قال التلفزيون الرسمي السوري إن وزارة الخارجية السورية حذرت «التحالف الدولي» بقيادة الولاياتالمتحدة أمس، من «أخطار التصعيد» وطالبته بالتوقف عن شن ضربات جوية على القوات الموالية لدمشق. ووصفت الوزارة «التحالف» بأنه «غير شرعي» وقالت إن تصرفاته لا تؤدي إلا لتقوية «تنظيم داعش»، من دون تقديم المزيد من التفاصيل. وصدر البيان الرسمي بعد ساعات من تهديد تحالف عسكري داعم النظام السوري أنه قد يضرب مواقع أميركية في سورية إذا استدعى الأمر، محذراً من أن سياسة «ضبط النفس» إزاء الضربات الأميركية على قوات موالية للحكومة السورية ستنفد إذا تجاوزت واشنطن «الخطوط الحمراء». ويمثل هذا التهديد تصعيداً للتوترات بين الولاياتالمتحدة والقوات المدعومة من إيران في شأن السيطرة على الحدود الجنوبيةالشرقية لسورية مع العراق حيث تقوم الولاياتالمتحدة بتدريب معارضين سوريين في قاعدة التنف داخل الأراضي السورية. وشنت الولاياتالمتحدة هجوماً جوياً جديداً أول من أمس على عناصر تدعمهم إيران، قالت إنهم يشكلون تهديداً لقواتها وقوات تدعمها واشنطن في جنوب سورية في ثاني هجوم من نوعه خلال ثلاثة أسابيع. وصدر بيان التحالف المؤيد للحكومة السورية باسم «قائد غرفة عمليات قوات حلفاء سورية» ونقله الإعلام الذي تديره جماعة حزب الله اللبنانية أحد حلفاء الحكومة السورية الأساسيين. وإيرانوروسيا من ضمن حلفاء الحكومة السورية، لكن لم يتضح ما إذا كانت موسكو من بين الدول الموقعة على البيان. وجاء في البيان أن «أميركا تعلم جيداً أن دماء أبناء سورية والجيش العربي السوري والحلفاء ليست رخيصة، وأن القدرة على ضرب نقاط تجمعهم في سورية وجوارها متوفرة ساعة تشاء الظروف، بناءً للمتوفر من المنظومات الصاروخية والعسكرية المختلفة، في ظل انتشار قوات أميركية بالمنطقة». وأضاف البيان أن «العدوان الجبان الذي قامت به أميركا تحت عنوان ما تسميه تحالف ضد الإرهاب هو تصرف متهور وخطير وخير دليل على كذب أميركا ونفاقها في مواجهة الإرهاب». ومضى يقول إن «التزام حلفاء سورية الصمت ليس دليلاً على الضعف، ولكنه عملية ضبط نفس مورست بناء لتمني الحلفاء، إفساحاً في المجال لحلول أخرى، وهذا لن يطول لو تمادت أميركا وتجاوزت الخطوط الحمراء». وأدانت موسكو الهجوم، ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن الضربة الجوية الأميركية تمثل انتهاكاً للقانون الدولي. وكانت قوات «التحالف الدولي» شنت هجوماً جوياً أول من أمس، على مقاتلين تدعمهم إيران قالت إنهم يشكلون تهديداً لقواتها وقوات تدعمها واشنطن في جنوب سورية، وذلك في تصعيد جديد للتوتر بين الولاياتالمتحدة والقوات التي تؤيد الحكومة السورية. وشن طيران «التحالف» هجوماً مشابهاً يوم 18 أيار (مايو) استنكرته دمشق. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري سوري قوله: «طيران التحالف الدولي يشن عدواناً على أحد مواقع الجيش العربي السوري على طريق التنف، ما أدى إلى ارتقاء شهداء وخسائر مادية... عدوان ما يدعى بالتحالف الدولي يؤكد مرة أخرى موقف هذه القوى الداعم للإرهاب». وأضاف المصدر: «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تحذر من أخطار هذا التصعيد وتداعياته، وتدعو ما يسمى بالتحالف الدولي للكف عن مثل هذه الأعمال العدوانية تحت أي ذريعة كانت». وفي الأيام الأخيرة وجه الجيش الأميركي تحذيرات متكررة لقوات تتجمع قرب قاعدة التنف بجنوب سورية ونصحها بالابتعاد من ما تعرف بمنطقة «عدم الاشتباك» قرب القاعدة التي تستخدمها قوات خاصة أميركية ومقاتلون تدعمهم واشنطن. واتفقت أميركا على منطقة عدم الاشتباك مع روسيا الحليف الرئيسي للحكومة السورية. وقال التحالف الذي تقوده واشنطن في بيان: «على رغم تحذيرات سابقة دخلت قوات مؤيدة للنظام مناطق عدم الاشتباك المتفق عليها بدبابة ومدفعية وأسلحة مضادة للطائرات ومركبات مسلحة وأكثر من 60 جندياً». وذكر البيان أن الولاياتالمتحدة وجهت عبر الخط العسكري الساخن مع روسيا تحذيرات عدة قبل القصف الذي دمر قطعتي مدفعية وسلاحاً مضاداً للطائرات ودبابة. وأكد مسؤول أميركي لرويترز طلب عدم نشر اسمه تنفيذ الغارة، وقال إنها تمت بطائرات أميركية. وأضاف البيان: «لا يسعى التحالف إلى قتال النظام السوري أو القوات المؤيدة له، لكن يظل مستعداً للدفاع عن قواته إذا رفضت قوات مؤيدة للنظام (السوري) إخلاء منطقة عدم الاشتباك». ويكشف الحادث أن المنطقة الواقعة حول قاعدة التنف في جنوب سورية تواجه ضغوطاً متزايدة. وانتزعت قوات من المعارضة تدعهما واشنطن السيطرة من «داعش» على مساحات في منطقة البادية التي تضم التنف، ما أزعج النظام السوري والقوات المتحالفة معه. وقاعدة التنف مهمة لدى أميركا والمعارضة لاستخدامها منصة انطلاق للسيطرة على البوكمال وهي بلدة على الحدود السورية- العراقية وطريق إمداد مهم ل «داعش». كما أن وجود «التحالف» في التنف الواقعة على الطريق السريع بين دمشقوبغداد يهدف أيضاً إلى منع الجماعات المدعومة من إيران من فتح طريق بري بين العراق وسورية. وفي مقابلات مع قناة الإخبارية التلفزيونية السورية الرسمية يوم السبت الماضي تعهد جنود سوريون بإعادة فتح طريق بغداد- دمشق السريع. وقال أحد الجنود في مقابلة مع التلفزيون في منطقة البادية: «خلال أيام قليلة ستجدوننا عند الحدود العراقية وسوف نحقق نصراً عظيماً وتاريخياً في تاريخ هذه الأزمة ونطهر البادية بأكملها ونحرر طريق التنف... ونستعيد الشريان الحيوي بين العراق وسورية». واستأنفت عناصر المعارضة حملة قصف صاروخي مكثف على نقاط تابعة لفصائل تدعمها إيران على امتداد طريق بغداد- دمشق السريع أول من أمس. وأفاد «المرصد السوري» بأن عناصر من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من جنسيات غير سورية قتلوا وأصيبوا في الضربات الجوية الأميركية التي استهدفتها في البادية السورية، بالريف الجنوبي الشرقي لحمص، ووثق «المرصد» مقتل 17 على الأقل، من ضمنهم ضابط على الأقل من الجنسية السورية. وأوضح «المرصد» أن الغارات استهدفت رتلاً لآليات وعتاد قوات النظام والمسلحين الموالين لها، كان متجهاً من منطقة السبع بيار إلى منطقة حاجز ظاظا الذي يبعد أكثر من 100 كلم عن معبر التنف الحدودي الذي يربط بين العراق وسورية، كما تسبب القصف بوقوع جرحى بعضهم لا يزال في حالات خطرة. وجاء القصف بعد 9 أيام من إلقاء منشورات تحذيرية من «التحالف الدولي» على مناطق تواجد النظام في منطقة ظاظا ومنطقة الشحمي، على الطريق الواصل بين مثلث تدمر– بغداد–الأردن ومعبر التنف الحدودي مع العراق، وتضمنت المنشورات تحذيرات للنظام والمسلحين الموالين له من الاقتراب، ومطالبته بالانسحاب. وجاء في المنشورات التي حملت خريطة منطقة التماس بين قوات المعارضة وقوات النظام: «أي تحركات باتجاه التنف تعتبر عدائية وسندافع عن قواتنا... أنتم ضمن المنطقة الآمنة، غادروا هذه المنطقة الآن». مبعوث أميركي: نعول على موسكو لتجنب التوتر مع إيران قال بريت مكجورك المبعوث الأميركي ل «التحالف الدولي» الذي يقاتل تنظيم «داعش» إن بلاده تعول على اتصالاتها المنتظمة مع روسيا لتجنب نشوب نزاع مع الميليشيات المدعومة من إيران التي تهدد القوات الأميركية وتلك التي تدعمها أميركا في جنوب سورية. وقال مكجورك إن الغارة الجوية الأميركية على المقاتلين المدعومين من إيران في سورية كان يراد منها الدفاع عن القوات الأميركية هناك. وطالب الجيش الأميركي مراراً القوات النظامية السورية وحلفاءها بالبقاء بعيدا من مناطق عدم الاشتباك على مقربة من قاعدتها القريبة من بلدة التنف في جنوب سورية. وقال مكجورك إن القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة على اتصال يومياً بالجيش الروسي لتجنب وقوع لبس مع القوات الموالية للحكومة السورية التي تدعمها موسكو. وأوضح أن المنطقة تعرضت في الآونة الأخيرة للقصف وكان على القوات الأميركية أن تدافع عن نفسها. وأضاف: «نحن حقاً نعتمد على الروس عبر قنوات عدم الاشتباك... للمساعدة في حل هذه الأمور ولهذا من الواضح أننا نأمل في ألا يحصل هذا ثانية» في إشارة إلى الغارات على القوات المدعومة من إيران.