يفسر سجل شين إبراهيم في قتال المتشددين سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تنطوي على تسليح أمثالها من الأكراد السوريين، خلال سعيه للقضاء على تنظيم «داعش» لكنه يبرز أيضاً الأخطار. علمها شقيقها كيف تستخدم بندقية «كلاشنيكوف» حين كان عمرها 15 عاماً وشجعتها والدتها على الكفاح من أجل حصول أكراد سورية على الحكم الذاتي. وتقول شين إنها قتلت 50 شخصاً منذ حملت السلاح في الحرب السورية الدائرة منذ ست سنوات فحاربت تنظيم «القاعدة» في البداية ثم عبرت إلى العراق لمساعدة الأكراد هناك في التصدي لتنظيم «داعش». عمرها الآن 26 عاماً وتقود وحدة من 15 امرأة، تلاحق التنظيم المتشدد في الرقة معقله الرئيسي، فتجوب شوارع كان يسيطر عليها المتشددون ذات يوم في شاحنة صغيرة بينما تمشط مقاتلات أخريات مباني متهدمة للتأكد من خلوها من أي شراك. ونجحت «قوات سورية الديموقراطية» التي تتصدرها «وحدات حماية الشعب الكردية» السورية في استعادة أجزاء عديدة من البلدة الواقعة في شمال سورية، منذ بدأت حملتها هذا الشهر. وهذا الأسبوع قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إن واشنطن قد تسلح «قوات سورية الديموقراطية»، استعداداً لمعارك مقبلة ضد «داعش»، لكنها ستسترد الأسلحة التي لم تعد هذه القوات في حاجة لها. وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه إن هذه الخطة هي أبرز أركان برنامج لم يكتمل بعد لإعادة الاستقرار الى سورية وضعته إدارة ترامب. لكن الخطر يكمن في أن تثير اضطراباً جديداً في حرب تلعب فيها قوى خارجية أدواراً أكبر من أي وقت مضى. وأثارت العلاقة بين الولاياتالمتحدة و «وحدات حماية الشعب» الكردية غضب تركيا جارة سورية الشمالية وعضو حلف شمال الأطلسي التي تقول إن «الوحدات» امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه كل من أنقرةوواشنطن جماعة إرهابية بسبب تمرده على الدولة التركية. وأرسلت تركيا قوات إلى سورية لأسباب منها مهاجمة «داعش» إضافة إلى منع «وحدات حماية الشعب»، التي تسيطر على مناطق الأكراد في شمال سورية، من دخول منطقة يسكنها العرب والتركمان، وهو ما يمنحها السيطرة على الحدود بالكامل. وقالت أنقرة يوم الأربعاء إن مدفعيتها دمرت أهدافاً ل «وحدات حماية الشعب»، بعد أن تعرضت قوات محلية مدعومة من تركيا للهجوم. وذكرت جماعات معارضة تدعمها تركيا أن أنقرة أرسلت في الآونة الأخيرة تعزيزات إلى سورية، ما أثار قلق «قوات سورية الديموقراطية» من احتمال انها تخطط لمهاجمة «وحدات حماية الشعب» الكردية. وحذرت «قوات سورية الديموقراطية» أول من أمس من «احتمال كبير بظهور مواجهات مفتوحة وقوية». ويقول زعماء أكراد سورية إنهم يريدون حكماً ذاتياً على غرار ما يتمتع به أكراد العراق وليس استقلالاً أو تدخلاً في شؤون دول الجوار. ويعتبرون التحذيرات التركية بأن أسلحة «وحدات حماية الشعب» قد تسقط في النهاية في أيدي حزب العمال الكردستاني غير مبررة. وقال خالد عيسى ممثل حزب «الاتحاد الديموقراطي الكردي»، وهو الجناح السياسي ل «وحدات حماية الشعب»، في أوروبا: «نحن ضحايا نموذج الدولة القومية وليست لدينا رغبة في إعادة إنتاج هذا النموذج». وقالت شين إبراهيم وغيرها من المعارضة الكردية المسلحة قابلتهم رويترز إن لا صلة لهم بالإرهاب، لكنهم سيقفون في وجه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وأضافت: «تركيا تحاربنا... كل من سيقاتلنا سنقاتله». وتعمل واشنطن على تهدئة التوترات بسبب علاقتها مع «وحدات حماية الشعب» التي تساندها روسيا أيضاً. وقال الميجر جنرال روبرت جونز النائب البريطاني لقائد التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد تنظيم «داعش»: «هناك شفافية مطلقة بين تركياوالولاياتالمتحدة في هذا الموضوع». لكن إذا ما أخذنا بتعليقات مقاتلي الوحدات، لن يكون نزع سلاحهم بالأمر السهل. وقالت قناصة توجه سلاحها لمواقع «داعش»: «لن نلقي أسلحتنا». وذكرت القناصة التي ذكرت اسمها الأول فقط وهو بركانورين: «نحتاجها للدفاع عن أنفسنا». ووافقتها الرأي مقاتلة أخرى تدعى مريم محمد وقالت: «اردوغان هو عدونا الأكبر لا يمكننا تسليم أسلحتنا». وذكر مسؤول أميركي أن واشنطن لا تعرف على وجه التحديد حجم الأسلحة التي بحوزة «وحدات حماية الشعب»، لأن بعض العرب انضموا إليها بعدما انهزمت جماعاتهم وأخذوا معهم أسلحة كانت واشنطن أمدتهم بها. وأضاف المسؤول: «الولاءات تتغير كما تتغير خطوط المعركة وأحياناً تتبع مسارها». ورداً على سؤال عن استعادة الأسلحة، قال ماتيس في أول تصريحات علنية له عن المسألة: «سنفعل ما بوسعنا»، بينما أكد نوري محمود الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» أن الهدف هو «داعش» قائلاً: «نحارب تنظيماً إرهابياً عالمياً». وأصبح النصر في ميدان المعركة أمراً قريب المنال بعد السيطرة على معظم أجزاء الموصل، أكبر معاقل التنظيم المتشدد في العراق. لكن المسؤول الأميركي ومسؤلَين آخرين طلبا أيضاً عدم نشر اسميهما أشاروا إلى عقبات كؤود تعترض سبيل الاستقرار في سورية وتعمل الإدارة الأميركية على علاجها. وقال المسؤولون الثلاثة إن إعادة بناء الرقة ستحتاج بليونات الدولارات ومستوى غير مسبوق من التسويات بين جماعات تناصب بعضها العداء منذ فترة طويلة. وذكر أحدهم أن القوات الإيرانية التي تساند الرئيس السوري بشار الأسد تترقب أي عراقيل يمكن أن تنتهزها. ويقود الأكراد الهجوم على الرقة، لكن من المزمع أن تتولى قوة يشكل العرب قوامها الرئيسي حفظ الأمن في المدينة التي يمثل العرب غالبية سكانها بعد انتهاء الهجوم. وبينما يقاتل الأكراد والعرب جنباً إلى جنب ضد تنظيم «داعش»، من المتوقع أن تحتدم المنافسة على الأرض مع انحسار دائرة التنظيم المتشدد. وقال واحد من المسؤولين الأميركيين: «نلقي بأنفسنا في خضم فوضى أخرى لا نفهمها».