في الدقائق الأولى من العام الميلادي الجديد فوجئ الشعب المصري وشعوب العالم بأسره بحادثة دموية بشعة أمام كنيسة القديسين بالاسكندرية، نتج عنها وفاة أكثر من 20 قتيلاً، وإصابة أكثر من 70 جريحاً، وذلك إثر انفجار سيارة مفخخة أمام الكنيسة، وبدلاً من أن يتبادل الناس جميعاً - بطوائفهم كافة - التهاني بالعام الجديد أصبحوا يتبادلون التعازي على ضحاياهم وعلى حادثتهم الأليمة، وبدلاً من أن نرى اللون الأحمر المتمثل في الهدايا والزينة، أصبحنا في هذا اليوم نراه متمثلاً في لون الدماء السائلة بين المسجد والكنيسة، وأصبح السؤال المطروح الآن هو: من الجهة المسؤولة عن هذه الحادثة؟ وما الهدف منها؟ فبالنسبة للشق الثاني من السؤال وهو عن الهدف من هذه الحادثة، فلو نظرنا الى توقيتها ومكانها لأدركنا الهدف منها، فقد تلازم مع احتفالات المسيحيين بأعيادهم، وكان ذلك أمام الكنيسة، فالهدف إذن هو قتل وإصابة أكبر عدد من المسيحيين، وذلك حتى يتيقن المسيحيون أن من وراء هذه الحادثة هم من المسلمين، وبطبيعة الحال تحدث فتنة طائفية بمصر بين المسلمين والمسيحيين، ولكن الشعب المصري كان أذكي من تلك المؤامرة، وادرك مبتغى هذه الحادثة ونيات الإرهاب القذرة، فالتف وأصبح وحدة واحدة أكثر من ذي قبل، وأحبط المحاولة الفاشلة لتمزيق وحده الشعب المصري، وأخذ المسلمون والمسيحيون يتبرعون بدمائهم لمصابي الحادثة الدموية البشعة من دون أن يفرقوا إلى من تذهب هذه الدماء الى مسلم أم مسيحي، وذلك حتى تختلط دماء المسلمين والمسيحيين بعضهما ببعض. لقد التف المصريون جميعاً بطوائفهم كافة، وأصبح هدفهم الأوحد هو الوصول لمرتكبي الحادثة والقصاص العادل منهم، فهذه الضربة الموجعة لم تكن موجهة إلى المسيحيين فقط، بل كانت موجهة الى المصريين كافة، وستظل مصر وحدة وطنية واحد، على رغم كيد الكائدين، وسيظل المصريون يهتفون «هيفضل محمد صاحب عيسى... والجامع جنب الكنيسة». كما ورد على لسان فضيلة مفتي المملكة العربية السعودية بأن «ما حدث في مصر مقصده الأول والأخير ضرب المسلمين ببعضهم البعض، ورفع حدة الغضب ضدهم، وإشغالهم عن واجباتهم الأساسية، وضرب الوحدة الوطنية في مصر، وإشعال فتيل الأزمات والصراعات، وهو أمر لا يقره الإسلام». أما بالنسبة للشق الأول من السؤال المطروح وهو من هذه الثعابين التي تحاول استخدام سلاح الفتنة الطائفية للنيل من أمن وسلامة ذلك البلد الآمن؟ مَنْ له المصلحة في تمزيق وحدة الشعب المصري؟ ولماذا أختير هذا التوقيت؟ فلو أجبنا عن تلك الأسئلة لعرفنا على وجه الدقة من يريد النيل من مصر، فاختيار توقيت رأس السنة الميلادية واحتفال أقباط مصر بحلول عام ميلادي جديد، الهدف منه هو التسليط المكثف للإعلام العربي والغربي على السواء، ولو تذكرنا منذ أقل من شهر واحد فقط، ظهرت أسماك القرش المفترسة في مدينة شرم الشيخ المصرية، وكانت تلك الحادثة هي الأولى من نوعها في مصر ،وكان التسليط الإعلامي على هذه الحادثة أكبر بكثير من مثيلاتها على مستوى العالم، فلو علمنا أن هناك عشرات الحوادث التي تحدث سنوياً نتيجة هجوم أسماك القرش على شواطئ أميركا واستراليا، ولم يعلم بها أحد، ولم يحدث لها تسليط إعلامي عُشر ما حدث في شرم الشيخ، فكل هذا التسليط الإعلامي الغربي لتلك الحوادث، وضرب المسيحيين في رأس السنه وأمام الكنيسة، الهدف منه ليس إحداث فتنة طائفية فقط، قد يكون هذا هو الهدف الرئيس، ولكن يوجد هدف آخر ألا وهو ضرب السياحة المصرية، وإفشال محاولات جذب الاستثمار الأجنبي لمصر، فمن هذا الذي يسعى بضربة واحدة أن يحصد أكثر من هدف الفتنة الطائفية والسياحة والاستثمار؟ هل هم مسلمون عاديون بسطاء بمصر؟ فلو كانوا أفراداً عاديون مسلمون، فبالتأكيد ما هم هؤلاء إلا أداة في أيدي فكر متطرف استطاع أن يرغم ويجند هؤلاء الخونه لزعزعة الاستقرار بمصر، وسواء أكان هذا الفكر دينياً أو سياسياً، فلا يمكن رفع اليد الصهيونية من هذا الفعل الآثم، فهي مشاركة بهذا الفعل بشكل أو بآخر، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. لذا فالمهم هو سرعة الوصول لمرتكبي هذه الحادثة الدموية، وذلك للوصول للعقل المدبر لتلك الجرائم، «وأنه سيتم قتل رأس الأفعي الآثمة، وأن الإرهاب سيفشل في زعزعة أمن واستقرار مصر». وأختم قولي ناصحاً الشعب المصري بالوقوف صفاً واحداً، والتصدي لبراثن الشر والارهاب، ورد كيد من يريد تمزيق وحدة هذا البلد الآمن. أحمد الحسيني – الدمام [email protected]