طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء محادثاته مع نظيره الفلسطيني محمود عباس الذي اختتم زيارة دولة إلى بكين أمس (الخميس) رؤية صينية من أربع نقاط حول تسوية القضية الفلسطينية، وهي «رؤية تضع أساساً للسياسة الصينية تجاه القضية الفلسطينية خلال السنوات المقبلة»، وفق ما ذكرت وكالة «شينخوا» اليوم. وتتركز الرؤية الصينية على النقاط الآتية: الدعم السياسي، والأمن المستدام، وتنسيق جهود المجتمع الدولي، وتحقيق السلام من خلال التنمية. ويرى خبراء ومحللون صينيون أن زيارة عباس والرؤية الصينية الجديدة «تأتيان في توقيت بالغ الأهمية وتحملان إشارات جديرة بالاهتمام». وتضمنت رؤية شي تأكيده على أن الصين ستتعاون مع فلسطين في تطوير منطقة صناعية وفي تدريب الأكفاء وبناء محطة للطاقة الشمسية لمساعدة البلاد في تحسين قدراتها التنموية الذاتية. وعلاوة على ذلك، اقترح شي إطلاق آلية حوار ثلاثية الأطراف مع فلسطين وإسرائيل من أجل تطوير مشروعات كبرى لمساعدة الجانب الفلسطيني. ووقع الجانبان الصينيوالفلسطيني خلال زيارة عباس، عدداً من الاتفاقات في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية. ويرى المدير الفخري لمعهد بحوث شؤون الشرق الأوسط التابع لجامعة شانغهاي للدراسات الدولية تشو وي ليه أن زيارة ورؤية شي الجديدة «تبرزان رغبة الجانبين في تسليط الضوء على أهمية عدم تراجع القضية الفلسطينية في سلم الأولويات على الصعيدين الإقليمي والعالمي، انطلاقاً من كونها قضية محورية لإحلال الأمن والسلام في الإقليم، وذلك في وقت ينشغل فيه العالم بقضايا وأوضاع كثيرة داخلية وخارجية وتعتري فيه منطقة الشرق الأوسط اضطرابات وأزمات عدة». وتابع: «حالة التهميش التي تتعرض لها القضية الفلسطينية جراء المناخ الدولي المعقد والتقلبات التي تعيشها المنطقة وما يصاحب ذلك من توقف محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ العام 2014، تجعل من الضرورة بمكان وجود دولة كبيرة وقوة دافعة خارجية تذكر العالم بمدى إلحاحية إحياء محادثات السلام وإنهاء الوضع العالق للقضية الفلسطينية وإيجاد تسوية لها في أقرب وقت ممكن». وأشار تشو إلى أن «احتياج فلسطين بشكل ملح إلى دعم الصين، التي تعد ضمن الدول الكبرى في العالم التي تدعم فلسطين بشكل ثابت وواضح، أمر طبيعي وذلك في ضوء عدم وضوح موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب - الذي تعد بلاده لاعباً رئيسياً في عملية السلام بالشرق الأوسط - من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعدم طرحها حتى الآن خطة عملية قابلة للتطبيق لحل القضية الفلسطينية رغم تبادل ترامب وعباس للزيارات في مايو الماضي وقيام مبعوثين لترامب بزيارة المنطقة في حزيران (يونيو) الماضي». ولاحظ المبعوث الصيني الخاص السابق لمنطقة الشرق الأوسط وو سي كه أن «رؤية شي الجديدة، مقارنة بالرؤية التي طرحها شي في أيار (مايو) 2013 خلال لقائه الرئيس عباس أثناء زيارته للصين في ذلك الوقت، تحمل ميزات عدة، يكمن أولها في أنها لا تؤكد على الدعم السياسي التقليدي فحسب، وإنما تتضمن العديد من الإجراءات الاقتصادية وكذا آلية تضمن تطبيق هذه الإجراءات، وهو ما يعد شيئاً جديداً». ولفت وو سي كه إلى أن «الرئيس شي أكد في رؤيته الجديدة على تمسك الصين بدعم فلسطين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود العام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وأعرب أيضا عن دعم الصين لانخراط الشركات الصينية المؤهلة وذات الكفاءة في تنفيذ تعاون استثماري مع فلسطين من أجل تحقيق منفعة مشتركة ونتائج مربحة للجانبين». وتعليقاً على إعلان الرئيس شي عزم الصين استضافة ندوة حول السلام بين فلسطين وإسرائيل في وقت لاحق من العام الجاري لتساهم بالحكمة في تسوية القضية الفلسطينية، قال وو سي كه إن «إجراء تواصل شعبي من خلال هذه الندوة سيكون أسهل من ناحية التطبيق في ظل توقف المفاوضات السياسية»، مشيرا إلى أن «هذه التجربة قد تمثل سبيلاً لتحقيق التقارب السياسي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي». ويقول الخبير البارز في شؤون الشرق الأوسط بأكاديمية تايخه الصينية للدراسات والبحوث الإستراتيجية وو يي هونغ إن «الزيارات التي قام بها الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أيار عام 2013 والعام الجاري للصين، تعكس اهتماماً متزايداً من الطرفين بدور الصين في تسوية الصراع بينهما وتبرز أيضاً رغبتهما في تكثيف الصين لجهودها الرامية إلى المضي بعملية السلام قدماً»، مشيراً إلى «وجود ترحيب بدور أكثر فعالية للصين في قضايا المنطقة». ورأى أن «رؤية شي الجديدة بشأن القضية الفلسطينية تمثل إجراء عمليا يعكس مشاركة أكبر للصين في حل القضية الفلسطينية التي تمثل لب المعضلات السياسية في منطقة الشرق الأوسط»، مشدداً على «ضرورة أن تركز الصين على توسيع دائرة المصالح المشتركة مع دول المنطقة والعالم وعلى تشكيل مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية جمعاء وتلتزم بإستراتيجية الانفتاح القائمة على التنافع والترابح»، مؤكداً أن «القضية الفلسطينية هي قضية القرن وتتطلب كونها قضية شائكة تضافر جهود المجتمع الدولي لإحياء المفاوضات الصعبة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني حتى تلوح بوادر السلام في الأفق».