احتفل الفلسطينيون بانتصار انتفاضتهم التي استمرت نحو أسبوعين أجبروا خلالها سلطات الاحتلال على التراجع عن جميع الإجراءات التي اتخذتها في المسجد الأقصى المبارك، عقب وقوع عملية مسلحة أسفرت عن مقتل اثنين من رجال الشرطة و3 مهاجمين. وأذعنت السلطات الإسرائيلية فجر أمس لمطالب الانتفاضة وأزالت جميع المعدات والاجهزة التي اقامتها على أبواب المسجد عقب العملية المسلحة، من أجهزة فحص الكترونية، وممرات معدنية، وجسور لنصب الكاميرات على بوابات المجسد وكوابل أرضية. وبعد التيقن من إزالة جميع العوائق والمعدات، قررت المرجعيات الإسلامية في القدس عودة المصلين الى المسجد، وتوقف الاعتصامات والصلوات على البوابات الخارجية. وقال رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية الشيخ عبد العظيم سلهب الذي تلا بيان المرجعيات الدينية: «أما وقد حققنا النصر في هذه الجولة، فإننا ندعو أبناء شعبنا في القدس والداخل الفلسطيني وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى الدخول الجماعي إلى ساحاته». وطالبت المرجعيات الدينية في بيانها المصلين بالدخول الى المسجد «مكبرين مهللين»، داعين الله «أن يحفظ أقصانا وقدسنا وشعبنا»، وإلى «شد الرحال اليه في كل حين، خصوصاً صلاة الجمعة وفي كل جمعة». وجاء تراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرارها إقامة أجهزة فحص وكاميرات مراقبة وممرات معدنية بعد إصرار الفلسطينيين على رفضها والاعتصام أمام بوابات المسجد وإقامة الصلوات والاحتجاجات في أنحاء المدينة، في حركة شعبية واسعة وعميقة حملت اسم «انتفاضة الصلاة» أو «انتفاضة القدس». وتميزت هذه الانتفاضة أو الهبة بعمق شعبي قل نظيره في التاريخ الفلسطيني، اذ شاركت فيها غالبية أبناء القدس من الأعمار والطبقات والمواقع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ويرجح أن تترك «انتفاضة الصلاة» في القدس أثراً بعيد المدى على الحركة السياسية الفلسطينية وعلى السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. فمن جهة، أظهرت هذه الانتفاضة أن ما لا يمكن تحقيقه بالقوة والعنف، يمكن تحقيقه بالعمل الشعبي العميق والسلمي الذي يحيد سلاح الفتك الإسرائيلي، ويخلق زخماً شعبياً محلياً وإقليمياً ودولياً قاهراً لا يملك الاحتلال إزاءه أن يصنع شيئاً. وجاء تحرك أهل القدس جارفاً، بسبب قلقهم العميق على مصير الأقصى وعلى مصيرهم في مدينتهم التي يشهدون عملية تهويد مبرمجة لها طاولت الغالبية العظمى من أراضيها وإجزائها. وتحول باب الاسباط الى «ميدان تحرير» فلسطيني في «انتفاضة الصلاة»، حيث تجمع المقدسيون بشكل يومي لأداء الصلاة وممارسة السياسة والعلاقات الاجتماعية. وحرص المقدسي على ان تكون له صلة مباشرة ب «انتفاضة الصلاة»، فالنساء بدأن بطهو الطعام، وتبرع رجال الأعمال بتقديم الكثير من وجبات الطعام وكميات كبيرة من الماء والعصائر وسجاد الصلاة للمصلين الذين أدوا الصلوات الخمس على الاسفلت الحامي. وحظيت انتفاضة أهل القدس بمؤازرة كبيرة من فلسطينيي الداخل، حملة الهوية الإسرائيلية التي تسمح لهم بدخول القدس والوصول الى بوابات الحرم، فكانوا يتوجهون اليها في عشرات الحافلات يومياً من أم الفحم والطيبة ويافا والجنوب.