على رغم أن «الربيع العربي» أصبح متعثراً في كل نتائجه، إلا أن باحثي الخليج في ندوة «تحولات الاستراتيجية العالمية» لم يتجاهلوا تأثيره في المشهد. ويؤكد المستشار بمجلس الوزراء الكويتي الدكتور محمد غانم الرميحي أن هناك تداعيات حقيقية ل «ما يسمى بالربيع العربي على أمن الخليج»، مشيراً إلى أن أبرز تلك التداعيات مردها إلى أن «المنطقة برمتها لا تزال في مرحلة سيولة سياسية ضخمة، كما أصبح هناك الكثير من التدخلات الإقليمية والدولية في بلدان ما يسمى بالربيع العربي». وعزا الإشكال الأكبر إلى «أوهام عدة تحيط بتفسير ظاهرة الربيع العربي، أهمها أن الأسباب التي قادت إلى ذلك هي الفقر، بينما الواقع عكس ذلك تماماً، إذ كانت معدلات التنمية في تونس ومصر في الأعوام الأخيرة قبل حدوث الاحتجاجات فيها في تصاعد وارتفاع مطرد». وألمح إلى أن الحراك العربي طبعه «التقليد» أكثر، كما لو أنه ظاهرة معدية «بمعنى أنه بدأ في تونس ولم يكن أحد يتوقع أن يسري بهذه السرعة إلى بلدان أخرى، لكن سرعان ما انتقل هذا الحراك إلى كل من مصر وليبيا واليمن وسورية». واعتبر خطر «الإخوان»، الذين كان التنديد بهم إلى جانب بقية حركات الإسلام السياسي طابعاً عاماً في المؤتمر، يأتي من «علاقتهم بالقوى الداخلية الخليجية المماثلة، وعلاقتهم بدول إقليمية لها مطامع في المنطقة». وأضاف أن «المخاطر التي ظهرت في الأفق من تأثير الإسلام الحركي تمثلت في وصولهم إلى الحكم في تونس ومصر، كما نشط الإسلام الحركي السياسي في الخليج بشقيه السني والشيعي، وانتابت البيئة الأمنية الخليجية مخاوف احتمال التعاون بين إيران ومصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي بعد زيارته طهران كأول رئيس مصري يزور إيران منذ عقود طويلة». من جهته، يرجح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية أنور ماجد عشقي أن «الأمن لا يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل بالعدالة الاجتماعية، والرخاء لا يترسخ بالمال وحده، بل بالوحدة الوطنية، فالأمم لا تستطيع أن تواجه التحديات إلا بالعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية». فيما يعتبر المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج الدكتور ظافر محمد العجمي الجغرافيا هي التي «أثقلت كاهل التاريخ الخليجي ولا تزال، مثل التحدي القريب المتمثل بالأزمة الأمنية الممتدة مع إيران في غياب ما يدل على نيتها أن تصبح شريكاً إيجابياً». مشيراً إلى أن «الوحدة الخليجية هي رهان على المستقبل بالنسبة إلى شعوب ودول مجلس التعاون».