في عام 1965 قال ماوتسي تونغ لوفد عربي زاره في بكين «إن الشرق الأوسط هو الباب الذى يفتح على القارة الآسيوية «. تدخل الصين الشعبية اليوم على الخط النشط في الحديث عن استنهاض عملية السلام في الشرق الاوسط من خلال استقبال قيادتها السياسية الجديدة برئاسة الإصلاحي شي جين بينغ الذي يبدو انه يبحث لبلاده عن دور محوري في قضايا الشرق الاوسط ، إذ يبدأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زيارة إلى بكين تستغرق ثلاثة أيام ينتظر أن يبحث خلالها مع الدوائر السياسية في العاصمة الصينية سبل دفع عملية السلام في الشرق الاوسط المنطقة الاهم بالنسبة للصين والتي تزودها بأكثر من 50% من احتياجاتها من الخام . وتأتي هذه الخطوة متزامنة مع زيارة يقوم بها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى بكين بدعوة من رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ إذ يصادف أن يتواجد الطرفان في ذات المكان في اشارة سياسية تبعث بها بكين للفاعلين الكلاسيكيين في المنطقة وعلى رأسهم واشنطن التي يبدو ان رؤيتها إلى حل للقضية الفلسطينية لم يتبلور بعد بالرغم من انتهاء اربع سنوات من حكم الرئيس أوباما دون أي ايجاد أي فرصة لحل سياسي محوري . ويشير السفير الصيني لدى المملكة لي تشينغ وين بأن بلاده مستعدة للعب دور إيجابي وبناء لتحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات الاممالمتحدة . مؤكداً أن بلاده على استعداد لتوفير الاجواء المناسبة لإجراء مباحثات للطرفين إذا رغبوا في ذلك. وعبر السفير لي عن استعداد بكين للعمل مع المملكة والدول الفاعلة في المنطقة والجامعة العربية لإيجاد حل عاجل وشامل، في وقت أكد فيه مبعوث الصين للشرق الاوسط وو سي كه أن محادثاته مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين تشعره برغبة لدى الطرفين في استئناف محادثات السلام، إلا أن هناك فجوة بين مواقفهما إزاء مسألة العودة للجلوس إلى طاولة المفاوضات وأن دور بكين هو تضييق تلك الفجوة. مبررات الخطوة الصينية يأتي هذا التحرك من الحكومة الصينية في الوقت الذي يبدو أن عملية السلام قد دخلت منعطفاً مهماً بتعديل المبادرة العربية وارتفاع التفاؤلية السياسية في المنطقة لاستئناف مفاوضات السلام بالرغم من ان الدعوة الصينية كانت قبل الحديث عن تعديل المبادرة وما تبعه من ردة فعل فلسطينية او اسرائيلية أو حتى عربية، الامر الذي يوحي برغبة بكين في لعب دور قيادي وفعال في المنطقة التي يرى المحللون أنها باتت الأهم بالنسبة لبكين التي يمكن أن تكون خليفة واشنطن العازمة على الانتقال بثقلها العسكري إلى «الباسفيك» وهو أمر على المدى الاستراتيجي يعني انسحاب اللاعب الاكبر في المنطقة لصالح المارد الاصفر الذي يشكل الخليج العربي والمنطقة العربية عموماً منطقة مصالح استراتيجية. الامر الآخر هو رغبة بكين في تفعيل دورها بالدفاع عن الحقوق العربية في وقت تعرضت الصين لضغط كبير بعد وقوفها وروسيا امام قرارات لمجلس الامن كانت ستدين النظام السوري وهو ما أثار الرأي العام والقيادة السياسية في العالم العربي وهو أمر أدركته بكين، لذا سارعت بإرسال وفودها تباعاً للمملكة وعدد من الدول المهمة في المنطقة لاحتواء الموقف وتوضيح وجهة النظر الصينية. الخلاصة تأمل بكين من خلال هذه الخطوة تسليط الضوء على التوجه الجديد لسياستها الخارجية ودعم القضية الاهم في الشرق الاوسط، وهو أمر علق عليه السفير لي تشينغ وين بأن القضية الفلسطينية لديها ارتباط بأمن واستقرار المنطقة، وهو ما تحرص عليه بكين إدراكاً منها بأهميتها الاستراتيجية. كما أن هذه الخطوة تدلل على ان القيادة الجديدة برئاسة شي جين بينغ تتطلع للعب دور السياسي وعدم الاكتفاء بلعب دور رجل الاعمال.