قرأ المصري مصطفى أناقة (27 سنة)، وهو مهندس كهربائي ينحدر من أسرة ميسورة ويتحدث ثلات لغات، عنواناً في جريدة مصرية يفيد بأن» كيبيك بحاجة إلى كفاءات علمية ومهنية عالية». هاجر مصطفى إلى كيبيك عام 2013، وبعد أربع سنوات لم يستطع أن يحظى بفرصة عمل في مجال تخصصه. وأرسل خلال هذه الفترة نحو 5 آلاف سيرة ذاتية (CV) إلى شركات ومؤسسات كندية معنية باختصاصه. لكنه لم يتلق أي جواب إيجابي، فقرر تسجيل شريط فيديو تحت عنوان «هل لديك دقيقتان من أجل مصطفى؟»، يشرح فيه استحالة حصول المهاجر الجديد على فرصة في مجاله. ويركز الفيديو على التمييز الممنهج والمتاعب النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتعرض لها مهاجر شاب طموح عاطل من العمل. وخلال 24 ساعة بلغت مشاهدة الفيديو أكثر من 90 ألفا. وتلقى مصطفى على موقعه على الإنترنت أكثر من 4000 رسالة إلكترونية من متعاطفين معه، إضافة إلى موجة من العواطف الإنسانية. «وفي صباح يوم تاريخي هبطت علي وظيفة في مجال الهندسة الكهربائية، لم أصدق ما سمعت ولم أدر ما إذا كنت أحلم»، كما يقول. الخبر الذي تلقاه مصدره خافيير باريديس، وهو مهندس إسباني وصاحب شركات بناء في ضواحي مونتريال، وقعت عيناه بالخطأ على فيديو مصطفى ووجد فيه المعاناة ذاتها التي وقع فيها لدى هجرته إلى كيبيك. وعرض عليه العمل في الشركة وقال له: «نحن نقدّم فرصة لأصحاب الكفاءات، ولا ننطلق من أحكام مسبقة، وليس بالضرورة أن يكون لديهم خبرة ولهجة كيبيكية، وبغض النظر عن البلد الذي أتوا منه». أصرت زوجة مصطفى، وهي أستاذة في اللغة الفرنسية، على عرض قضيته أمام الجمعية الوطنية الكيبيكية (البرلمان). وكانت المفاجأة أن الجميع موالاة ومعارضة اعترفوا بوجود تمييز عنصري ممنهج، فالنائبة في الحزب الكيبيكي كارول بوارييه طلبت من وزيرة الهجرة كاثلين ويل فتح تحقيق حول التمييز في توظيف المهاجرين المؤهلين مهنياً، فردت الأخيرة: «نحن من عارضنا أي نوع بشأن التمييز المنهجي العنصري في حين التزمتم أنتم الصمت لأسباب انتخابية». وسرعان ما ارتفعت حدة النقاش بين زعيم الحزب الكيبيكي جان فرانسوا ليسي ورئيس وزراء المقاطعة فيليب كويار، فكان أشبه بحوار طرشان، لا سيما حين أكد كويار أن «كثيراً من المهاجرين المميزين والأيدي العاملة الفنية يموتون ببطء في بلادنا. فلماذا نكسر أحلامهم ومواهبهم ونجعلهم منسيين في قطاعات المصانع والمقاهي ومحطات الوقود وخدمات التاكسي؟ لمَ لا نعطي المرشحين الجدد فرصة العمل المناسبة ونعاملهم على قدم المساواة تماما كمواطنين كنديين؟».