مفاجأة من العيار الثقيل شهدتها كلية الإعلام في جامعة بغداد حينما تم الإمساك بشبكة غش منظمة تضم مجموعة من الطلاب وشخصاً من خارج الكلية كان يجلس في الحديقة ويقوم بتحضير الإجابات للطلاب عن الأسئلة بواسطة جهاز هاتف نقال ليتم بثّها الى لاقطات توضع في الأذن. التحقيق مع الطلاب والشخص الذي كان يرد لهم الإجابات لا يزال جارياً في محاولة لاكتشاف الجهة التي قامت بترتيب الأمر، لكن طلاب الكلية الذين لديهم تجربة سابقة في قضية الغش الإلكتروني يقولون إن الشخص المذكور تابع لأحد مكاتب «تغشيش الطلاب» التي فتحت أبوابها أخيراً في بغداد وبدأت بالإعلان عن بضاعتها من اللاقطات وأجهزة الموبايل الخاصة. بل وتعرض تلك المكاتب خدمات توصيل الى بقية المحافظات العراقية مع توفير «كادر» متخصص في الإجابات عبر اللاقطة أثناء تواجدهم في قاعات الامتحان. الدكتور هاشم حسن التميمي، عميد كلية الإعلام، كتب على صفحته على موقع «فايسبوك» في اليوم التالي للحادثة، أن «آخر تقليعات البعض من الطلبة الانتقال من الغش بالبراشيم الى الغش الإلكتروني، من طريق إخفاء موبايل صغير تحت الملابس الداخلية، ووضع لاقطات إلكترونية لحمية في جوف الإذن والاستعانة بشخص يختبئ في مكان قريب ليبدأ بإرسال الإجابات للطلاب الغشاشين في قاعة الامتحان متجاهلين كل الوصايا الامتحانية والإعلانات التحذيرية والالتماسات التربوية». وأضاف التميمي في تعليقه على ما حدث والضجة التي خلفها الموضوع لاحقاً: «لم يعد ذلك غريباً بل العجيب أن رجال دين ونواباً ونائبات في البرلمان وإعلاميين وشيوخ عشائر تطوعوا للدفاع عن الغشاشين من الذين تم ضبطهم بالجرم المشهود وبعضهم يهدد من دون حياء ولا خجل». وأضاف «وليس غريباً أن تتعامل الأجهزة الأمنية مع هذه الظاهرة بدم بارد، وهنالك من يقدم لها معلومات عن زمرة فاسدة من أصحاب المحلات يتاجرون بوسائل الغش الإلكتروني في وضح النهار، ومرة أخرى نتساءل عن منظومة القيم المنهارة التي تسمح لمن يفترض أنهم قادة رأي ومصدر فضيلة بمناصرة الغشاشين وتبرير فعلهم المخجل وتهديد من أدى الأمانة وتحمل كل هذه التصرفات». أساتذة وطلاب ردوا على تعليقات العميد بوضع روابط لمواقع إلكترونية تعلن عن خدمات تقدمها «مكاتب تغشيش» خاصة انتشرت في الأيام الأخيرة في شكل كبير، حتى أن بعضها يعلن عن سماعات لا يمكن التقاطها بالمغناطيس كما يفعل مراقبو قاعات الامتحان عند اكتشافهم الطالب الغشاش وأخرى تتفادى عمليات التشويش داخل الكلية. الدكتور التميمي أشار الى أنه طلب من هيئة الاتصالات تزويده بجهاز تشويش على الغش الإلكتروني، وأن هذا الجهاز يمكن أن يمنع عمليات الغش بالتشويش على السماعات الإلكترونية، فلا يسمع الطلاب الطرف الذي يقوم برد الإجابات، وبذلك يضطر للإجابة بنفسه. مكاتب أخرى أعلنت عن أسعار اللاقطات وفق الأنواع، فضلاً عن براشيم ليزرية لجميع المواد، إضافة الى خدمات التوصيل الى المنازل في وقت تتعدد احتياجات الغشاشين يوماً بعد آخر. فبعضهم يطلب البراشيم لشعوره بأنها الأضمن طالما كان التركيز في الجامعات اليوم على منع الغش الإلكتروني بينما يفضل آخرون أحدث نوعيات السماعات التي تقاوم أجهزة التشويش. التعليقات التي تظهر أسفل تلك الإعلانات تبدو مضحكة للغاية. فطلبات الغشاشين تبدو كأنهم يتسوقون بضاعة ما من سوبرماركت قرب المنزل، فيما يستثمر أصحاب المكاتب الردود للترويج لبضاعتهم ويضعون أرقام هواتف للإجابة عن الاستفسارات والأسئلة. شبكة الغش الإلكتروني في كلية الإعلام تبدو كأنها غيض من فيض، لا سيما أن الامتحانات الجامعية بدأت منذ أسبوع تقريباً، أي أن الوقت لا يزال مبكراً لكشف المزيد من تلك الشبكات والأساليب، لكن يبدو أن الطلاب بدأوا باتخاذ الحيطة والحذر خوفاً من انكشاف أمرهم في الأيام المقبلة.