استأنفت محكمة الجزاء في اسطنبول أمس محاكمة رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» المعارضة جان دوندار ومدير مكتبها في أنقرة أردام غل، لكشفهما صوراً ووثائق عن نقل جهاز الاستخبارات التركية أسلحة إلى سورية قبل سنتين. وبرّر الرئيس رجب طيب أردوغان سجن 52 صحافياً في تركيا، بكونهم «إرهابيين». وبدأت الجلسة الثانية بقراءة ملخص لعريضة الاتهام، بعد تغيير وصف التهمة، عبر مدعي النيابة الجديد الذي تولى النظر في القضية قبل نحو أسبوع، في شكل مفاجئ من دون كشف سبب إبدال المدعي السابق، ما أثار شكوكاً لدى المتهمين حول نزاهة المحاكمة، خصوصاً أن ذلك تزامن مع تغيير اثنين من القضاة الخمسة الذين ينظرون في القضية، في شكل مفاجئ أيضاً. وتعزّزت شكوك دوندار وغل، إذ إن التهمة الجديدة التي أوردها المدعي الجديد، تُعتبر سابقة وليست مدرجة في قانون العقوبات، ما يتيح تأويلات وسوابق في الحكم، من دون إمكان القياس على قضايا سابقة. ووَرَدَ في التهمة الجديدة: «دعم حزب إرهابي من دون الانتماء إليه، ومحاولة إسقاط الحكومة الشرعية من خلال استخدام العنف والإرهاب». وسأل غل: «لا يمكن فهم كيف يمكن لصحافي لم يثبت تورطه بأي عنف، أن يُتهم بالعمل لإسقاط الحكومة، من خلال العنف والإرهاب، مع تأكيد أنه لم ينضم إلى تنظيم إرهابي»؟ وحذر رجال قضاء من أن هذا التغيير قد يهدف مستقبلاً إلى ربط القضية بملف جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن التي تعتبرها الحكومة تنظيماً إرهابياً سعى إلى إسقاط الحكومة. وبذلك يُعدّل مسار القضية من قضية محاكمة صحافيين وحرية رأي، كما يقول المتهمون، إلى قضية تقديم دعم إعلامي لتنظيم إرهابي، من دون الانتماء إليه. وقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغوط الغربية على الحكومة، ويمكّن القاضي الحكم باعتقال دوندار وغل مجدداً على ذمة القضية، والالتفاف على قرار المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بإطلاقهما أثناء المحاكمة، بعدما قضيا 92 يوماً في السجن قبل بدئها. وكانت الجلسة الثانية التي استمعت إلى دفاع المتهمين ومحاميهم، بدأت بعدما منع القاضي حضور أيّ من النواب الذين جاؤوا متضامنين، كما في الجلسة الأولى. واعتبر أن سرية المحاكمة وموضوعها لا يخصان النواب، فلم يسمح لهم بالدخول هذه المرة. وقال دوندار لدى وصوله الى المحكمة: «سننتصر. التاريخ يظهر أننا ننتصر دائماً، ونعتقد أن القوانين ستنصفنا وتُبرئنا». وأضاف في إشارة إلى أردوغان الذي يُعتبر طرفاً في القضية، مع رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان: «هناك خطأ. يجب أن نكون في الجهة التي توجّه الأسئلة، وعليهم أن يكونوا في قفص الاتهام». أما غل فتحدث عن «دفاع عن الإعلام وحرية التعبير»، معتبراً أن «على القضاء أن يقوم بواجبه». وتابع: «لا داعي لهذه المحاكمة، لأن مهنة الصحافة ليست جريمة». لكنّ صحفاً موالية لأردوغان سرّبت أن القضية ستتّسع وسيُعتقل دوندار وغل مجدداً، وسينضم إليهما متهم جديد هو النائب عن «حزب الشعب الجمهوري» المعارض أنيس بربرأوغلو، وهو صحافي سابق يرجّح مدعي النيابة أن يكون زوّد دوندار وغل الصور والوثائق عن شاحنات السلاح. في واشنطن، دافع أردوغان عن ملاحقة إعلاميين، قائلاً: «ما يُسمى الصحافيين ال52 المسجونين، حُكم عليهم لأعمال إرهابية ولتورطهم مع تنظيمات إرهابية. السجون التركية لا تضمّ صحافيين مدانين بسبب مهنتهم، أو في انتهاك لحرية التعبير». وتعهد مقاضاة مَن «يشتمونه». ضرب صحافيين ومتظاهرين وكان خطاب أردوغان أمام معهد «بروكينغز» شهد توتراً، إذ إن حراسه ضربوا صحافيين ومتظاهرين، قبل تدخل الشرطة. وقال الصحافي آديم ياوز أرسلان الذي يعمل لدى صحيفة موالية لغولن، أن حراس أردوغان هددوه بالقتل، اذ اعتبروه إرهابياً. أما الصحافية آمبرين زمان، وهي مراسلة سابقة لمجلة «ذي إيكونوميست» في تركيا، فقالت أنها نُعتت بأنها «مومس حزب العمال الكردستاني». واحتج «نادي الصحافة الوطني» الأميركي، اذ قال رئيسه توماس بور أن «الرئيس التركي وفريقه الأمني ضيوف في الولاياتالمتحدة»، مضيفاً: «لا يحق لهم ضرب مراسلين أو متظاهرين. ولا يحق لأردوغان تصدير انتهاكات حقوق الإنسان والصحافة في تركيا إلى الولاياتالمتحدة». وكان الرئيس التركي التقى نظيره الأميركي باراك أوباما، على هامش قمة حول الأمن النووي، علماً أن معلومات أفادت بأن الأخير لن يستقبل أردوغان، وسط توتر بين الجانبين. وأعلن البيت الأبيض أن الرجلين ناقشا «التعاون بين الولاياتالمتحدةوتركيا في الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والهجرة»، و «سبل تعزيز جهودنا المشتركة لإضعاف (داعش) وتدميره». وأضاف أن أوباما أكد «دعم الولاياتالمتحدة أمن تركيا، ونضالنا المشترك ضد الإرهاب». ويشير الرئيس الأميركي إلى تفجير سيارة في دياربكر جنوب شرقي تركيا الخميس، أسفر عن مقتل سبعة شرطيين، وأعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عنه. لكن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أكد خلال زيارته المدينة، أن المسلحين «لن يخيفوا» بلاده، مشدداً على «الأخوّة» بين الأتراك والأكراد. إلى ذلك، أفادت وكالة «دوغان» للأنباء بأن الشرطة التركية اعتقلت 15 شخصاً في حملات دهم استهدفت «داعش» في إزمير.