ونمو آسيا مرده الى السلام والاستقرار السياسي. ولكن بروز الصين يغير بنية الجغرافية السياسية الآسيوية. وواشنطن هي أقوى القوى السياسية والعسكرية في آسيا، ودورها راجح في الإسهام في ادارة أزمة تغير موازين القوى. وفي العامين الاخيرين، بدا ان نهج تعامل بكين مع ادارة أوباما محير. فأوباما أبرز إثر تسلمه السلطة أهمية العلاقات الاستراتيجية مع الصين. وسافر الى الصين، وأقدم على خطوات لاستمالتها. ولكن بكين بالغت في الاعتراض على خطوات روتينية تقليدية على غرار استقبال أوباما الدالاي لاما وعلى صفقة السلاح مع تايوان. وهي أهانت الرئيس الاميركي في قمة التغيير المناخي في كوبنهاغن. وفي زيارة روبرت غيتس، وزير الدفاع الاميركي، الصين في العاشر من الشهر الجاري، رفضت بكين الموافقة على علاقات عسكرية ثنائية مع واشنطن. وقد يعزو بعضهم المواقف الصينية هذه الى سوء التقدير ويعتبرها حوادث فردية غير مهمة. ولكن جمع المواقف هذه مع سياسة «اثبات الذات» الصينية يشير الى أن ثمة نازعاً أعرض يبرز. وثمة تكهنات كثيرة تحاول معرفة أسباب انعطاف السياسة الصينية. وقد يكون مرده الى قرب موعد تداول السلطة في 2012، أو بروز جيل جديد شاب من المسؤولين الشيوعيين، أو الى رجحان كفة المحافظين الصينيين الجدد، أو تعاظم المشاعر القومية الصينية. وفي بحث من 9 آلاف كلمة، ذهب من هو في منزلة وزير خارجية الصين الفعلي، داي بينغيو، الى أن الصين لن تتحدى الهيمنة الاميركية. وهذا مؤشر الى أن الحزب الشيوعي يلتزم نهج دنغ المعتدل. ولكن مركز قوة آخر في الصين يبرز الى جانب الحزب الشيوعي. ولطالما كان جيش التحرير الشعبي قوة فاعلة في النظام الصيني، وكان يلتزم برنامج الحزب الحاكم. ومن ماو تسي تونغ الى دنغ، كانت روابط قادة الحزب وثيقة بالمؤسسة العسكرية، وحاز قادة الحزب الشيوعي صدقية عسكرية. ولكن في الاعوام ال15 الاخيرة، تغيرت الاوضاع، وتعاظمت موازنة جيش التحرير الشعبي وزاد هامش استقلاله. وفي رحلته الاخيرة الى الصين، أثار غيتس موضوع تجربة الجيش الصيني طائرة عسكرية جديدة. وبدا أن مستقبِله غير مطّلع على الامر. ويبدو أن الجيش الصيني يرى أن الولاياتالمتحدة هي ألد أعداء الصين، وأن النزاع معها وشيك. ولكن هل يتولى راشدون حكماء القيادة الصينية الفعلية؟ وهل لا يزال العسكر يأتمرون بأوامر الحزب الشيوعي؟ * محرر، عن «تايم» الاميركية، 24/1/2011، إعداد منال نحاس