سعت الأممالمتحدة إلى البناء إيجابياً على اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، مع انطلاق مفاوضات جنيف للسلام بين الحكومة السورية والمعارضة أمس. وشدد المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا على أن هدنة الجنوب «تملك فرصة كبيرة للنجاح». وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي على هامش جنيف، إن «مناطق خفض التصعيد لا يجب أن تؤدي إلى تقسيم سورية»، مشيراً إلى أن «ما حدث في الموصل سيتحقق قريباً في الرقة» (للمزيد). وعلى رغم آمال دي ميستورا في أن تكون هدنة الجنوب بداية لخفض التصعيد في مناطق سورية أخرى، ما يفتح الباب أمام «مرحلة إرساء الاستقرار» وفق قوله، إلا أن «هدنة الجنوب» لم تصمد في يومها الثاني، وشهدت درعا والسويداء اشتباكات وقصفاً. في موازاة ذلك، أفادت تقارير إسرائيلية بأن اتفاق هدنة الجنوب تم بالتفاهم مع إيران، وأنه بموجب هذا التفاهم تنسحب الميليشيات الإيرانية وحلفاؤها من الجنوب السوري، مقابل مواصلة حملتها العسكرية في شرق سورية. وأفادت عناصر من المعارضة بأن القوات النظامية وفصائل مسلحة تساندها إيران شنت أمس، هجوماً على قرى بدوية في جنوب شرقي البلاد لإحكام قبضتها على مساحة شاسعة من الصحراء تمتد حتى الحدود مع العراق. وظهر أمس، أن روسياوإيران منفتحتان على سيناريو تهدئة مماثل للجنوب السوري، على رغم أن الكثير من تفاصيله ما زال قيد البحث. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إن «موسكو ستستغل نجاح هدنة الجنوب وستسعى إلى مزيد من الفرص للتعاون مع واشنطن لحل الصراع السوري»، موضحاً: «سنحاول انطلاقاً من هذا الأساس أن نتخذ المزيد من الخطوات إلى الأمام». وأضاف أن روسيا على اتصال دائم مع مسؤولين أميركيين في شأن الصراع في سورية وتأمل بالتوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار في أجزاء أخرى من البلاد. وكشف مصدر قريب من وزارة الدفاع الروسية جانباً من تفاصيل اتفاق «هدنة الجنوب»، وقال ل «الحياة» إنه «لا خلافات بين موسكووواشنطن حول ترتيبات الوضع في المنطقة الجنوبية، لكن النقاش التفصيلي لم يبدأ بعد لوضع الترتيبات النهائية». ووفق المصدر، فإن جزءاً من النقاش يتناول عدد أفراد قوات المراقبة وآليات عملها، إضافة إلى طبيعة الوجود الأميركي في المنطقة، خصوصاً أن «واشنطن أبدت إصراراً على أن تكون موجودة على الأرض عبر مستشارين عسكريين، وهو أمر ترغب روسيا في تجنبه، لأن الحكومة السورية لا تريد توسيعاً للوجود العسكري الأميركي في سورية». وأعربت إيران عن رغبتها في توسعة الهدنة لتشمل كل سورية. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: «يمكن أن يكون اتفاق (وقف إطلاق النار) مثمراً إذا تمت توسعته ليشمل أنحاء سورية كافة، ويضم كل المنطقة التي ناقشناها في محادثات آستانة لعدم تصعيد التوتر». وقال قاسمي إن الروس أبلغوا إيران بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار. وأفادت تقارير إسرائيلية بأن اتفاق الهدنة تم بالتفاهم مع طهران. ونقل موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي عن مصدر استخباراتي عسكري، قوله إن «طهران أعطت موافقتها على الهدنة... خلال مكالمة هاتفية عاجلة أجراها وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو مع الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني» قبيل القمة التي عُقدت في هامبورغ الجمعة الماضي. وبموجب الاتفاق، تتراجع إيران وحلفاؤها عن الجنوب السوري، مقابل تمددها شرقاً. وأفاد عناصر من المعارضة بأن القوات النظامية وفصائل مسلحة تساندها إيران شنوا أمس هجوماً على قرى بدوية في جنوب شرقي سورية لإحكام قبضتها على مساحة شاسعة من الصحراء تمتد حتى الحدود مع العراق. وأفاد عناصر المعارضة بأنهم تعرضوا لهجوم عند الفجر في منطقة صحراوية قليلة السكان تقع إلى الشرق من مدينة السويداء التي تسيطر عليها قوات موالية للحكومة وتسكنها أغلبية من الأقلية الدرزية. وأفاد الناطق باسم «جيش أحرار العشائر» محمد عدنان، بأن «هذا هو الهجوم الأكبر للنظام وميليشياته الإيرانية على قرى ريف السويداء الشرقية، وتم فيه استخدام أنواع الأسلحة كافة، من طيران ومدفعية وصواريخ وهجوم بري في هجوم غير مسبوق». ميدانياً، سيطرت القوات النظامية على مناطق عدة في البادية السورية، وأظهر فيديو نشرته وزارة الدفاع السورية ضربات جوية وهجمات برية للقوات النظامية على عناصر «داعش» حول حقل الهيل النفطي شرق مدينة تدمر. ويحاول الجيش السوري استعادة حقول النفط حول تدمر، لأهميتها الكبيرة. في موازاة ذلك، قصف سلاح الجو التركي قرى وبلدات شيخ عيسى وحربل وتل رفعت في الشمال السوري، ما أدى إلى مقتل وإصابة 10 مدنيين، بينهم طفلان، ونقل الجرحى إلى أحد المستشفيات في مقاطعة عفرين لتلقي العلاج.