لأول مرة إنتاج شاي سعف النخيل    سيناريوهات اختفاء الأكسجين لمدة 60 ثانية    أكسجين ووقود صيني في المدار    قطة تتقدم بطلب استقالة لصاحبتها    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    تمكين الشباب ودعم الشركات الصغيرة    رتال تطلق مشروع نوبو في مدينة الخبر    مستشفيا قوى الأمن بمكة والدمام يحصدان جائزة الملك عبدالعزيز للجودة    الإبراهيم يجتمع مع وعدد من الشخصيات على هامش منتدى "دافوس"    وداعاً جدي    مجلس الشورى في زيارة إلى الحدود الشمالية    منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء    «الخارجية الفلسطينية» تُطالب بفرض عقوبات على المستوطنين    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    السعودية ورهان العرب..    الحرب على غزة وتفكيك السردية الإسرائيلية    وماذا بعد صفقة غزة؟    في الجولة ال 16 من دوري روشن.. الهلال يستقبل الوحدة.. والنصر ضيفًا على الخليج    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    الأهلي يستعيد التوازن بثنائية فيجا وفيرمينو في شباك الاتفاق    الابتسام يتوّج بكأس بطولة الكرة الشاطئية    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة نجران    أداء «النقل» على طاولة «الشورى».. الاثنين    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    كتاب الموتى الرقمي والحق في النسيان    روائع الأوركسترا.. واستقرت بها «الرياض»!    المواطن السعودي عبدالرحمن بن مساعد !    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    "المركزية" تناقش استعدادات رمضان والحج    "التجارة" تعزز التشريعات بصدور وتطوير لوائح جديدة    26.7 مليار ريال قيمة مبيعات NHC" وشركائها    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    علاج مكثف لتجهيز الجوير    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا    244 مليونا تعيق رحيل نيمار    نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    النصر يمدّد عقد "الخيبري" حتى 2029    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلف    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة الرياض تقبض على 9 أشخاص ارتكبوا 33 حادثة احتيال مالي    أمين القصيم يلتقي وكيل الوزارة المساعد للتخصيص    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    من القيد حتى الإغلاق.. المحاكم العمالية تختصر عمر القضية إلى 20 يوماً    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع قسائم شرائية للكسوة الشتوية على اللاجئين السوريين في الأردن    رئيس الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة الليبي يزور حي حراء بمكة    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيادة «الليموزين»...مهنة تناقضات وذكريات تتقاطع فيها المواقف «فرحاً وترحاً»
نشر في الحياة يوم 14 - 01 - 2011

عندما يعبرون بسياراتهم البيضاء الممزوجة بالصفرة الطرقات، يراهم الآخرون فيظن أن مهنتهم من بين قائمة المهن المرفّهة، على اعتبار أنهم يعملون تحت عاملين يرى البعض فيهما ترفيهاً (التكييف والعمل جالساً)، لكن الأكيد هو أن دخل أصحاب هذه المهنة ليس ضمن أسوأ المهن دخلاً.
محمد فهد العسيري الذي جاوز ال(40) ربيعاً بقليل، هو أحد الشبان السعوديين الذين (وفق ما تمنى أن يعرّف) يسعون لمقاومة مد سائقي الأجرة من الآسيويين، يمتطي من بزوغ فجر كل يوم سيارته في رحلة البحث عن اللقمة الحلال، التي وصفها ب«الصعبة والشاقة أحيانا».
ويمضي العسيري غالبية يومه، أي ما يعادل 13 ساعة يومياً في التجول في طرقات جدة بحثاً عن ركاب، يرى أنهم باتوا قلة بعد أن فاضت جدة بسيارات الأجرة التابعة للشركات على رغم كثرتهم لسرعة تلاقف سيارات الأجرة لهم.
وبعد أن أخذ أنفاسه قليلاً، واصل حديثه بالقول: «هذا الوقت الطويل الذي أمضيه على هذه السيارة باحثاً عن ما يكفيني عن الفاقة أنا وزوجتي، لكنه يتسبب لي في بعض الأحيان في آلام في الظهر لم أجد بداً من الاستسلام لها، حينما تشتد علي فاضطر للعودة إلى منزلي.
ويربط عسيري بين ساعات عمله ومقدار الدخل اليومي الذي لم يتجاوز حاجز ال 200 ريال كحد أقصى وهو ما يؤكد حدوثه نادراً.
وعن المواقف التي تواجهه، أوضح أن تحرش بعض الزبونات به دفعه في أحيان عدة إلى الهرب من سيارته وتركها إلى حين مغادرة تلك الراكبة، مشيراً إلى أن هذا الأمر أقلقه لدرجة أنه لم يعد يسمح بحمل النساء في مركبته إلا المسنات منهن.
ويحفل العاملون في سيارات الأجرة بالكثير من المواقف الصعبة، إذ كشف سمير خان (وهو سائق أجرة أجنبي) تعرضه في إحدى المرات إلى الضرب والنهب من مقيم أفريقي طلب منه توصيله إلى حي «الكارنتينة» مقابل 40 ريالاً استبشر في قرارة نفسه بالمبلغ الذي لم يعلم أنه لم يعد مجرد فخٍ سيدفع مضاعفاً مرات عدة، إضافة إلى سيارة الشركة المستأجرة، وقال: «بعد أن توغلت به في ذلك الحي بدأ ينتابني نوع من الخوف وتنفست الصعداء حينما أشار لي بوصوله إلى المكان المطلوب، وبينما أنا في انتظار منحي مبلغ الأجرة وإلا ضربات موجعة أصابت ظهري ووجهي وتم إنزالي من السيارة، بعد أن انضمت إليه مجموعة سرقوا الفلوس التي في جيبي ولم يكتفوا بهذا فحسب بل ذهبوا بالسيارة.
ولم يتبرم خان من خوفه من تكرار هذا السيناريو، الأمر الذي دعاه إلى تجنب الدخول إلى الكثير من الأحياء الشعبية في جدة، مؤكداً أنها باتت في القائمة السوداء، مشدداً على أن المواقف التي حدثت معه جعلت لديه «فوبيا» من دخول تلك الأحياء مكتفياً بالوقوف أمامها دون التعمق داخلها مهما كان مبلغ الأجرة.
ويعمل خان منذ فترة بعيدة في هذه المهنة، مبيناً أن الشركة المنتمي إليها وضعته أمام خيارين الأول دفع أجرة يومية تبلغ 150ريالاً أو أن يتناوب مع سائق على سيارة الليموزين طوال اليوم والليلة مقابل دفع كليهما 200 ريال يومياً، ولم يخف تدني دخله أخيراً منه قبل ما يربو على ال12 عاماً الماضية، ما حمله إلى القبول بالخيار الثاني وعلى رغم ذلك فإن متوسط الصافي من عناء ال12 يتراوح فقط بين 40 إلى 80 ريالاً عدا يومي الخميس والجمعة اللذين يعول عليهما كثيراً، إذ يقضي الاتفاق بينه وبين الشركة على أنهما ليس للأخيرة مقابل فيهما.
وبعيداً عن المعاناة، يروي (م ف) أحد الشبان الذين لهم تجربة مختلفة مع سيارات الأجرة كانت سبباً في استقراره ورغد عيشه، بعد أن كان طريق (جدة - جازان) أنيسه الأوحد ومصدر رزقه.
ويحكي أنه في إحدى المرات أثناء توجهه من صبياء إلى القنفذة ركب معه رجل مسن، لم يكن يرى فيه غير مصدر للقلق بيد أنه لم يتوقع أن يكون مصدراً لاستقراره ونقطة تحول في حياته.
وزاد: «ظل الرجل يتبادل معي أطراف الحديث طوال الطريق إلى أن وصل إلى حيث أراد (القنفذة) وبعد أن هممت بوداعه طلب مني النزول معه لاحتساء القهوة فاعتذرت منه، لكنه لم يأبه بالإصرار على النزول وتعللت بتدارك الزمن في الرجوع إلى صبياء لكن رفضي مقابل إصراره لم يكن مثنياً للمسن عن الدخول بصحبته إلى منزله.
وأضاف: بعد تناول القهوة، قال لي: «هل ترغب في الزواج؟» فأجبته على الفور برغبتي الملحة التي يقف أمامها عدم امتلاكي ما يعينني على كلفته، فأمسك بيدي وضرب على ظهري وقال: «إن كنت ترغب حقاً فليس هذا ما يعيق»، ثم فاجأني بعرض الزواج من ابنته «المعلمة»، وألمح إلى أن حكايته مع ذلك المسن أثمرت عن زواجه من «معلمة» وامتلاكه مسكناً وسيارة خاصة، وهو لا يرى في سرد قصته حرجاً لكونه لم يترك مهنة سائق أجرة، مؤكداً أنه يتعاون وزوجته على ظروف الحياة، إذ كثيراً ما تقف معه من دون حجر من والدها أو إخوانها، في كثير من الأحيان، وهو في المقابل لا ينقطع عن مهنته الأساسية وعمله على متن سيارة الأجرة، إذ يجد في ذلك دليلاً قاطعاً على صدقية نواياه ومحبتهما التي أسست أسرة متفاهمة ومتناسقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.