مثل صحافيون بارزون وموظفون في جريدة «جمهورييت» المعارضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمام محكمة في اسطنبول أمس، لاتهامهم بدعم تنظيمات إرهابية. وبين المتهمين ال19، رئيس تحرير «جمهورييت» مراد صابونجو، والصحافي الاستقصائي أحمد سيك، والمعلّق قدري غورسل، ورسام الكاريكاتور موسى كارت، علماً أنهم حوكموا في يوم تحيي فيه تركيا حرية الصحافة. ويُتهم هؤلاء برعاية منظمات محظورة، تشمل مسلحين أكراداً وجماعة يسارية متطرفة وجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن، المقيم في الولاياتالمتحدة منذ العام 1999 والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي. ويقبع 12 من المتهمين في السجن، فيما أُفرج عن خمسة منهم في انتظار نتيجة المحاكمة. ويُحاكَم اثنان غيابياً، بينهم رئيس التحرير السابق للصحيفة جان دوندار، المقيم في ألمانيا. ويقبع موظفون في «جمهورييت» في السجن منذ 9 أشهر، ويواجهون أحكاماً بالسجن تتراوح بين 7 و43 سنة. ونفى الذين استُجوبوا امس، بينهم غورسل، الاتهامات الموجهة إليهم، علماً ان عريضة الاتهام (324 صفحة) تتحدث عن سيطرة جماعة غولن على الصحيفة واستغلالها ل «التغطية على تصرّفات جماعات إرهابية». واتُهمت «جمهورييت» العلمانية بصوغ أخبار تخدم «المناورة الانفصالية»، وباستهداف أردوغان «بوسائل حرب غير متماثلة». واعتبرت الصحيفة الاتهامات «وهمية وتشهيراً». وتشكّل التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي الجزء الأكبر من الأدلة في عريضة الاتهام، إضافة إلى مزاعم بأن المتهمين كانوا على اتصال بمستخدمي تطبيق «بايلوك» للرسائل المشفرة، والذي تعلن الحكومة أن أنصار غولن يستخدمونه. وقال قدري غورسل للمحكمة: «لست هنا لأنني ساعدت منظمة إرهابية عن علم واقتناع، بل لأنني صحافي مستقل أطرح أسئلة وأوجّه انتقادات». ونفى ارتباطه بجماعة غولن، مذكّراً بأنه كشف سابقاً علاقات بين الجماعة وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي أسّسه أردوغان. وأضاف: «كشفتُ تحالف الحكومة الحالية واقعاً مع هذه المجموعة، وتوقّعت الأذى الذي سيلحقه هذا التحالف الشرير بالبلاد». وأوردت «جمهورييت» على موقعها الإلكتروني أن حراس الأمن منعوا غورسل من معانقة ابنه في المحكمة، علماً أن مئات تجمّعوا أمام المحكمة في إسطنبول، احتجاجاً على المحاكمة، مرددين «الصحافة ليست جريمة». كما هتفوا «حقوق، قانون، عدالة»، و «الحرية للصحافيين». ونفذ أعضاء نقابة الصحافيين الأتراك مسيرة من مبنى «جمهورييت» الى المحكمة، حاملين نسخة الصحيفة الصادرة أمس. وأعلنت النقابة أن السلطات أغلقت نحو 150 وسيلة إعلام وسجنت حوالى 160 صحافياً، علماً أن تركيا تحتل المرتبة ال155 بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة في العالم لعام 2017. وقالت فيليس كيريستي جيوغلو، وهي نائب عن «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي المعارض قبل المحاكمة: «تعتبر الحكومة أن كل مَن في المعارضة إرهابي». وفي برلين، قال دوندار لوكالة «أسوشييتد برس» إنه «من المفارقة» أن زملاءه في «جمهورييت» يدافعون عن أنفسهم أمام محكمة، في يوم «حرية الصحافة» في تركيا. وتابع: «ندافع عن أخبارنا (تقاريرنا)، مقالاتنا، تغريداتنا، لا شيء آخر. انها قضية تتعلّق بالصحافة، لا الإرهاب». ويدير دوندار موقعاً إخبارياً بلغتين في العاصمة الألمانية. تركيا - ألمانيا في غضون ذلك، اعتبر وزير المال الألماني فولفغانغ شيوبله أن أردوغان يجازف بعلاقات عمرها قرون مع برلين. وقال لصحيفة «بيلد» الألمانية، في اشارة الى الرئيس التركي: «إنه يجازف بشراكة عمرها قرون. إنه أمر دراماتيكي، إذ هناك أمور كثيرة تربط بيننا. لكن لا يمكن أن نسمح (لأحد) بابتزازنا». وتصاعد خلاف بين الجانبين، بعد توقيف تركيا 10 ناشطين، بينهم الألماني بيتر شتويدتنر، وإيديل إيسر مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا، بتهمة دعم تنظيم إرهابي. واعتبر أبرز موظفي مكتب المستشارة أنغيلا مركل الأحد أن سلوك تركيا «ليس مقبولاً». لكن ناطقاً باسم وزارة الداخلية الألمانية أعلن أن أنقرة سحبت رسمياً طلباً لمعلومات من برلين في شأن نحو 700 شركة ألمانية يُشتبه في ارتباطها بمؤسسات في تركيا تحقق السلطات في احتمال تمويلها الإرهاب. وقال الناطق إن وزير الداخلية التركي أبلغ نظيره الألماني خلال اتصال هاتفي، أن تسليم أنقرة للائحة عبر الشرطة الدولية (إنتربول) كان نتيجة «مشكلة في التواصل». وأضاف أن «(وزير الداخلية) أكد أن السلطات التركية لا تجري تحقيقات في أمر شركات ألمانية، في تركيا أو ألمانيا».