وسّعت السلطات التركية حملتها على الأصوات المعارضة، إذ أوقفت الشرطة رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» مراد صابونجو و10 من أبرز صحافيّيها وكتاب الزوايا ومسؤوليها، لاتهامهم بالعمل لمصلحة «حزب العمال الكردستاني» وجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تحمّله أنقرة مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. وأثار الخبر حفيظة المعارضة ومئات من قراء الصحيفة الذين تجمهروا أمام مبنى الصحيفة في إسطنبول، ومكاتبها في أنقرة، ونظموا تظاهرة احتجاج، مرددين هتافات مناهضة للحكومة. معلوم أن «جمهورييت» تمثّل الخط الأتاتوركي العلماني، وهي من أبرز المعارضين لجماعة غولن ولمسيرة الحلّ السياسي مع «الكردستاني». ودان سيزغين تانريكولو، وهو نائب عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، «انقلاباً مستمراً لحزب العدالة والتنمية على الديموقراطية»، وزاد: «هذه عملية تستهدف الهوية المؤسساتية للصحيفة، وهي محاولة لمعاقبة (المواد) الانتقادية التي تنشرها الصحيفة، وهي قديمة قدم الجمهورية وواحدة من أبرز رموزها». أما رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيلجدارأوغلو فقال بعد زيارته الصحيفة: «بدل تحركات تعزّز الديموقراطية، نواجه انقلاباً مضاداً يُستخدم بوصفه فرصة لإسكات مثقّفي المجتمع وتصعيد الضغط على وسائل الإعلام». وهدّد نواب من الحزب الذي تجمعه بالصحيفة علاقات قوية، بالنزول إلى الشارع وتنظيم تظاهرات احتجاج، لمواجهة «مشروع منظّم لإسكات المعارضة والصحافة، قبل طرح مشروع النظام الرئاسي على استفتاء». وأعلنت النيابة في إسطنبول أن الموقوفين مشبوهون في «ارتكاب جرائم» نيابة عن جماعة غولن و»الكردستاني»، وإن ليسوا متهمين بالانتماء إلى التنظيمَين. وأشارت إلى «مزاعم» و»تقديرات» تفيد بأن المشبوهين نشروا، قبل فترة وجيزة من المحاولة الانقلابية في 15 تموز، مواد تحاول «تبرير» المحاولة الفاشلة. وأعلنت «جمهورييت» على موقعها الإلكتروني توقيف 11 من موظفيها، بينهم رئيس التحرير مراد صابونجو ورسام الكاريكاتور موسى كارت وكتّاب أعمدة ومحامي الصحيفة، بعضهم دهمت الشرطة منازلهم وفتّشتها وصادرت أجهزة كومبيوتر منها، بينهم رئيس مجلس الإدارة أكين أتالاي والصحافي غوراي أوز. وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة كانت تحمل مذكرات لتوقيف 16 من موظفيها، بينهم الكاتب قدري غورسيل. في الوقت ذاته، أصدرت النيابة مذكرة لتوقيف رئيس التحرير السابق للصحيفة جان دوندار المقيم في ألمانيا بعد حكم بسجنه 5 سنوات، صدر في أيار (مايو) الماضي، اثر إدانته ب «كشف أسرار دولة» بعد نشر «جمهورييت» وثائق وفيديوات تفيد بنقل جهاز الاستخبارات التركي أسلحة ومساعدات لمسلحين إسلاميين في سورية. وكتب دوندار على موقع «تويتر» أمس: «إنهم يهاجمون آخر حصن». واعتبر موسى كارت ما حدث «سخيفاً»، وزاد: «لا يمكن تبرير ذلك للعالم. أوقفت لأنني ارسم كاريكاتور». وأضاف: «ليس لدي ما أخفيه، كل ما كتبته وكل ما رسمته منشور» في وسائل الإعلام. وتابع مخاطباً أنصار الرئيس رجب طيب أردوغان: «لن ترهبوا أي شخص، بممارسة ضغوط. يستحيل لأصحاب الضمير قبول هذا المشهد». ونبّهت عائشة يلدرم، وهي كاتبة عمود في «جمهورييت»، إلى أن التوقيفات قد تمهد لسيطرة الحكومة على الصحيفة. وأضافت: «لن نسلّم جمهورييت، ولن نسمح بتعيين وصيّ (عليها). سنرفع رؤوسنا عالياً ونواصل النشر بلا خوف». ودان المدير العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود» كريستوف ديلوار «حملة تطهير بلا حدود»، علماً أن أرقاماً تفيد بتوقيف 127 صحافياً منذ المحاولة الانقلابية، وإغلاق 170 وسيلة إعلام، فبات 2500 إعلامي بلا عمل. وتُصنّف «مراسلون بلا حدود» تركيا في المرتبة 151 في لائحة تضمّ 180 بلداً، في ترتيبها لحرية الصحافة. إلى ذلك، قُتل 3 جنود أتراك و14 من مسلحي «الكردستاني»، خلال اشتباكات في جنوب شرقي تركيا. يأتي ذلك بعدما احتجزت محكمة رسمياً رئيسَي بلدية دياربكر غولتان كيشاناك وفرات أنلي، لاتهامهما بدعم «إرهاب الكردستاني».