منذ الوهلة الأولى التي صدر فيها الأمر الملكي بإنشاء جهاز أمن الدولة وتعيين الفريق أول عبدالعزيز الهويريني رئيساً له، تبادر إلى أذهان السعوديين إنجازات المباحث العامة خلال الفترة الماضية في إيقاف وضرب منظومتي «القاعدة» ثم «داعش» وبعض المنظمات الإرهابية المختلفة، مطمئنين على مسار العمل في تنظيم أمن الدولة. كما كشف الأمر الملكي الكريم عن زيف بعض الصحف الأجنبية التي حاولت الإساءة إلى المملكة، من خلال الزج باسم الهويريني في صحفها بأنه موقوف عن العمل، لكن ما لبثت أن كشفت الأوامر الملكية كذبها، بتوثيق عرى القوة لجهاز الأمن الداخلي. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت أن الهويريني تحت «الإقامة الجبرية»، وسارت على نهجها وسائل إعلام أخرى في تأويلات مختلفة، بينما روجت بعض وسائل الإعلام القطرية الخبر ذاته وتداولته، قبل أن يقطع القرار الملكي الشك باليقين، منصّباً الهويريني على رأس أحد أهم المناصب الأمنية في السعودية. ويعد الهويريني من الضباط السعوديين الذين أثبتوا جدارتهم في حماية أمن الدولة، من خلال إدارته السابقة للمديرية العامة للمباحث العامة، إذ حقق إنجازات كبيرة في الكشف عن دور بعض المنظمات والدول الخارجية للإضرار بأمن المملكة، من خلال إدارته الفعالة للجهاز والثقة التي أولتها القيادة له ولفريق عمله، ليسجل بذلك قفزة في العمل الأمني على الصعد كافة، كما يعتبر من القيادات التي تنظر بحساسية إلى اختيار القيادات الأمنية في المملكة، إذ يعتمد في إجرائه اختيار القادة على برنامج عمل صعب يمكّنه من التعرف على نجاح القائد، بعد تقويمه وفق معايير تضمن نجاحه في مهمات عمل دقيقة، ومن خلاله يمكن أن ينفذ من المرحلة النهائية ليصبح قائداً في محل الثقة، وهو ما مكن جهاز المديرية العامة للمباحث من تحقيق نتائج مذهلة للداخلية آنذاك. مسيرة زاخرة بالعمل والإنجازات هي تلك التي يتكئ عليها الفريق الهويريني قبل تسميته رئيساً للجهاز الجديد، نتيجة طبيعية لكفاءته وجدارته التي وجدت طريقها للإثبات أكثر من مرة، إذ تعود علاقته بالداخلية منذ أن عمل ضابطاً في صفوف فريق عمل الوزارة بقيادة الأمير الذهبي للسلك الأمني السعودي نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله -، ولمّا آلت الوزارة إلى نجله محمد بن نايف كانت المرحلة مواجهة صريحة مع عهد الإرهاب، وكان الهويريني رأس حربة الفريق، عندما تولى منصب مدير المباحث العامة الذي يحتفظ به حتى الآن. الجهاز الأكثر سرية وفعالية لتفكيك منظومة الإرهاب اكتسب ثقة المواطن عبر استراتيجية متماسكة، جعلت منه خط الدفاع الأول بنجاحه في ملاحقة فلول الإرهابيين والقضاء عليهم. تسبب الهويريني بقوة أدائه في تعطيل خطط التخريب الإرهابي وإزعاج خلاياه، ما جعله عرضة لمحاولات الاغتيال، والتي ثبت تعرضه لاثنتين منها على الأقل، وذلك خلال فترة عمله في المباحث العامة مطلع العام 2003، عندما تعرضت سيارة كان يستقلها برفقة شقيقه لإطلاق نار كثيف انتهى بمقتل شقيقه ونجاته، والثانية في نهاية العام ذاته عندما تم تفجير عبوة ناسفة في سيارته الشخصية، إذ لم يكن داخل السيارة حينها. جهاز المباحث بقيادة الهويريني الذي عمل وفريق مهماته الصعبة على تصميم واجباته وطريقته الفذة لتحقيق الأهداف، كان يعمل للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها، ولا يستثني في ذلك الجوانب الفكرية والاجتماعية التي تصب في أمن واستقرار البلاد. ونصّت الأوامر الملكية الجديدة على استمرار الفريق الهويريني في موقعه مديراً للمباحث العامة، ويضاف إليه منصب رئيس جهاز أمن الدولة وضم عدد من أبرز المديريات الأمنية في وزارة الداخلية، ليصبح بمثابة جهاز أمني جديد يمنحه قدرة أكبر على تحقيق استراتيجية التنسيق الفعال والمجدي أمام تحديات تنمو وتتناسل سريعاً وتتطلب يقظة ونباهة يوفرها ويضمنها الجهاز والتوجه الجديد لمنظومة الأمن الوطني الشامل بقيادة الهويريني.