استحدثت الهجمات الإلكترونية الأخيرة مسرحاً جديداً للجرائم التخريبية، التي ينفذها جناة عالميون امتهنوا القرصنة الإلكترونية، لاستهداف جهات حيوية عالمية، ضحايا للتدمير الإلكتروني. فبعد هجمات التكسب المالي الأخيرة التي تسببت في شلّ العديد من أنظمة جهات عالمية، استعان قراصنة مجهولو الهوية بفايروس أشد تدميراً لتشفير بيانات أنظمة لجهات عالمية بهدف تخريبي. فيما أكد مختصون في أمن المعلومات خطورة الفايروس الأخير المستخدم لتشفير بيانات الضحية كافة، ويأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مركز الأمن الإلكتروني التابع لوزارة الداخلية عن هدف الهجمات الإلكترونية التي شهدتها بعض الدول أخيراً، مؤكداً أنها لم تكن ضمن هجوم «فدية»، لكنها برمجية تدميرية. وأوضح خبير أمن المعلومات إبراهيم بوحيمد ل«الحياة» أن الهجمات الأخيرة التي تمت بواسطه فايروس petya تستغل الثغرة ذاتها المستخدمة في فايروس wannacry وهي EternalBlue، وأيضاً ثغرة CVE-2017-0199 في Microsoft office، مضيفاً: «في حال كان حساب admin بنفس الرقم السري على جميع الأجهزة في المنشأة الفايروس يقوم بنسخ نفسه من دون استخدام ثغرة EternalBlue». وحول عمل الفايروس قال: «الفايروس يقوم بتشفير كامل البيانات علي جهاز الضحية، كما يقوم أيضاً بمنع المستخدم من استخدام live os cd، لإقلاع الجهاز بنظام تشغيل آخر لنسخ البيانات قبل تشفيرها، أيضاً يقوم الفايروس بإعادة تشغيل الجهاز لمنع الحصول على مفتاح التشفير، وفك تشفير الملفات مثلما كان يحدث مع wannacry». وأشار إلى أن هذا الفايروس من النوع التدميري أكثر من كونه فايروس فدية، كونه مدمراً جداً، لافتاً إلى أنه حتى في حال دفع الفدية فلن يتم استرجاع الملفات بسبب تعطل بريد مبرمج الفايروس وحجبه من مزود الخدمة. وحول كيفية عمل الفايروس ذكر مستشار أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية الكويتي العقيد المتقاعد رائد الرومي ل«الحياة»: «عادة ما تُشفر فايروسات الفدية أنماطاً معينة من الملفات، مثل الصور أو الملفات المستندية وما إلى ذلك، وتدع الجهاز من دون أن تلحق به ضرراً، ما يعني أنه بإمكان المستخدم العمل على حاسوبه حتى يتمكن من سداد الفدية، ولكن فيروس «بيتيا» يتجاوز ضرره ذلك الأمر، فيحجب المستخدم من الوصول إلى أي من ملفات القرص الصلب، فهناك بعض المساحات المخفية يطلق عليها سجل الإقلاع الرئيس (MBR). ويحوي هذا السجل جميع البيانات المتعلقة بعدد أقسام القرص الصلب وطريقة تنظيمها، ويحوي أيضاً شفرة خاصة تستخدم لبدء تشغيل النظام، تُدعى تلك الشفرة Boat Loader أو مُحمِّل الإقلاع. ويبدأ عمل محمل الإقلاع قبل بدء تشغيل النظام، وهذا بعينه ما يصيبه فايروس «بيتيا»: فيعمل الفايروس على تغيير مُحمِّل الإقلاع ويُحمِّل رمز الفايروس الخبيث بدلاً من تحميل أي نظام تشغيل مُنَصَّب على الجهاز». وأضاف: «هدف الفايروس الهجوم على الشركات والمؤسسات الخدماتية، إذ نجحت هجمات انتزاع الفدية الجديدة Petya في إصابة أكثر من 300 ألف حاسب خلال فترة قصيرة من الزمن مع قفل أجهزة المُتضررين ومُطالبتهم بدفع فدية تصل إلى 300 دولار لفك تشفير الملفات». وتابع: «بحسب موقع Motherboard، فإن دفع الفدية هذه المرة لن يؤدي إلى فك تشفير تلك الملفات لأن آلية الدفع تختلف، فعادة ما يتم توفير بوابة مُباشرة لدفع الفدية وفك التشفير بشكل مُباشر، إلا أن القائمين على الهجمات الجديدة طالبوا المستخدم بتحويل المبلغ إلى حساب مُحدد، ثم طلبوا منه إرسال رسالة بريدية تحوي رقم الذي قام بالتحويل، وعلى الرقم الظاهر على الحاسب المُتضرر لفك تشفير الملفات عن بُعد»، مشيراً إلى اعتماد المُخترقين في هجمات Petya على بريد Posteo الألماني، الذي قام القائمون عليه بحظر العنوان البريدي الذي يتسلم رسائل الدفع، وبالتالي لن يتمكن المُخترق من الوصول إلى بريده والاطّلاع على من قام بدفع الفدية لفك تشفير ملفّاته. فيما أوضح خبير أمن المعلومات الدكتور ياسر العصيفير ل«الحياة»، أن الهجمات الحالية بداية بWannaCry ثم Petya هي فايروسات تسمى فايروسات الفدية التي تسعى إلى تشفير الملفات وطلب في مقابلها المال، ولكن Petya تقدم خطوة بسرعة كلمات المرور وحسابات كلها، إضافة إلى الفدية والانتشار السريع عالمياً بأقل من ثلاثة أيام للكثير من الدول مثل أوكرانيا، واسبانيا، والهند، وفرنسا وغيرها. وأكد أن المشكلة الأساس أنه يستخدم ثغرات خاصة لمركز الأمن القومي وتم تسريب الثغرات، والآن المخترقون يستغلونها بكثرة نظراً لوجود ملايين من الأجهزة المصابة، ولم يتم التحديث لغلق الثغرة، مبيناً أن الحل بسيط ولكن يحتاج إلى متابعة أمنية وتقنية وتحديث مستمر. وأضاف : «المجال الإلكتروني واسع، وهو أداة ممكن تستخدم للخير أو للشر، فبالاختراق ممكن أن تستخدم مثل فايروس Petya لتشفير ملفاتك وإجبارك على تحويل بما يعادل 300 دولار عن طريق عملة إلكترونية تسمى البت كوين، وهي عملة إلكترونية آمنة مثلها مثل الريال أو الدولار، ولكن صعبة معرفة من صاحب الحساب، وتستخدم بكثرة من المخترقين، ولكن بنفس الجانب تستخدم للأشخاص الذين يريدون الحفاظ على الخصوصية ومن الرقابة، فهي أداة تستخدم للأمان أو الاختراق. أما الحماية فيجب على جميع الجهات أو الأفراد من المتابعة الدائمة للتحديثات التقنية لأنظمة التشغيل والبرامج».