وجّه قياديون سابقون في حزب «جبهة التحرير الوطني» الفائز بأكبر كتلة في الانتخابات الاشتراعية الأخيرة التي أجريت منذ شهرين، رسالة إلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بصفته رئيساً للحزب، تطالب ب «إقالة الأمين العام جمال ولد عباس». وتقطع الرسالة فترة «هدنة» فرضتها انتخابات البرلمان، في حين وصفها ولد عباس ب «التشويش الذي لن يؤدي إلى أي نتيجة». وعاد خصوم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، إلى اتخاذ خطوات جديدة تهدف إلى الإطاحة به، بعد أن تولى القيادة في 22 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، بقرار من جهات عليا، أزاح سلفه عمار سعداني. وأعلن عبدالكريم عبادة، وهو زعيم مجموعة داخل «جبهة التحرير الوطني» تطلق على نفسها اسم «التصحيحية» عن مراسلة وجهت إلى الرئيس بوتفليقة، للإسراع بقرار إنهاء مهام ولد عباس في اجتماع «استثنائي» للجنة المركزية، من دون انتظار موعد انعقادها العادي في تشرين الأول المقبل. وقال عبادة إن «عدداً كبيراً من أعضاء اللجنة المركزية وقعوا لمصلحة انعقاد لجنة استثنائية»، فيما ينص القانون الداخلي أن الاجتماع ممكن أن يدعو لانعقاده الأمين العام أو ثلثي أعضاء اللجنة المركزية. ودعم عبدالرحمن بلعياط، وهو قيادي من خصوم ولد عباس، تصريحات عبادة، مشيراً إلى أن «الوقت حان لتغيير الأمين العام تفادياً لكوارث في الإنتخابات المحلية المقبلة». وتشهد الجزائر خريف العام الجاري الإنتخابات البلدية التي ستجرى في 1541 مجلس محلي و 48 مجلس ولائي، و تعتبر نتائج هذه الإنتخابات خلفية هامة لكل حزب في حسابات الرئاسيات المقبلة بعد سنتين. في المقابل، أبدى ولد عباس ثقة كبيرة في الفوز بمعركة الاحتفاظ بقيادة الحزب، متهماً أعضاء في اللجنة المركزية وقياديين بالتشويش على تشكيلته السياسية، مؤكداً تمسكه بإكمال ولايته في السنوات ال5 المقبلة. وتبّت عادةً قيادات الحزب العليا في معارك القيادة الداخلية، بعيداً من رغبة المناضلين أو أعضاء اللجنة المركزية، لذلك يحاول الخصوم كسب مودة مؤسسة الرئاسة عبر مراسلة الرئيس بوتفليقة. إلى ذلك، أعلن أمين عام الجبهة في اجتماع للمكتب السياسي انطلاق التحضيرات للحملة الانتخابية للمحليات التي ستجرى قبل نهاية العام الحالي، داعياً الأعضاء إلى «عدم الالتفات إلى ما يُشاع». يُذكر أن شائعات لاحقت ولد عباس في الانتخابات الأخيرة، تتعلق بتورط نجليه في تلقي رشاوى مقابل ترتيب قوائم المرشحين. ورد بالقول إنه يثق في عدالة بلاده. ويتهم خصوم ولد عباس قيادة الحزب بالتسبب في تقهقر نتائج الجبهة خلال الانتخابات الاشتراعية الأخيرة في أيار (مايو) الماضي، بعد فقدانه نحو 50 مقعداً برلمانياً. وأدى هذا التراجع إلى استفادة حزب الموالاة الآخر الغريم، «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يقوده مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى، الذي حصد أكثر من 40 مقعداً إضافياً مقارنةً بانتخابات البرلمان عام 2012.