توالت التصريحات والمواقف امس على خلفية محاولة إقصاء رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن رئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة، في وقت شهدت منطقة عكار ليل اول من امس، مسيرات سيارة وراجلة مؤيدة للحريري ومعلنة رفضها ترشيح اي شخصية اخرى للرئاسة. ولفت وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال بطرس حرب إلى أن «كل المساعي التي كانت جارية لإيجاد مسعى وحلول انتهت، لكن هذا لا يعني أنّه قد لا تطل مساعٍ جديدة»، مشيراً إلى أن «المسعى القطري - التركي سقط بسبب إصرار المعارضة على عدم عودة الرئيس الحريري، وهذا الإصرار على إقصائه يضع البلاد امام مواجهة، لكن 14 آذار قررت ان تُبقي المواجهة ضمن الاصول الديموقراطية، فيما ما تحاول فعله 8 آذار هو محاولة اخذ السلطة بكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة». وأكد حرب في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان»، أن «ليس من الضروري من اليوم إلى الاثنين أن نرى وساطات، فلقد ذهب الموفدان القطري والتركي مصدومين من إصرار المعارضة، إذ يبدو ان هناك فريقاً لا يريد ان تكون هناك مشاركة في لبنان». وقال: «هناك محاولة من وليد جنبلاط ان يوحد رأي كتلته، والقرار الذي سيتخذه مرتبط بمقدار الضغط الذي يتعرض له». وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «توقيت الرسالة التي وجّهها الرئيس الحريري كان جيداً، وهي جاءت لوضع النقاط على الحروف وكي يعرف اللبنانيون بكلّ تفاصيل الأزمة»، وأضاف: «نحن أمام مرحلة مزدوجة بشيء يشبه العام 1998 وبشيء يشبه العام 2004»، مشيراً إلى أن «الموقف الذي سيتّخذه أي طرف سياسي، سيدفع البلد ثمنه لا هذا الطرف وحده، إن كان ايجاباً أو سلباً». ورأى فتفت في حديث إلى «ال بي سي»: «نحن أمام اشكالية كبيرة في الداخل، وهي الثقة المفقودة تجاه الطرف الآخر لأنه لم يقل شيئاً إلا وتراجع عنه». واعرب عن ثقته «بأننا نستطيع أن نقنع النواب بالتصويت للحريري بالاستشارات النيابية، والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي أعتقد أنهما حتى الآن إلى جانب الرئيس الحريري»، مضيفاً: «نحن ملتزمون الى أقصى حدود بالاستشارات النيابية ومهما تكن النتيجة»، مستبعداً «المشاركة في الحكومة المقبلة إذا تم تكليف مرشح المعارضة». وأكد عضو الكتلة نفسها النائب جمال الجراح «ضرورة اجراء الاستشارات في موعدها». ورفض في حديث اذاعي، «الضغوط التي تمارس على النواب لعدم تأييد الرئيس الحريري». ورأى ان «ما شهدناه منذ يومين لا يدل على وجود سقف للانضباط الأمني»، مستنكراً ما سمّي «ببروفا وظهور عدد من الافراد من ذوي اللباس الاسود في الشوارع في نقاط محددة»، وأضاف: «هذه البروفا ظاهرة خطرة تشكل تهديداً واضحاً». وقال عضو تكتل «لبنان أولاً» النائب عقاب صقر في حديث إلى «ال بي سي»: «الرئيس الحريري أكّد أنه سيواجه الفتنة وسيواجه المصاعب الاقتصادية وغيرها في السلطة وخارج السلطة، وأنّه غير متخلٍّ عن مسؤولياته الوطنية، خصوصاً أنّ هناك بعض من يروّج أنّه ما إن يتم وضع الحريري خارج رئاسة الحكومة سينهار الوضع الاقتصادي، لكن الحريري طمأن بأنه باقٍ في لبنان كرئيس حكومة أو رئيس كتلة نيابية، وهو ماضٍ في دعم الاستقرار في لبنان، وقد ترَك للآلية الدستورية تحديد موقعه في رئاسة الحكومة أو خارجها». وأضاف صقر: «هناك مصطلحان يجب أن نستعملهما في لبنان، القبعات الزرق والثياب السود، وهؤلاء الآخرون هم قطاع الطرق ينتمون إلى حزب الله ونوعاً ما لحركة «أمل». وأكد صقر ان «الذي عنده السلاح والذي يلوّح باستعماله وتارةً يستعمله هو الذي يشكل دويلة ضمن الدولة»، ورأى ان ما يحصل اليوم «عملية اغتيال سياسي للرئيس الحريري عبر محاولة إلغاء المحكمة الدولية واستهداف شخصية الحريري ثم الإتيان بالرئيس عمر كرامي الذي ارتبط في ذهنية الشعب اللبناني بفترة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وتابع: «إذا أردتم إقصاء الرئيس الحريري أوقفوا الهجوم عليه كي لا تثيروا الغرائز في الشارع، هذا إذا لم يؤد إلى توتر أو غيره». وقال صقر رداً على سؤال: «إذا صوّت وليد جنبلاط مع المعارضة نحن نفهمه ونتفّهم موقفه وخوفه، ليس على نفسه، بل لأنه خائف على الوطن من الاقتتال، وهذا ما لا يريده أيضاً سعد الحريري». واعتبر ان «لا مشكلة لدينا إن أخذت المعارضة رئيس الحكومة العتيدة بالطرق الدستورية، لكن يجب أن يعرفوا أنهم سيأخذون البلد بذلك إلى المجهول خصوصاً أنهم سيأتون بحكومة من لون واحد تخالف على الأقل صيغة وميثاق العيش المشترك، وسعد الحريري تحت التهديد والتهويل بالشارع والأرض، سيختار طبعاً السلم الأهلي، وهو طبعاً لن يشارك في حكومات كهذه، ونتمنى ألا يأخذ احد البلد إلى الهاوية»، مؤكداً أن «الرئيس الحريري هو صاحب الحل اللبناني، وهو لن يترك عائلته كما فعل البعض ويغادر لبنان عند تدهور الأمور». ودعا عضو «الكتائب» اللبنانية النائب ايلي ماروني الجيش الى «حسم الامر والتدخل بعد الكلام الذي سمعناه بالامس عن انتشار لحزب الله في منطقة القماطية وصولاً الى عاليه»، مشيراً الى ان «لديه معلومات عن تحركات وتحضيرات ستحصل هذه الليلة في بيروت»، واصفاً هذه الامور ب «الضغط غير المشروع». ولفت ماروني في حديث الى «أم تي في»، الى ان «اي فريق سيبقى مغبوناً او على خلاف مع الآخر، فهذا يعني ان مشروع الفتنة والخلافات مستمر»، معتبراً ان «هناك غلياناً ووضعاً غير سليم، والمصلحة الوطنية تقتضي تأجيل الاستشارات من اجل خلق مزيد من التواصل والتنسيق». وأكدت قيادة «14 آذار» بعد اجتماع استثنائي عقدته في بيت الوسط في وقت متأخر من ليل اول من امس تداولت خلاله في المستجدات السياسية والوطنية و«المآل التي بلغتها الجهود العربية والصديقة في شأن تقريب وجهات النظر وحماية متطلبات الاستقرار في لبنان» على»المشاركة بموقف موحد في الاستشارات النيابية المقررة بعد غد الاثنين يقضي بتسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة». ونبهت القيادة جميع اللبنانيين إلى المحاولات الجارية «لوضع اليد على السلطة السياسية من طريق الضغط». وقررت إبقاء اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة التطورات واتخاذ المواقف في شانها.