أعلن أعضاء في المكتب السياسي لحزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني»، بينهم أربعة وزراء في الحكومة، عدم اعترافهم بالقرارات الصادرة عن منسق الحزب، عبد الرحمن بلعياط، ما يعتبر تمرداً وتحولاً بارزاً في مسار الحزب الحاكم. ويعتقد البعض أن عودة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي من رحلة علاج بالخارج قد تكون السبب في الإسراع بالانقلاب على بلعياط، الذي يتهمه أنصار بوتفليقة بالانفراد بالقرارات أثناء غياب الرئيس، وعدم مشاورة المكتب السياسي. واضطرت قوات الأمن الجزائرية ضبط الأمن حول مقر حزب «جبهة التحرير» في حي حيدرة الديبلوماسي إثر تهديدات من أعضاء قياديين في «الجبهة» بالتحريض على العنف في حال عقد أي اجتماع للمكتب السياسي. وكان عضو المكتب السياسي، قاسة عيسي، هو من دعا لاجتماع عاجل، فلبى الدعوة أغلب الأعضاء عدا عبد الرحمن بلعياط وحليفيه عبد الحميد سي عفيف وعبد القادر مشبك. ويعني حضور وزراء الحزب إلى المقر المركزي، بناء على دعوة عيسي التي وجهها لهم عبر رسائل نصية، أن تحولاً بارزاً قد حدث في أعلى هرم «الجبهة»، وأن هذا التطور له علاقة مباشرة بعودة الرئيس بوتفليقة إلى الجزائر، إذ إن القانون الداخلي ل «الجبهة» يمنح الرئيس صلاحيات تضاهي ثلثي أعضاء اللجنة المركزية. كما أن جميع خصوم بلعياط في «الجبهة» يعتبرون من المقربين من بوتفليقة، وطالما اتهموا بلعياط باستهداف كل ما يمت بصلة للرئيس. وحضر الاجتماع وزراء الجبهة التي تعرف ب «الافلان» في حكومة سلال، وهم عمار تو ورشيد حراوبية وعبد العزيز زياري والطيب لوح، إلى جانب أعضاء المكتب السياسي قاسة عيسي وعليوي محمد وليلى الطيب وبهلول حبيبة، بينما غاب عن الاجتماع بلعياط ومؤيدوه. وأعلن المكتب السياسي رفض كل القرارات الصادرة عن منسق المكتب بلعياط معتبرينها باطلة، وحذر بسحب الثقة منه عملاً بالمادة 158 التي تنص على أن أعضاء المكتب السياسي يملكون سلطة سحب تعيين منسق المكتب، مع إلغاء كل القرارات التي أعلنها من دون موافقة أغلبية أعضاء المكتب السياسي بمحضر مكتوب. ومن هذه القرارات، وفق بيان معنون «تذكيرٌ ببديهيات» ضم أهم بنود المادة 158 من النظام الداخلي، تعيينات أقرها بلعياط داخل الكتلة البرلمانية للحزب، يقول الأعضاء إنها تمت بانفراد منه ودون مشاورة المكتب السياسي. وحمّل المعنيون بلعياط مسؤولية الانسداد الراهن في الكتلة البرلمانية للحزب، والمجلس الشعبي الوطني بسبب قراراته الانفرادية خارج إطار المكتب السياسي، مؤكدين أن الحل الوحيد للخروج من هذا الانسداد هو «اجتماع الكتلة البرلمانية برمتها من أجل تشاور داخلي بين أعضائها ولاتخاذ القرار الملائم». ويرى البعض أن هذا الصراع في قمة «الجبهة» هو الأكبر منذ الصراع بين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس حكومته علي بن فليس قبل الانتخابات الرئاسية في 2004. ويعتقد البعض أن إصابة بوتفليقة بنوبة صحية مفاجئة قبل بضعة أشهر أبعدته عن متابعة الشأن اليومي داخل «جبهة التحرير» وأدخلت الحزب في صراعات بين تيارات يمثل كلٌ منها دائرة نفوذ لها رؤية بشأن انتخابات الرئاسة المقبلة. لكن عودة بوتفليقة الأسبوع الماضي عززت كفة أنصاره، ولو إلى حين.