انعكست تطورات الاحتجاجات المتواصلة في مصر، هدوءاً في الحركة السياسية اللبنانية ومواقف الأطراف التي طغى عليها هم التطورات المتسارعة في مصر، واقتصر نشاط الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي على لقاء عصراً مع السفير السوري علي عبدالكريم علي، كان سبقه اتصال أجراه ميقاتي بالرئيس اللبناني السابق أمين الجميل. في حين استمرّ السجال بين فريقي 8 و14 آذار على خلفية تشكيلة الحكومة العتيدة. وعرض وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي مع مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار ورئيس بلدية طرابلس نادر الغزال الأوضاع في طرابلس ووحدة الطائفة السنّية. وعقد الصفدي اجتماعاً مع الشعار، اتفقا خلاله على «ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز التفاهم بين قيادات الطائفة السنّية على قاعدة المصلحة الوطنية العامة، فضلاً عن سبل حفظ الاستقرار والدور الشمالي والوطني لمدينة طرابلس». كذلك استقبل الصفدي في مكتبه، الغزال على رأس وفد من أعضاء المجلس البلدي استنكروا ما تعرضت له مكاتب مؤسسة الصفدي من أعمال شغب. وأبدى الصفدي حرصه على موقع طرابلس كعاصمة للشمال وحاضنة للتنوع فيه، وقال: «مساعينا متواصلة لتنفيذ المشاريع التي تحتاجها المدينة، لا سيما في مجال البنى التحتية لتنشيط دورة الاقتصاد وتحفيز الاستثمارات». ودعا المجلس البلدي في طرابلس الى «تكثيف جهوده لتنمية المدينة وإبراز معالمها الحضارية والثقافية». واعتبر وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة أن «اجتماع المكتب السياسي لتيار المستقبل كان مناسبة للرئيس سعد الحريري ليؤكد أن مشروع س - س انتهى». وقال منيمنة في حديث الى «أخبار المستقبل» إن «حكومة الحريري أطيح بها تحت عنوان وحيد وهو موضوع إلغاء المحكمة، والكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحاً بأنه لن يدعم اي حكومة ما لم تتبنَّ هذ الحكومة موضوع سحب الاعتراف من المحكمة الدولية واستدعاء القضاة اللبنانيين ووقف التمويل، هذا كلام واضح، وعلى هذه القاعدة تم تكليف الرئيس ميقاتي». وقال: «فليتفضل الرئيس المكلف ويعلن في شكل واضح التزامه التام أمام اللبنانيين بأنه سيعطي المعارضة الجديدة أي قوى 14 آذار تمثيلها الحقيقي داخل مشروع تشكيل الحكومة، ونسبتها الحقيقية إذ إن لها 60 نائباً، أي حكومة ثلاثينية يفترض أن تكون حصة 14 آذار منها 14 نائباً. فليعلن ذلك حتى نعلن موقفنا من هذا الأمر». ودعا عضو كتلة «المستقبل» النيابية رياض رحال الرئيس المكلف الى «حسم موقفه بصراحة ومن دون غموض ومواربة في شأن مذكرة التفاهم بين الدولة اللبنانية والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ووقف تمويلها وسحب القضاة اللبنانيين منها». وقال خلال استقباله وفوداً شعبية وبلدية واختيارية من عكار: «عند الانتهاء من الاستشارات صرح الرئيس المكلف بأنه وسطي بين فريقين، ويريد حل هذا الموضوع كما قال بالحوار وبإجماع لبناني وغطاء عربي. نحن نريد رأيه هو كرئيس مكلف، على ماذا يريد الحصول: على الاجماع والغطاء العربي، على دعم مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية أم فك الارتباط معها، مع العلم أنه هو يعرف تماماً بأن جميع اللبنانيين أجمعوا على المحكمة الدولية على طاولة الحوار، فلماذا الرجوع الى الحوار؟». وتمنى على ميقاتي ألا «يأتي بوزراء كيديين أصبحوا معروفين بالابتزاز السياسي والانتخابي للمواطنين ضد مصلحة الدولة، أمثال (جبران) باسيل و (شربل) نحاس وغيرهم من الحكومة المستقيلة، بل عليه أن يلتزم بما ينص عليه الدستور، من أن رئيس الحكومة هو المخول تأليف الحكومة بالتعاون مع فخامة رئيس الجمهورية من دون املاءات من هنا وهناك». وأكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية علي بزي الذي مثّل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في احتفال تأبيني في النميرية أمس، أن «لمعة بيضاء حصلت في هذا البلد لتطوي الكثير من الصفحات السود، وما حصل في الفترة الأخيرة وفّر على لبنان الكثير من المتاعب والأزمات». ورأى أن «اللبنانيين يتطلعون بأمل كبير وتفاؤل عظيم الى تجاوز الأزمات والمحن التي عصفت بالبلاد»، وقال: «نحن من أوائل الداعمين لأية حكومة، مسهلين أعمالها ومقدمين كل الجهود والطاقات لنجاحها. وسنقدم كل ما يمكن لإنجاح حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتسهيل مهماتها لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية». ودعا بزي «الجميع الى المشاركة في حكومة انقاذ وطني تستفيد من التجارب المريرة التي مررنا بها». وأعلن النائب ناجي غاريوس في حديث الى «تلفزيون لبنان» أمس، أنه «خلال اجتماعاتنا مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي طلبنا منه السرعة في التأليف لا التسرع»، مؤكداً أن ميقاتي «لم يلزم نفسه بمواعيد محددة، لكنه واعٍ لضرورة الإسراع في التشكيل». ورأى غاريوس أن «في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية من الأفضل أن يكون شكل الحكومة ذا وجه سياسي ووجه تقني»، مشدداً على أن «المطلوب بيان وزاري يلتزم حماية لبنان من الأفكار الخارجية المتمثلة بإسرائيل وخطر التوطين وبتداعيات القرار الظني وتوظيفه لزعزعة الاستقرار في لبنان. بيان يلتزم الإصلاح الإداري والقضائي». وعن قول رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري «إن خروجنا من السلطة محصلة لأمر عمليات خارجي تم الإعداد له من أشهر»، ردّ غاريوس: «انه يتكلم عن نفسه لأنه وصل الى السلطة ومارسها بأمر عمليات خارجي ويريد إلصاقها بغيره». وأكد النائب قاسم هاشم (حزب البعث) خلال جولة له في حاصبيا أمس، أن «إمكان تشكيل حكومة شراكة وطنية، يبقى رهن ما ستتخذه قوى الفريق الآذاري من قرار مشاركة او مقاطعة، لكن أياً كان قرار هذا الفريق، فإن القوى الداعمة للرئيس ميقاتي ستتحمّل مسؤولياتها الوطنية كما كانت دائماً»، معتبراً أنه «لا تجوز الإطالة والانتظار لأن التحديات والأخطار التي تواجه لبنان والمنطقة تستدعي الإسراع بإنجاز التشكيلة الحكومية، إضافة الى ضرورة معالجة القضايا الحياتية والاقتصادية والاجتماعية الضاغطة على اللبنانيين». وتوقع «ألا تطول ولادة الحكومة أكثر من اسبوعين، والأفضلية لحكومة مختلطة من السياسيين والتكنوقراط». الى ذلك، تمنّى النائب السابق مصباح الأحدب في مؤتمر صحافي في منزله في طرابلس أمس على ميقاتي «ألّا يكون عامل انقسام بل عامل إجماع للواقع الطرابلسي الجديد المؤلم والمؤسف». ورأى ان «اعمال الشغب المرفوضة في 25 كانون ليست على الإطلاق الخيار الأصلي لأهلنا بل هي الابن الشرعي لأحداث 7 أيار المشؤومة والبروفات العسكرية التهديدية المتكررة». ولفت الى أن «البلاد دخلت في الأسابيع الماضية حال انقسام وطني غير مسبوق، لا من حيث الحجم ولا من حيث الخطورة، وقد وصلنا اليها بسبب تضافر عاملين اثنين: الأول، إصرار حزب الله خلال السنوات الأخيرة على اعتماد سياسة هيمنة زاحفة وسعي دؤوب للسيطرة على قرار المؤسسات الدستورية بالتزامن مع تقوية البنية العسكرية والسياسية والاجتماعية الموازية التي تعود اليه حصرياً، والثاني هو انزلاق فريق الغالبية السابقة (أي المعارضة اليوم) تدريجاً نحو القبول بآلية مساومة غير متكافئة وغير متوازنة وغير مضمونة النتائج، إما تحت الضغط الأمني أو تبعاً لنصائح خارجية غير مشفوعة بضمانات، وإما عبر تحالفات انتهازية خاطئة في الاستحقاقات الانتخابية».