أضافت إسرائيل عصى أخرى في عجلات مركبة المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين، المتعثرة أصلاً، حين أقرت اللجنة الحكومية لشؤون التشريع، أمس مشروع قانون يخوّل قضاة المحكمة صلاحية منع «رئيس الدولة» من منح عفو لسجناء يُحكم عليهم بالسجن المؤبد أو تقصير مدة محكوميتهم، وهو مشروع أراد منه مقدموه منع الحكومة تنفيذ صفقات تبادل أسرى، أو إطلاق أسرى فلسطينيين قبل انتهاء فترة محكوميتهم لقاء التقدم في مفاوضات سياسية. لكن القانون الجديد لن يسري بأثر رجعي. كما أقرّت اللجنة الوزارية مشروع قانون ثانياً يمنع رئيس الدولة من «منح العفو لمخرب دين بارتكاب جريمة على خلفية قومية معادية، إلاّ إذا قام بدفع تعويضات لعائلة المجني عليه». ونال مشروع القانون الأول تأييد سبعة وزراء يمثلون حزب «ليكود بيتنا» (بضوء أخضر من زعيمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو) وحزب المستوطنين الأكثر تطرفاً «البيت اليهودي»، في مقابل معارضة رئيسة اللجنة، وزيرة القضاء تسيبي ليفني ووزيرين من حزب «يش عتيد» الوسطي. وينص القانون على أنه يحق للقضاة أثناء إصدار حكم بالسجن المؤبد أن يشيروا في قرارهم إلى أن العقوبة هي «عقوبة مدى الحياة كاملة»، وأنه لا يحق لرئيس الدولة تقصير المدة. وأشار مقدمو القانون في شرحهم لبنوده ان الهدف المعلن من تشريعه هو «منع بادرات حسين نية سياسية أو صفقات لتبادل أسرى»، مضيفين أن «القانون سيطبَق أيضاً على مرتكبي عمليات قتل شنيعة، خصوصاً قتل أطفال». وهلّل أركان اليمين للمصادقة على القانون، واعتبره زعيم حزب المستوطنين، وزير الاقتصاد نفتالي بينيت «صفحة جديدة في الحرب الإسرائيلية على الإرهاب». وقال إنه سيعمل على تسريع إجراءات تشريع القانون في الكنيست بلا أي تأخير، «ليعلم القتلة أنه ينبغي عليهم أن يموتوا داخل السجن، وليس في بيوتهم». وتابع في حديث إذاعي أن «إسرائيل تفتح اليوم صفحة جديدة في محاربتها الإرهاب وفي التزامها الأخلاقي للعائلات الثكلى ... ومع تمرير القانون سنضع حداً لسنوات من الابتزاز بالإفراج عن أسرى بالجملة». وزاد أن القانون الجديد يبغي وقف سياسة «الإفراج عن مخربين بقرار من حكومات لا تستطيع مواجهة الضغوط». واعتبر وزير البناء والإسكان (البيت اليهودي) أوري أريئل ان القانون «يحمل رسالة إلى القتلة والمخربين بأنه لن يتم الإفراج عنهم أبداً، وهذا رادع قوي أمام الإرهاب، إذ سيضعف الحوافز لخطف جنود إسرائيليين بهدف المساومة». وقال وزير الداخلية جدعون ساعر إن القانون سيطبق أيضاً على منفذي أعمال قتل «مع سبق الإصرار والترصد، وليس على المخربين فقط»، مضيفاً أن قتلة الأطفال يجب ألا يحظوا بأي عفو. واعتبر رئيس الائتلاف الحكومي، أحد مقدّمي المشروع يريف ليفين إقراره في اللجنة التشريعية الحكومية أنه «يضع سقفاً أخلاقياً جديداً وملائماً للحكومة في تعاطيها مع المنظمات الإرهابية». وأضاف أن القانون سيمنع الإفراج الواسع «عن أسوأ القتلة ويساهم في خلق ردع أمام مخطّطي العمليات التفجيرية ومنفذيها». ورأى الوزير يغال أردان أنه «كان حرياً إلزام القضاة بمنع رئيس الدولة من منح العفو، وليس منحهم صلاحية ذلك». أما ليفني التي عارضت مشروع القانون فقالت إنه «يضيّق هامش المناورة في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين». واعتبر النائب إليعيزر شطيرن إقرار اللجنة مشروع القانون «تغطية للحرج الكبير لحزب البيت اليهودي والحكومة كلها التي أقرت قبل عام الإفراج عن 104 أسرى فلسطينيين بدلاً للموافقة على وقف البناء في المستوطنات. وأضاف أنه «لا مغزى جدياً لهذا القانون في المستقبل المنظور». وقال حزب «يش عتيد» الوسطي الشريك الأبرز ل «ليكود بيتنا» في الائتلاف الحكومي في بيان اصدره إن القانون الجديد «يغيّر النظام المعمول به ويضعف قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات، رغم أننا نريد رؤية أحقر القتلة يقضون كل أيامهم في السجون». وأضاف النائب كلارين الهرار من الحزب نفسه أنه «ممنوع أن نسمح للغضب وغريزة الانتقام أن يديرا الدولة ... يجب إبقاء هامش من المناورة للحكومة لتستطيع التحرك في المستقبل، لا أن نكبل يديها في إطار المفاوضات السياسية». ووصفت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون القانون الجديد ب «الديماغوجي» لأنه «يفرّق بين دم وآخر، ويضع سلماً لتدريج الجرائم والقتلة، ويميز بين قتلة ومنفذي جرائم اغتصاب وبين قتلة من وزن ثقيل». وأضافت: «بطبيعة الحال لن يتم تطبيقه على الأسرى الفلسطينيين القابعين الآن في السجون لأنه يتطرق الى الأسرى الذين سيحاكمون في المستقبل. وأبدت «تفهمها لآلام «العائلات الثكلى عندما يتم إطلاق أسرى فلسطينيين»، لكنها أضافت أنه «يجب أن نبقي للحكومة هامش مناورة سياسية يتيح لها الإفراج عن أسرى ليس كبادرة إنسانية أو قطعة حلوى تمنح للفلسطينيين إنما كصفقة ضمن عملية سياسية تكون خطوة لبناء الثقة بهدف المصالحة وتمهيد الطريق أمام اتفاق سلام».