يوماً ما كانت بيروت تُدلَّل ب«باريس العرب»، قبل أن تعصف بها الحروب والنزاعات، وتذبل حسنها وتبدد عنفوانها. ليست بيروت العاصمة الوحيدة التي شبهت أو لقبت، فحلب عرفت ب«الشهباء»، والقاهرة لم تتنازل يوماً عن كونها «أم الدنيا» حتى أثناء الأحداث الحالية. ربما آن لعروس البحر الأحمر أن تغير اسمها أو تطلب لقباً آخر.. ليس من باب الدلال، بل من باب إن «شر البلية ما يضحك»، بعد أن تحولت شوارعها أنهاراً، وأنفاقها بركاً، وبيوتها «خلايا وحْل». ... لها أن تسمى «فينيسا العرب» احتذاءً بمدينة البندقية الإيطالية التي يتنقل سكانها وسياحها بالقوارب، وتحل فيها قنوات المياه بدلاً من الشوارع، بعد أن اعتاد المراقب لوضع جدة منذ كارثة الأربعاء الأسود الثانية، أن يشاهد بعض السكان على قوارب تجوب الأزقة بين المنازل، فيما تشير السيارات المبعثرة إلى فشل ما. لكن أخشى ما يخشاه «أهل الرخاء والشدة» أن تتحول جدة كل شتاء إلى «بندقية»، فمفاجأة العام الماضي لم تعد «مفاجأة» هذا العام، كما يقول محمود عدنان الذي شهد «نكبتي العروس». ويتساءل عاشق الرياضات البحرية خالد الحجي: هل يحتاج الى جلب «الجت سكي» الخاص به من «الشاليهات» الى المنزل تحسباً لتكرار المشهد؟ لكن ما يهدئ من روع سكان جدة في الفترة الحالية توقعات مصلحة الأرصاد الجوية، التي تستبعد هطول أمطار في الأيام القليلة المقبلة، والتحركات الرسمية السريعة الساعية لعلاج مشكلات الأمطار، وتصريف السيول، والعشوائيات.