شنّ الأمين العام لهيئة «الصحافيين السعوديين» الدكتور عبدالله الجحلان، هجوماً على منظمة «مراسلون بلا حدود»، التي تعنى بحرية الصحافة في العالم، على خلفية تصنيفها السعودية في المرتبة ال161 في حرية الصحافة، وذلك في تقريرها الصادر أخيراً. وقال الجحلان ل«الحياة» إن «المنظمة تتعمد الإساءة إلى المملكة، وتستهدفها، من خلال إيراد بعض المعلومات الخاطئة». وشدد الجحلان، على أن «مراسلون بلا حدود» التي تأسست عام 1985، وتتخذ من العاصمة الفرنسية مقراً لها، «ليست أهلاً لأن تصدر مثل هذه التقارير. كما أنها تعطي لنفسها حجماً أكبر من الواقع». وعبّر عن أسفه لأن «بعض وسائل الإعلام تمنحها بعض الصدقية، فيما هي بعيدة عنها»، نافياً أن يكون لتقويمها «قيمة»، بخاصة أنه «غير مبني على معايير علمية»، موضحاً أنه سأل رئيس الاتحاد الدولي للصحافة جون ميرلو، عن المنظمة، والذي بدوره انتقدها، مؤكداً أنها «جهة مُسيسة، لا تبني تقارير على الصدقية، وليس لها قيمة، أو اعتبار في الحقائق التي توردها، كما انه ليس لمعلوماتها دلالات في نتائجها». وأكد الأمين العام لهيئة الصحافيين السعوديين، على أهمية «أخذ مغزى التقارير الصادرة حول المملكة في الحسبان»، معللاً بأن «الالتفات إلى مصدر بناء هذه التقارير، يكشف الميل إلى إيراد معلومات خاطئة جداً حول المملكة، من قبل هذه المنظمات». وطالب الصحافيين والإعلاميين السعوديين، ب«التساؤل عن مساحة الحرية التي نعيشها الآن، هل تتوافق مع هذه الرؤية أم تتناقض معها؟». وأجاب بدوره: «واقع الأمور، والكثير من المعطيات، تقول إن التقرير غير صادق». وأردف: «إذا نظرنا إلى مثل هذه المؤسسات؛ نجد أن التقارير الصادرة عنها لا تستهدف الإنسان»، محذراً من مثل هذه التقارير، التي «تتناقض مع واقع الأمور». واستطرد الجحلان، بأن «كثيراً من الأمور التي أخذت حول المملكة، أُعتمد في معطياتها على مصادر غير موثوقة، وأُخذ منها الجانب السلبي فقط، وبُني عليه ما هو غير حقيقي، أو أخذت في الأصل من مصادر غير حقيقية»، مشدداً على ضرورة «التثبت، وعدم الأخذ بمثل هذه التقارير، وبخاصة من الإعلاميين الذين يعنيهم هذا الأمر»، مختتماً بأن «التقارير التي يعتمد عليها يجب التوثق من صدقيتها». ولم يقتصر التشكيك في دقة تصنيف المملكة في تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود»، على الجحلان، إذ طاول صحافيين سعوديين آخرين، عبروا عن أسفهم لما ورد فيه، فيما لفت آخرون، إلى أهمية «تحقيق المزيد من الحرية الصحافية، وتقليص الخطوط الحمراء، لما لهذا، من أثر إيجابي في دفع عجلة التنمية في شكل عام». واعتبر رئيس تحرير الزميلة «عكاظ» محمد التونسي، التصنيف «غير دقيق على الإطلاق». وقال: «نتمتع بدرجة عالية من الحرية، وفي السنوات الأخيرة، توافرت مساحة كبيرة من الحرية، تفوق بعض ما هو موجود في العالم العربي». وتابع «الإعلام السعودي، حتى على المستوى الرسمي، يعيش الآن حرية لم يعهدها من قبل». واستشهد بإدارته قناة إخبارية حكومية، حتى ما قبل نحو ستة أشهر، كانت «تمارس فيها حرية لا توازي ما تمارسه قنوات حرة، وأيضاً من خلال عملي في الصحافة لمدة 30 عاماً»، لافتاً إلى أنه «من دعاة الحرية في الصحافة والإعلام، ولكن إذا كان التصنيف على هذا النحو، فالمملكة ليست بحاجة إلى من يصنفها»، مشككاً في «صدقية التصنيف، والمنهج الذي اعتمده للخروج بهكذا نتيجة». وبالمثل عبّر الكاتب تركي الحمد، عن أسفه واستغرابه، وشكك في «تصنيف تأتي فيه سورية وليبيا قبلنا بمراتب في حرية الصحافة». وتابع «هذا يبعث على الشك، لأن هامش الحرية في المملكة أكبر بكثير مما هو عليه في هذين البلدين»، متسائلاً عن معايير المنظمة في وضع هذا التصنيف. بيد أنه قال: «إن حرية الصحافة في المملكة، ليست الأفضل على كل حال، لكنها أفضل على الأقل من سورية وليبيا ودول أخرى». وأكد أنه من خلال تجربته «ثمة خطوط حمراء لا نتجاوزها، وكتابات تُمنع، وفي المقابل؛ ثمة هامش حرية». ورفض الكاتب خلف الحربي، تقويم صدقية تصنيف «مراسلون بلا حدود»، لأن هذه المنظمة «مختصة»، إلا أنه اعتبر نتيجة التصنيف «مؤسفة، ولا تتناسب مع إمكانات السعودية المادية، ولا مع الزمن الذي قطعته في مشوارها الصحافي». وشدد الحربي الذي كانت له تجربة في رئاسة التحرير، دامت نحو عامين في الزميلة «شمس»، على أنه «ليس المهم أن نسعى إلى معرفة مدى صدقية التقرير، ولكن المهم هو السعي إلى تصحيح هذا الوضع والنتيجة، وأن نلحق في ركب الصحافة العالمية». واعتبر الانشغال بالتساؤل: «هل التقرير صادق ومنصف؟» مضيعة للوقت. ودعا إلى «السعي إلى تغيير واقعنا الصحافي من هيئة «الصحافيين السعوديين»، والمؤسسات الصحافية». وأضاف «نحن نعيش عصر ثورة الاتصالات، والفضاء المفتوح، وكثرة الخطوط الحمراء في الصحافة السعودية لن تؤدي إلى هذا التصنيف فقط، بل ستتسبب لها في إشكالية مع قرائها، وتحد من قدرتها على التأثير والتطور». وطالب ب«تقليص الخطوط الحمراء، والسعي بكل ما أوتينا من قوة إلى تحقيق حرية الصحافة». واستطرد «هذا السعي لا ينبغي أن يكون من أجل التصنيف العالمي، بل من أجلنا نحن، ومجتمعنا، ووطننا». وشدد على أنه «لا يمكن أن يتقدم بلد من دون صحافة حرة، وإذا ظلت الصحافة السعودية في هذا الإطار، فستدفع الثمن بفقدانها ثقة قرائها». وحمّل المسؤولية، إلى عدد من الجهات على رأسها هيئة «الصحافيين السعوديين»، والتي وصفها ب«السلبية»، مشيراً إلى «انعدام دورها، وهو في الأساس حماية حرية الصحافة»، نافياً تقديمها «أي شيء» في هذا الصدد. كما حمل المسؤولية إلى المؤسسات الصحافية، وكذلك الجهات الرسمية. وقال الحربي: «حرية الصحافة السعودية ونجاحها يؤثران في عجلة التنمية في شكل عام»، مشدداً على أن حرية الصحافة «مسؤولية الجميع، صحافيين، ومؤسسات، وجهات رسمية»، مضيفاً «أننا في تصنيف «مراسلون بلا حدود»، سنخسر دورنا الوطني والاجتماعي. وسنخسر أيضاً ثقة المتلقي، وهذه خسارة أكبر من التصنيف»، معتبراً أن واقع الحريات الصحافية «ليس ما تقوله المنظمة بل ما نقوله نحن، وهو أن واقعنا مؤسف جداً، وهامش حريتنا الصحافية، محدود جداً، في عصر لا يتلاءم مع توافر قنوات مفتوحة، مثل الفضائيات، وشبكة الإنترنت، ووصول الصحافة الأخرى إلى القارئ السعودي». وأكد على «عدم تضييع الوقت في قياس صدقية التقرير، لأننا أعرف بحقيقة وضع الحرية الصحافية لدينا».