قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إلى مجلس النواب (الدوما) للتصديق، بروتوكولاً ملحقاً بالاتفاقية الروسية- السورية حول نشر مجموعة جوية من القوات المسلحة الروسية على الأراضي السورية. وكان قد تم توقيع البروتوكول، في 18 كانون الثاني (يناير) الماضي في العاصمة السورية دمشق. وأفادت «وكالة أنباء سبوتنيك» الروسية بأن البروتوكول يتضمن بنوداً تحدد مسائل نشر المجموعة الجوية الروسية وممتلكاتها على الأراضي السورية، وكذلك مسائل تتعلق بعمل المجموعة. وتسمح الاتفاقية التي وقعتها روسيا وسورية يوم 26 آب (أغسطس) 2015، لوحدات من القوات الجوية الروسية بالانتفاع المجاني بمطار حميميم ومنشآته وما يوافق الطرف السوري على تقديمه من قطع الأرض. في موازاة ذلك، ظهر أن موسكو تميل لتوسيع تمثيل القوات التي ستراقب مناطق «خفض التوتر» لتشمل دولاً من رابطة الدول المستقلة. وأجرى بوتين صباح أمس مكالمتين هاتفيتين مع نظيره الكازاخستاني نورسلطان نزاربايف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لبحث نتائج مفاوضات آستانة حول سورية. وأوضح الكرملين أن بوتين هنأ نزاربايف بعيد ميلاده، وكذلك بحث معه مسائل تسوية الأزمة السورية ونتائج الجولة الخامسة من مفاوضات آستانة الخاصة بتثبيت الهدنة في سورية. وجرت المكالمة بين بوتين ونتانياهو بمبادرة من الجانب الإسرائيلي، وبحث الجانبان التعاون الروسي- الإسرائيلي أجمالاً، وأوضاع الشرق الأوسط والصراع في سورية. وكانت الجولة الخامسة من مفاوضات آستانة قد انتهت أول من أمس، من دون التوقيع على أي وثائق حول ترسيم حدود مناطق «خفض التوتر» في سورية، لكن الدول الضامنة للهدنة- روسيا وتركيا وإيران- أكدت تحقيق تقدم في هذا الاتجاه إضافة إلى تهدئة الوضع الميداني بقدر كبير في الأراضي التي من المتوقع أن تشملها المناطق. واتفقت الأطراف المعنية على عقد اجتماع لمواصلة المحادثات في طهران الأسبوع المقبل. في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البيلاروسية أن مينسك لم تتلق حتى الآن اقتراحاً رسمياً من روسيا حول إرسال مراقبين عسكريين إلى سورية لنشرهم في مناطق خفض التوتر. وأوضح الناطق باسم الوزارة دميتري ميرونتشيك، أن مينسك تنتظر وصول مثل هذا الاقتراح، الذي يجب أن يتضمن معلومات مفصلة حول صيغة بعثة المراقبين المستقبلية وقوامها، ومهماتها والمواقع الجغرافية لنشر قوات حفظ السلام في سورية، عبر القنوات الخاصة برابطة الدول المستقلة. وشدد الديبلوماسي البيلاروسي على أن مشاركة العسكريين البيلاروسيين في مثل هذه المهمات الخارجية ممكنة فقط في حال وجود تفويض من مجلس الأمن الدولي. وكان ألكسندر لافرينتييف، مبعوث الرئيس الروسي للتسوية السورية قد أعلن في اختتام الجولة الخامسة من مفاوضات آستانة الخاصة بتثبيت الهدنة في سورية، أن روسيا توجهت إلى الأعضاء الآخرين في رابطة الدول المستقلة لدعوة دراسة إمكانية نشر مراقبين عسكريين في مناطق تخفيف التوتر في سورية. وأكد أن مشاركة عسكريين روس في بعثة المراقبة يعد أمراً مؤكداً. وتابع أن موسكو لا تحاول إجبار أحد على الانضمام لهذه الجهود، لكنها سترحب بقرار محتمل من قبل كازاخستان أو دول أخرى من رابطة الدول المستقلة لإرسال وحدات عسكرية إلى سورية. وأكد الديبلوماسي الروسي أنه، على رغم عدم تنسيق حدود مناطق خفض التوتر نهائياً حتى الآن، إلا أن هذه المناطق باتت واقعاً على الأرض. إلى ذلك، قالت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية، إن موسكو تواصل إصرارها على إجراء تحقيقات دولية في الهجوم الكيماوي ببلدة خان شيخون، وفي «الاستفزازات الكيماوية» الأخرى ضد دمشق. ونوهت زاخاروفا خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي إلى أن «هذه الاستفزازات لا تتوقف». ولفتت إلى أن تقرير لجنة التحقيق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الذي جزم بأن استخدام غاز السارين خلال الأحداث في خان شيخون يوم 4 نيسان (أبريل) الماضي، صدر على رغم عدم قيام الخبراء بزيارة للبلدة نفسها، أو تفتيش قاعدة الشعيرات الجوية بريف حمص، التي قصفتها الولاياتالمتحدة بذريعة أن الطائرة التي يُزعم أنها حملت قذائف كيماوية إلى خان شيخون، أقلعت منها. وعبّرت الديبلوماسية الروسية عن أسف موسكو لمحاولات «منتجي الأخبار غير النزيهين» تشويه الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة في سورية، موضحة أن الحديث يدور عن مزاعم «هيئة تحرير الشام» و «فيلق الرحمن» حول هجوم باستخدام مادة الكلور في الغوطة الشرقية في 1 تموز (يوليو) الجاري. وحذرت زاخاروفا من خطر وقوع استفزازات جديدة باستخدام المواد الكيماوية لتبرير ضربات أميركية محتملة على القوات السورية. ولم تستبعد الديبلوماسية وقوع مثل هذه الاستفزازات في الغوطة الشرقية، وفي جنوب سورية وتحديداً في مناطق تنشط فيها فصائل مسلحة مرتبطة بأطراف إقليمية، وكذلك شرق سورية. وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية إن «داعش ينقل ورشات ومعدات لتصنيع الذخائر بما فيها الكيماوية، من مناطق سيطرته في الرقة إلى دير الزور». واتهمت زاخاروفا «التحالف الدولي، بقيادة أميركا، بغض الطرف عن عملية النقل»، مشيرةً إلى أنه «مع الأخذ في الاعتبار التصريحات المتكررة للتحالف بحصار الرقة، إلا أن نقل تقنيات بهذه الكمية على مسمع ورؤية منهم يحمل دليلاً معيناً». واعتبرت أن ذلك «يشير إلى عدم رغبة رؤية الحقائق كحد أدنى، وتواطؤ مع المسلحين كحد أقصى». كما أشارت إلى أن «الإرهابيين ينقلون أسلحة إلى كل من: مطار الجراح العسكري (شرق حلب)، الذي يسيطر عليه داعش حالياً، إضافة إلى الغوطة الشرقية وغرب حلب». ويسيطر «تنظيم داعش» على الجزء الأكبر من محافظة دير الزور، بينما تتوزع القوات النظامية والميليشيات الرديفة في بعض أحياء المدينة، والمقرات العسكرية القريبة منها. وكانت مدينة خان شيخون في ريف إدلب، تعرضت لقصف بغاز يعتقد أنه السارين، في 4 نيسان الماضي، ما أودى بحياة 85 مدنياً وأكثر من 400 إصابة، وفق مديرية صحة إدلب. كما أشارت زاخاروفا إلى النجاحات العسكرية التي حققتها القوات النظامية السورية أخيراً، بما في ذلك العمليات ضد الإرهابيين في حي جوبر في دمشق، وفي الغوطة الشرقية، رداً على استمرار عمليات القصف بالهاون على العاصمة، وكذلك إلى نجاح القوات النظامية في تطهير ريف حلب بالكامل من أي وجود ل «داعش». وحذرت من أن 200 ألف شخص يحاصرهم «تنظيم داعش» في دير الزور، بحاجة إلى إمدادات. ونقلت رويترز عن زاخاروفا قولها، إن المساعدات الإنسانية في سورية تأخذ منحىً متحيزاً، وإن واحداً في المئة فقط من المساعدات الإنسانية تصل إلى المناطق التي يسيطر عليها «داعش». وأضافت زاخاروفا، أن معظم المساعدات الإنسانية التي ترسلها الأممالمتحدة، يتم توزيعها على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة.