نعم معه حق فيما يقول.. ونحن معه، ندعم ونساند، لأن هذا هو الحق، والحق أحق أن يتبع، وهو أيضا منهج الدولة الذي وضعه الملك المؤسس عبدالعزيز، يرحمه الله، ليصبح من أساسيات الحكم التي حفظت وحدة بلادنا. وبما أن الإعلام رسالته وأهدافه أخلاقية وإنسانية، لذا يجب أن نقف مع الإدارة العامة للمباحث، وهي تسعى حثيثة لتحقيق العدل في القول والعمل. الفريق عبدالعزيز الهويريني مدير عام المباحث، في اللقاء الذي جمعه بعدد من الزملاء الإعلاميين الأسبوع الماضي، كل ما يريده من الإعلام هو إيصال للناس (أن جهاز المباحث جهاز عادل)، هذا جل ما يريد، وفي اعتقاده أن أجهزة الضبط الأمني لا يمكن أن تكون (محبوبة)، ولكن من الضروري أن تكون عادلة في عملها. الفريق الهويريني، يتحدث بمنطق رجل الدولة، الذي يرى جميع الأبعاد والمتغيرات في عمله، ويستشرف المستقبل، ومن حسن حظ بلادنا أن يكون رجال الدولة، من أمثال الفريق الهويريني، موجودين على الثغور والمواقع الحساسة لأمننا ووحدتنا. لذا هو حريص على منهج العدل في عمل المباحث العامة. هذا المنهج يعد من ضرورات الحكم. ليس مهما أن يكون الجهاز محبوبا، بل محترما ومهابا، ولا يوجد جهاز أمن في العالم يمكن أن يكون محبوبا. العمل الأمني في الدول الطبيعية التي تأسست فيها مقومات الدولة المستقرة في أدواتها السياسية، والمستقرة في آلية تداول السلطة، في هذه الدول أجهزة الأمن تُحترم وتُقدر؛ لأنها تعمل لتحقيق المصالح العليا لبلادها. وهذا ما يقوم عليه العمل في جهاز المباحث العامة، وللأمير الراحل الكبير نايف بن عبدالعزيز الدور الكبير في تأسيس (الروح الوطنية) في عمل المباحث، بالذات اتباع الضوابط الشرعية والنظامية، وكان للأمير الراحل التوجيهات الصريحة للعاملين في الجهاز بضرورة احترام الحقوق الأساسية للموقوفين. يروي الفريق الهويريني أن الأمير الراحل حذره من انتهاك خصوصيات الموقوفين مع عائلاتهم، ويروي أنه -رحمه الله- قال له: (لن أحلك يوم القيامة إذا حدث هذا). في سبيل الوصول إلى العدل في العمل، يبذل جهاز المباحث جهوده؛ لرفع كفاءة العاملين لديه، عبر التأهيل والتدريب في أساليب المراقبة والضبط، والجانب المتميز في هذا الجانب تجده في توجه العاملين في المباحث إلى دراسات الشريعة والقانون وعلم النفس والاجتماع، والاتجاه أيضا إلى دراسة السياسة والاقتصاد، وهذا مؤشر على الرغبة الجادة لتحقيق العدل. هذا التوجه العلمي المحترف، يساعد في فهم الحياة المعاصرة وتعقيداتها، فالكثير من القضايا والمشاكل التي نواجهها قد لا تتطلب المعالجة الأمنية وحدها، بل يحتاج التعامل معها ضرورة فهم طبيعة النفس البشرية، وظروف المشاكل الأمنية، نشأتها والعوامل العديدة المؤدية إليها. ولا تستغرب أن ترى القيادات الأمنية في المباحث أو في المخدرات يطرحون حلولا غير أمنية للمشاكل التي يتصدون لها. ويبرز ذلك في جهودنا لمحاربة التطرّف والإرهاب، وفي اللقاء مع معالي الفريق الهويريني دار حديث مطول عن الجذور الفكرية والأيديولوجية التي جرفت شبابنا وراحوا ضحية لها، والقيادات في المباحث تعمقوا في الدراسة والبحث العلمي لفهم ظاهرة الإرهاب، وأساليب معالجتها، ومن أهمها الجهود المكثفة للمناصحة والمراجعة مع المتورطين في قضايا الإرهاب. جهود المناصحة، بالإضافة إلى ضرورتها لتحقيق العدل، أصبحت قيمة مضافة للعمل الأمني في المملكة، فالنزعة العلمية الموضوعية في مواجهة الإرهاب حولت المملكة لتكون مرجعا يستشار وتطلب مساعدته في فهم التطرّف وسبل مواجهته. جهاز المباحث العامة، كما قلت في هذه الزاوية يوم أمس، يتحول الآن إلى مؤسسة وطنية تتجاوز الضبط الأمني، وإنجازات السنوات الماضية عززت الصورة الإيجابية للمباحث، وقد رأى الناس الدور الكبير الذي قام به لحفظ الأمن الوطني، وفي سبيل ذلك راح الكثير من ابنائنا واخواننا شهداء للواجب الوطني. عند مدخل قاعة الاجتماعات، في مبنى الإدارة العامة للمباحث، خُصصت شاشة لعرض شهداء الواجب في المباحث. الفريق الهويريني أخبرنا عن قصة أحد الضباط الشهداء الذي قتله أحد المتطرفين الشباب. المحزن في القصة أن المقتول هو خال الشاب القاتل الغادر، فهو الذي رباه ورعاه وعطف عليه، وهذا لم يشفع له. ألا تكشف هذه الحالة عن خطورة الانحراف العقدي والفكري الذي تعرض له شبابنا، والذي ليس له علاقة بالإسلام الذي نعرفه.. وتربينا على حلاله وحرامه، وآدابه وأخلاقياته. من أين جاء هؤلاء؟