فضاءات الأغنية. ويقدم المركز الوطني للثقافة والفنون، وأكاديمية الشباب المبدعين الأميركية من برودواي، والسفارة الأميركية في عمان، دورة تدريبية مكثفة مجانية في فصل الصيف المقبل في مرافق المركز، وبإشراف مايكل باركس ماستيرسن، وجون فيرغسون. وتشتمل الدورة الموجهة إلى الأطفال والشباب، على ورشات عمل تدريبية في التمثيل والرقص والغناء والموسيقى، في الفترة ما بين الخامس والعشرين من (يونيو) حزيران والخامس من (يوليو) تموز المقبلين، وتُختتم بحفل استعراضي غنائي، يشمل رقصات ل «الهيب هوب» ومقطوعات من مسرحيات برودواي الغنائية والموسيقى الكلاسيكية، يقدمها أكثر من 200 شاب وشابة من الأردن، يتم اختيارهم من بين 300 مشارك ومشاركة، أعمارهم بين ست سنوات و25 سنة. وتشكلت لهذه الغاية لجنة تضم جون فيرغسون، ومايكل مامترسون، ومديرة المركز الوطني لينا التل، ومديرة مديرية الفنون رانيا لينا، ومهند نوافلة، بحسب مديرة مديرية دائرة فنون الرقص في مركز الفنون الأدائية رانيا قمحاوي التي تقول في حديثها عن أهمية مثل هذه الدورات، إنها تقدم «نمطاً مغايراً للمسرح الغنائي، كمعطى جديد في الحراك الفني، فضلاً عن تشجيع الإفادة من فنون الرقص والغناء والتمثيل، وإنشاء علاقات وروابط بين المشاركين».