على رغم قصر إجازة الربيع التي تأتي لتقسم الفصلين الدراسيين عن بعضهما، إلا أنها تحظى باهتمام بالغ، يجعلها تشهد سفر عدد كبير من العائلات السعودية، التي تتّخذها كنوع من الاسترخاء بعد عناء أربعة أشهر دراسية وعملية، أو كاستراحة محارب يُهدف من خلالها إلى تجديد النشاط والعودة أفضل من قبل. ولا يكفّ السعوديون عن استغلال هذه الإجازة حتى وإن كانت لا تتجاوز عشرة أيام، إذ يتم العمل على الاستفادة منها بقدر الإمكان، فمهما تقلّصت خيارات السفر أمامهم، يظهر جهد جهيد للوقوع على ما يمثّل إبرة في كومة قش، فخلق البدائل يبدو جلياً لدى الكثير منهم، فإذا كانت القاهرة تعيش أسوأ حالاتها الأمنية والمعيشية، وتبدو بعيدة كل البعد عن إمكان استقبال سيّاح، وبيروت هي الأخرى بالكاد تستوعب أهاليها الذين غطّوا شوارعها متظاهرين، فإن دبي لا تزال بحال جيّدة، ولديها القدرة الكاملة على الاستضافة، وإن كانت ستشهد الزحام نظراً لكونها مقصداً للكثيرين في مختلف الأوقات وفي جميع الإجازات طالت أم قصرت، فإن ذلك يجعل بعض الدول التي لا تُعرف بالإقبال السياحي عليها تظهر على السطح وتوجد نفسها، داعية جيرانها للمجيء، فالوضع مشجّع على زيادة المكوث في البحرين أكثر من ثلاثة أيام، بعكس ما جرت عليه عادة السعوديين، والكويت يمكنها أن تشكّل خياراً مهماً، لاسيما أن إجازة الربيع تتزامن مع الذكرى الخمسين على استقلالها، ومرور 20 عاماً على تحريرها، ما يعني وجود مجموعة من الفعاليات الجاذبة المخصّصة لهذه المناسبة، إلا أن دبي تأتي في مقدّم ترتيب الدول التي تجد الاهتمام والحرص بالاتجاه إليها من منطلق امتلاكها المقومات السياحية التي تتناسب مع مختلف الفئات العمرية، بجانب أن الأجواء الحالية تعتبر عنصر جذب. ويعزّز جانب القرب المكاني اتجاه مجموعة من العائلات السعودية والأفراد إلى بعض الدول الخليجية، إضافة إلى جانب السماح بالتنقّل منها وإليها ببطاقة الهويّة، ما يتيح السفر بمعدّلات أعلى وأكثر. وعلى الجانب المحلي، يكاد يكون الخيار وحيداً، إذ تأتي المنطقة الشرقية كأولوية تأخذ شكلاً إما الاتجاه إليها أو البقاء من دون سفر، فالخيار السباق الذي كان يمثّل منافسة حادة معها بات الآن محتجزاً بمياه الأمطار التي تسبّبت في غرق عدد من سكانه وأحيائه، فلسان حال جدة يقول «عذراً... لسنا على استعداد لاستقبالكم»، ليتم الاقتصار على الدماموالخبر تحديداً، وبقيّة مدن المنطقة الشرقية ومحافظاتها، بعد أن أعلنت جدة انسحابها على غير العادة. أبو عبدالرحمن يجد أن من غير المفترض صرف الكثير من المال خلال هذه الإجازة، واختيار الأماكن البعيدة، فهو يعتبرها فترة لأخذ قسط من الراحة، وتغيير الأجواء المعتادة، وبالتالي فإن الأماكن القريبة من مكان سكنه أجدر بالزيارة. ويقول: «قررت الذهاب إلى الكويت مع أبنائي بواسطة السيارة، فالكويت لا تبعد عن مقر إقامتي في محافظة المجمعة إلا قرابة أربع ساعات، لذا أردت استغلال قربها، وفترة احتفالها باستقلالها، فهي مشجّعة جداً للزيارة». أما خالد الخميس فغيّر وجهته من بيروت إلى الخبر، بعد أن كان مصرّاً على الذهاب إليها، على رغم الحال التي تعيشها الآن. ويضيف: «أتممت حجوزاتي أنا وأسرتي للاتجاه إلى بيروت، على رغم علمنا بما يحدث فيها، إذ اننا نرى أن هذه الحال طبيعية ولا يحويها ضرر، حتى وجدنا وزارة الخارجية والسفارة السعودية هناك تنصحان بعدم الذهاب، ثم وجدنا أن المكان الأفضل والأقرب بعد هذا التحوّل هو المنطقة الشرقية». أم ثامر لا ترى أن هناك مكاناً أنسب من دبي خلال إجازة الربيع، بصرف النظر عن الأحداث التي يعيشها أكثر من مكان، وتضيف: «بعيداً عن كل ما يحدث، فهذه الفترة هي المثالية للذهاب إلى دبي، فحال الطقس بعيدة عن الحرارة، والمكان يتطوّر ويتجدد باستمرار، إضافة إلى حاجتي للتسوّق، الأمر الذي أجد معه أن دبي مكان ضروري خلال هذه الإجازة».