تقدمت القوات العراقية في شارعين يتلاقيان في قلب المدينة القديمة في الموصل اليوم (الجمعة)، وقالت إنها تهدف لفتح ممرات للمدنيين للفرار من آخر موطئ قدم لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في المدينة. وتقود وحدات دربتها الولاياتالمتحدة على حرب المدن القتال في متاهات الشوارع الضيقة في المدينة القديمة آخر حي لا يزال تحت سيطرة الجماعة المتشددة. وتأمل السلطات العراقية في إعلان الانتصار في المدينة الواقعة شمال البلاد في عطلة عيد الفطر خلال الأيام القليلة المقبلة. ويقول محللون عسكريون إن وتيرة تقدم القوات الحكومية ستزداد بعد إقدام مقاتلين من التنظيم على تفجير «مسجد النوري» الكبير الذي بني قبل 850 عاماً ومئذنته «الحدباء» الشهيرة أول من أمس. وسيمنح تدميره القوات الحكومية حرية أكبر في الهجوم من دون القلق من إلحاق ضرر بالموقع الأثري. وعلى منبر المسجد قبل ثلاثة أعوام أعلن قائد التنظيم أبو بكر البغدادي دولة «الخلافة» في أجزاء من سورية والعراق. ويقدم التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة دعماً جوياً وبرياً للحملة المستمرة منذ ثمانية أشهر لطرد المتشددين من معقلهم الرئيس في العراق. وأظهرت خريطة نشرها المكتب الإعلامي للقوات العراقية أفراداً من «جهاز مكافحة الإرهاب» وهم يتقدمون في شارع الفاروق من الشمال إلى الجنوب وفي شارع نينوى من الشرق إلى الغرب. ويتلاقى الشارعان في قلب المدينة القديمة. وعندما تصل القوات العراقية إلى هذه النقطة سيعزلون حينها فلول مقاتلي «داعش» المتبقية في أربعة جيوب منفصلة. وقال ناطق عسكري عراقي إن «الهدف هو فتح ممرات من أجل إجلاء المدنيين ونحن نستعمل مكبرات الصوت لإعطائهم الإرشادات عندما يمكن ذلك». ويوجد أكثر من 100 ألف مدني نصفهم أطفال في منازل قديمة متداعية في نفس الحي ويعانون نقصاً في الغذاء والمياه والعلاج. وتقول منظمات إغاثة إن التنظيم المتطرف منع الكثير منهم من المغادرة مع استخدامهم دروعاً بشرية. وقتل مئات من المدنيين أثناء فرارهم من المدينة القديمة في الأسابيع الثلاثة الماضية. * أنقاض «الحدباء» وكانت الحكومة العراقية تأمل في بادئ الأمر في السيطرة على الموصل بنهاية العام الماضي لكن الحملة الدامية امتدت مع تعزيز المتشددين مواقعهم في المناطق المدنية وقيامهم بتفجيرات بسيارات ودراجات نارية مفخخة وشراك خداعية ومواصلتهم إطلاق نيران القناصة وقذائف «هاون». وتقتصر مساحة المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم على كيلومترين مربعين بمحاذاة الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم المدينة شطرين. وسقوط الموصل سيكون بمثابة نهاية الشطر العراقي كهيكل لدولة «الخلافة» لكن التنظيم سيظل يسيطر على مناطق كبيرة في العراق وسورية. وبث التنظيم تسجيلاً مصوراً يظهر القاعدة المربعة المتبقية من مئذنة المسجد «الحدباء» وسط جبل من الأنقاض بينما ظهرت على مقربة منها سيارات لحقت بها أضرار. وأثار تدمير المسجد غضباً وحزناً بين سكان الموصل. ورفرف علم التنظيم الأسود على المنارة التي يبلغ ارتفاعها 45 متراً منذ حزيران (يونيو) 2014. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن قرار المتشددين تدمير المسجد اعتراف منهم بالهزيمة. وترك البغدادي القتال في الموصل للقادة المحليين ومن المفترض أنه يختبئ في منطقة الحدود العراقية - السورية. ولم يرد تأكيد لتقارير روسية ذكرت أنه قتل. وفي سورية، يوشك تحالف يقوده الأكراد ويحظى بدعم أميركي على محاصرة الرقة المعقل الرئيس للتنظيم في سورية.