يواجه سنة العراق في الانتخابات المقبلة ظروفاً صعبة تبدأ بمحافظات خرجت للتو من الحرب على «داعش»، وقاعدة انتخابية نزحت غالبيتها إلى المخيمات، ولا تنتهي بمواجهة نفوذ «الحشد الشعبي» في مناطقهم. خلال مأدبة إفطار أقيمت في رمضان، قال أحد شيوخ عشائر الأنبار ولديه فصيل مسلح شارك في مقاتلة «داعش»، إن عشيرته «ستشارك في الانتخابات، لكنها ستعاقب القوى السنية التقليدية ولن تتحالف معها، بل مع المحررين الحقيقيين لمناطقهم»، في إشارة إلى «الحشد الشعبي». الشيخ، الذي طلب عدم كشف اسمه، شكل فصيلاً عام 2015 وحصل على السلاح والدعم من «الحشد الشعبي»، وأصبح رفيق السلاح حليفاً سياسياً له في ماراثون انتخابات عام 2018. وما يقوله الزعيم ينطبق على الجماعات العشائرية التي قاتلت «داعش» وتكن العداء للأحزاب القديمة، وبناء على ظروف الحرب فإنها تمتلك علاقات قوية مع بعض فصائل «الحشد». ونظراً إلى هذه الظروف في المحافظات السنية، فضلت الأحزاب السنية الضغط لتأجيل الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في أيلول (سبتمبر) المقبل، ودمجها مع الانتخابات التشريعية العام المقبل، على أمل كسب مزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس. ويقول عضو «اتحاد القوى» السنية خالد المفرجي ل «الحياة»، إن «المشاركة في الانتخابات تتوقف على إكمال عمليات التحرير في كل المناطق المغتصبة من داعش من دون استثناء وإعادة النازحين فوراً». وأضاف: «الأولوية لإعمار كل المدن التي تضررت نتيجة العمليات الحربية وتسليم الملف الأمني في المناطق المحررة إلى الأجهزة المحلية فيها، وهذه الأمور الكبيرة لن تنجز قبل نهاية هذه السنة». وقال عضو اتحاد القوى، رعد الدهلكي إن «المحافظات الغربية ما زالت تعاني الأزمات بعد تحريرها من عصابات داعش ورجوع النازحين إليها، ومن الصعب إجراء الانتخابات في موعدها». لكن ائتلاف «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، يؤكد إمكان إجراء الانتخابات المحلية في موعدها من دون الحاجة إلى التأجيل. ويقول عضو الائتلاف كامل الزيدي، إن «القوى السنية تضغط من أجل التأجيل لأنها تدرك تراجع حظوظها». وأعلن النائب أحمد المساري أن القوى السنية تشجع على الحوار مع «الأحزاب الوطنية»، وفي الوقت نفسه تعمل على «إعادة الدور العربي للعراق». وخلال الأشهر الأخيرة، أعلن قياديون تشكيل أحزاب جديدة على رغم أنهم كانوا في إطار تحالف واحد في الانتخابات السابقة. زعيم ائتلاف «متحدون للإصلاح» أسامة النجيفي، شكل حزب «للعراق متحدون»، الذي وضع مشروعاً لتشكيل إقليم سني، مشدداً على «احترام الدستور». حركة «الحل» التي يتزعمها محمد الكربولي تحولت إلى حزب بالاسم ذاته، فيما أسس النائب محمد الحلبوسي حزب «القوى الوطنية» الذي انضم إليه محمد تميم وصلاح مزاحم وشعلان الكريم وأحمد الكريم. من جهته، صعد خميس الخنجر نشاطه السياسي واتصالاته مع الفرقاء السنة لترويج «المشروع العربي في العراق»، وهو يتفق مع النجيفي على المطالبة بمنطقة حكم ذاتي للسنة على غرار إقليم كردستان. ويظهر أيضاً ما يسمى «المشروع الوطني المعارض»، بزعامة جمال الضاري، كلاعب قديم جديد، على رغم أنه متهم بتأجيج النزاع الطائفي في البلاد، لكنه قد يكون أحد الوجوه التي ستنخرط في التنافس السياسي السني. وتكشف موجة تأسيس الأحزاب السنية تكتيكاً سياسياً لمواجهة نفوذ «الحشد الشعبي» في المناطق المحررة، فبدلاً من تشكيل قائمة موحدة، فضلت القوى الكبيرة تشتيت قواها. وفي مطلع نيسان (أبريل) الماضي عقد الحزب الإسلامي سلسلة اجتماعات لإعادة هيكلته وتفادي الهزيمة في الانتخابات، أسفرت عن قرار تشكيل أحزاب عدة مع الإبقاء على الحزب الأم. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة»، إن الأحزاب الجديدة ستكون مناطقية، ما يعني أن كل حزب يمثل محافظة بعينها، وهذا يشمل العاصمة بغداد، والأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى». وينطبق هذا على أرض الواقع، مع تشكيل حزب «الحق» بزعامة أحمد المساري، وحزب «المسار المدني»، بزعامة عبدالقهار السامرائي، وحزب «المجد العراقي»، بزعامة طلال الزوبعي، فضلاً عن حزب «الغد»، بزعامة النائب عن محافظة ديالى ناهدة الدايني.