كشف مسؤولون أميركيون بارزون أن معارضين سوريين كانوا يتلقون دعماً أميركياً في إطار برنامج دعم وتدريب المعارضة الذي أوقفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رفضوا شروط واشنطن لاستمرار الدعم لهم واختاروا مغادرة قاعدة التنف في مثلث الحدود السوري- العراقي- الأردني التي تستخدمها أميركا لتدريب فصائل المعارضة المعتدلة جنوب سورية. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن إدارة ترامب اشترطت لمواصلة دعمها فصائل المعارضة المعتدلة تجميد قتال تلك الفصائل للقوات النظامية والتركيز حصراً على قتال «داعش». وأكد الناطق باسم «التحالف الدولي» ريان ديلون التغييرات الاستراتيجية في ما يتعلق ببرنامج تدريب المعارضة السورية، قائلاً لمحطة «سي أن أن» الإخبارية الأميركية إن دعم واشنطن سينحصر في الفصائل التي تقبل بتوجيه جهودها نحو قتال «داعش»، على غرار «قوات سورية الديموقراطية». وزاد: «التحالف لن يدعم سوى القوات الملتزمة بقتال داعش». وأكد مسؤول أميركي آخر التحولات في استراتيجية الإدارة، بقوله ل «سي أن أن: «نحن لا نخوض حرباً ضد النظام. وزاد: «لا يمكن أن يكون لنا أهداف متعددة. نحن في حاجة إلى أن نركز على محاربة داعش». لكنه أضاف أنه لا تزال هناك أعداد كبيرة من عناصر المعارضة في قاعدة التنف. وتصاعدت الخلافات بين فصائل المعارضة السورية والجيش الأميركي، بعدما أعلن قائد العمليات الخاصة في الجيش الأميركي الجنرال توني توماس أن برنامج دعم المعارضة السورية توقف، وذلك في تأكيد لتقرير صحيفة «واشنطن بوست» الأسبوع الماضي. وأفادت الصحيفة نقلاً عن مصادر بارزة بأن الإدارة تريد التركيز على الحرب ضد داعش، ولن تمول أي فصيل لديه أجندة مختلفة. من ناحيته، قال ترامب على حسابه على توتير إنه تم وقف البرنامج لأنه كان «ضخماً ومكلفاً وغير فعال». ولم تلق التعليمات الجديدة قبولاً لدى بعض فصائل المعارضة. وقال مسؤولون في البنتاغون و «التحالف الدولي» إن فصيل «شهداء القريتين»، اختار مغادرة قاعدة التنف، والعمل بشكل مستقل والقيام بعمليات ضد القوات النظامية. وقال مسؤول في البنتاغون إن قائد الفصيل، محمد قاسم، انسحب خارج منطقة وقف التصعيد، البالغة 55 كلم على الحدود السورية- الأردنية- العراقية، وغادر قاعدة التنف لتنفيذ عمليات مستقلة. وأقام التحالف الدولي منطقة عدم التصعيد في تلك المساحة الحساسة لمنع القوات النظامية وحلفائها والميليشيات الإيرانية من الاقتراب من قاعدة التنف. وقال مسؤولون أميركيون ل «سي أن أن» إن القوات النظامية والميليشيات الإيرانية استطاعت الالتفاف على منطقة عدم التصعيد قرب التنف، وأقامت عدداً من بؤر التمركز والقواعد الأمامية ونقاط التفتيش. وأوضح المسؤولون أن قوات النظام وميليشيات إيرانية تقيم حالياً سلسلة من نقاط التفتيش وبؤر التمركز في تلك المنطقة الصحراوية الاستراتيجية في اطار مساعي طهران لإقامة طريق بري استراتيجي من إيران إلى ساحل البحر المتوسط. وأوضح المسؤولون أن فصائل أخرى قبلت بالشروط الأميركية ويواصل عناصرها التدريب في قاعدة التنف. وكشف ريان ديلون أن عناصر فصيل «شهداء القريتين» توجهوا للمسؤولين الأميركيين في معسكر التنف وأوضحوا لهم أنهم يريدون تحقيق أهداف أخرى غير تلك التي يسعى اليها «التحالف الدولي»، موضحاً أن «التحالف» أوضح لقادة الفصيل أنه لن يواصل دعم عملياتهم أو تدريبهم إذا ما تضاربت أهدافه مع تلك في سورية. ويدعم البنتاغون عدداً من الفصائل التي تنشط في الجنوب السوري منذ 2013، عندما عملت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على تمحيص هذه الفصائل وعلاقاتها وأجندتها من أجل التأكد من أنها لا ترتبط تنظيمياً أو أيديولوجياً بتنظيمي «النصرة» التابع ل «القاعدة» أو «داعش». وأفادت مصادر متطابقة ل «الحياة» بأن عناصر هذه الفصائل لم يتلقوا فقط دعماً عسكرياً وتدريبات، بل خضعوا لدورات تدريبية حول مبادئ ومعايير حقوق الإنسان وحكم القانون، لتأهيلهم لإدارة المناطق التي تتم السيطرة عليها. وعلى رغم برنامج الاستخبارات الأميركية، لم تتمكن هذه الفصائل من التمدد على الأرض على غرار «قوات سورية الديموقراطية» التي يدعمها أيضاً «التحالف الدولي» والتي تنشط في شمال سورية، وتخوض حالياً معارك من أجل استعادة محافظة الرقة من «داعش». وعلى النقيض من تقلص الدعم الأميركي لفصائل الجنوب، فإن دعمها ل «سورية الديموقراطية» تعزز في الآونة الأخيرة. وأفادت مصادر كردية وأميركية بوصول آليات ومدرعات جديدة لهذه القوات في الرقة. وحالياً يوجد أكثر من 1000 عنصر من الجيش الأميركي والقوات الخاصة تدعم «سورية الديموقراطية» على الأرض.