حذّر مدير المركز الدولي للأمن الرياضي محمد الحنزاب مسيري كرة القدم السعودية من مغبة تجاوز الاتهامات التي طاولت منافسات كرة القدم، مشيراً إلى أنها ليست بعيدة عن التلاعب والمراهنات التي من الممكن أن تطاولها بصور شتى، مؤكداً أن ما يحدث سيؤثر في القيمة السوقية للدوري السعودي على المدى الاستراتيجي، مشدداً على ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تحقيق الحماية المطلوبة لها. وقال حنزاب في تصريح إلى «الحياة»: «لا توجد في الاتحاد السعودي وحدة للنزاهة، وليست هناك لوائح خاصة للنزاهة، وليست هناك ورش عمل لتوعية اللاعبين والحكام والمسؤولين، ولذلك من الطبيعي أن تحدث مثل هذه الأمور، ومن غير الطبيعي ألا تحدث». يطلق الحنزاب تنهيدة عابرة قبل أن يواصل: «هذا الأمر لا يعاني منه الدوري السعودي فقط بل دوريات كرة القدم الآسيوية ككل، فهي غير محصنة تماماً، وعدم بذل أي جهد في هذا الإطار، وعدم الاستثمار بشكل واضح في تحصينها وحمايتها يتركها عرضة للتشكيك وهذا الأمر سيؤثر مستقبلاً في تسويقها وفي صدقية المنافسة والحضور الجماهيري». ولتوضيح فكرته يواصل مدير المركز الدولي حديثه طارحاً مجموعة تساؤلات، إذ يقول: «السؤال الأهم هو: هل توجد وحدة للنزاهة في رابطة دوري المحترفين؟ وهل هناك لوائح داخلية؟ وهل هي مطبقة؟ هل هناك رقابة على الدوري السعودي من ناحية النزاهة؟ هل هناك جهة مستقلة خارجية أو متعاقد معها في الداخل لحماية الدوري السعودي؟». ويستطرد الحنزاب: «ليست هناك دولة في الخليج لديها إجراءات على هذا النحو، حتى على الصعيد الآسيوي لا توجد سوى أستراليا، أما في أوروبا فكل الدوريات الأوروبية توجد لديها وحدات النزاهة». ويستدرك: «سأذكر هنا أن الدوري القطري مثلاً وقّع اتفاقاً مع المركز الدولي للأمن الرياضي لمراقبة مبارياته والتحقق منها ومنح الاتحاد التقارير، فضلاً عن عمل الورش ووضع اللوائح الداخلية». وحول ما يردده البعض من أن الدول الإسلامية بعيدة عن التلاعب في نتائج المباريات فضلاً عن عدم وجود مراهنات ومقامرة، قال: «دعونا نترك المثاليات وننظر إلى الأمر الواقع، الواقع سهل وخصب، وإذا كنا سننظر إلى الأمر بهذا المنظار فليس هناك داعٍ للمحاكم والأنظمة والقوانين الموجودة الآن في هذه الدول لأن الكل نزيه والكل أمين، ما يجب أن تقوم به هو عمل الإجراءات الوقائية اللازمة، وهذه الإجراءات لا تهدف إلى كشف مثل هذه الأمور في حال تمت، وإنما هي إجراءات من أجل الوقاية والحماية». واستغرب الحنزاب عدم وجود جهات تدقق وتحمي النزاهة في الدوري السعودي، وقال: «دوري المحترفين السعودي يعد تسويقياً واحداً من أقوى الدوريات على المستوى العربي ومن غير الطبيعي ألا يُحمى، ومن غير الطبيعي ألا تكون هناك جهة تدقق في أمور النزاهة بحيادية، الأندية تحتاج إلى جهة مستقلة لديها صدقية عالية وتجربة عالمية في هذه المواضيع، وهذا الأمر غير موجود حالياً». ويضيف: «ما يحدث الآن هو شبهات تدور حول تلاعب بمباريات، والأمر ليس مربوطاً بالمراهنات بل بتحسين المراكز وهذا أخطر من القمار، فالتلاعب في ترتيب المراكز مسألة أخلاقية وتمس أخلاقيات اللعبة، أمور مثل الترتيب بين ناديين ربما تحدث أو يقوم نادٍ بالترتيب من أجل أن يحرز لاعبه أهدافاً أكثر حتى يحرز لقب هداف الدوري، بل وربما تحدث أمور أكثر من ذلك في ظل عدم وجود لوائح وتدقيق ورقابة وتوعية، وبحسب علمي لا يوجد أي برنامج توعية في السعودية، وللأسف أن دورياً كبيراً مثل الدوري السعودي بحسب معلوماتي ليست لديه أي لوائح داخلية، وأنا لا أعرف إذا كان عندهم، لكن ما أعلمه أنها غير موجودة». ويتابع: «يجب عمل ورش عمل للحكام والمسؤولين ومنسوبي اللعبة، وهنا لا يستطيع أي شخص أن يقول لا أعرف، فورش العمل أو الدورات تضع الجميع تحت المساءلة القانونية وحينها لا يستطيع أن يقول لا أعرف، أو لم يطلعني أو يبلغني أحد، وهناك إجراءات حماية ووقاية غير موجودة وهذا إغفال كبير». يحذّر مدير المركز الدولي للأمن الرياضي من تراجع القيمة السوقية للدوري السعودي في ظل ضعف الإجراءات المتبعة لتحصينه وحمايته، ويقول: «كيف تسوّق لدوري تنتظر منه عوائد كبيرة في ظل أنه غير محمي؟ حتى لو تكلمنا عن نطاق المراهنات والمقامرات فهي تتم عبر الإنترنت، والشركات لا يجب أن يكون لديها كيان عندك، ولا تنسَ أن آسيا هي أكبر قارة فيها مراهنات غير مشروعة وهذا مثبت بالأرقام». وحول الأضرار التي من الممكن أن تطاول الدوري السعودي في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النزاهة وحماية اللعبة قال المسؤول الدولي في الأمن الرياضي: «أتصور أن الأضرار ستشمل هجرة الجماهير للملاعب، لأن المشجعين سيفقدون الإيمان بصدقية النتائج، والتجربة الصينية ماثلة، إذ شهدت الملاعب هجراناً جماهيرياً، ومن الأضرار كذلك تراجع القيمة السوقية للدوري السعودي، فضلاً عن صورة الكرة السعودية في آسيا وحتى بالنسبة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، لأن فيفا وضع الآن محاربة التلاعب في نتائج المباريات من أولى أولوياته، ولا شك في أن تصنيف الكرة السعودية سيتأثر لأن فيفا سيضع مستقبلاً مثل هذه الأمور ضمن عوامل التقويم».