في اطار المنافسة الحالية بين المرشحين لزعامة الحزب الكيبيكي المعارض، ظهرت لأول مرة مبادرة جريئة ومثيرة للجدل في آن، تتمحور حول استثمار المسألة الثقافية في ولاية كيبيك الكندية وإعطائها بعداً سياسياً تمهيداً، ربما، لجعلها كياناً مستقلاً متمايزاً بهويته قلباً وقالباً. وفي السياق تعهد المرشح لقيادة الحزب الكيبيكي ألكسندر كلوتير بمنح «جواز سفر ثقافي فرانكوفوني» لعشرات الآلاف من الطلاب والوافدين الجدد من الشباب ليهيء لهم سبل التعايش والتأقلم والاندماج مع «الثقافة الفرنسية الكيبيكية». ويؤكد كلوتير أهمية هذا «الباسبور» بقوله «ما نصبو اليه هو تبادل الثقافة الفرانكوفونية للعيش معاً في كيبيك وإعادة حياكة النسيج الثقافي والاجتماعي للمولودين والوافدين والشباب من مختلف فئات الأعمار والخلفيات الإتنية وتقاسم الثقافة نفسها التي ستتخذ كأساس للهوية الكيبيكية». ووفق الفكرة فإن طلاب المرحلة المتوسطة في السنوات الثالثة والرابعة والخامسة سيحصلون سنوياً على «شيك» مصرفي او بطاقة ائتمان بمبلغ 50 دولاراً بدءاً من العام 2018 لاستخدامه في اية مؤسسة كيبيكية ذات طابع ثقافي أو فني أو شبابي. ولا تقتصر الخطوة الأهم على تعليم اللغة الفرنسية للمهاجرين الجدد وجعلها السائدة في أوساطهم بل أيضاً «فرنسة» دوائر الهجرة بمعنى ان حكومة كيبيك لا يمكنها قبول اي طلب جديد أو وصول أي مهاجر إلى أراضيها إلا بعد أن يجتاز بنجاح امتحان اللغة الفرنسية كشرط لحيازة الباسبور الثقافي علماً أن 60 في المئة من المهاجرين يختارون اللغة الإنكليزية وينتقلون الى احدى المقاطعات الكندية الأنغلوفونية. ويعتزم كلوتير(نائب في الجمعية الوطنية الكيبيكية) اذا ما حصل على تفويض من حكومة كيبك في أول تشرين الأول (أكتوبر) عام 2018 اعتماد «برنامج توأمة بين المدرسة والفن» يسمح لكل مدرسة كيبيكية ان تستقبل الطلاب من المعاهد الفنية او الفنانين الهواة وتوفر لهم دورات تدريبية بمعدل عشر ساعات اسبوعياً على مدى 20 اسبوعاً. وتلقى على عاتق هؤلاء الفنانين مسؤولية تعزيز الهوية الثقافية والفنية والأدبية وتعريف الطلاب الجدد عليها لتكون خطوة على طريق تهميش اللغة والثقافة الأنكليزيتين وتعزيز الفرنسية في عموم المقاطعات الكندية. وجاء الترحيب الأقوى ل «جواز السفر الثقافي الكيبيكي» من الشباب أنفسهم، وذلك على لسان 500 طالب كيبيكي اعلنوا في وثيقة أنه «يجب ان يصبح التعليم اساساً حقيقياً لديموقراطية اجتماعية واعدة». ومن ابرز ما تضمنته الوثيقة «تعزيز الثقافة الاستقلاية لكيبيك وتحديد هويتها وخصوصيتها، وأن الشباب هم في قلب المعركة ولهم رؤية متقدمة لنهوض كيبيك كخطوة لبناء دولة معاصرة». وعلى الصعيد التربوي اشارت الوثيقة الى تعميم التعليم الجامعي مجاناً او على الأقل لأبناء الأسر الفقيرة او المحدودة الدخل، ووضع استراتيجية تربوية ممنهجة تحد من ظاهرة التسرب المدرسي المبكر لآلاف الطلاب سنوياً وزيادة المنح التعليمية في المرحلتين الجامعية وما قبلها واستيعاب الشباب دون سن ال 30 ممن هم بلا عمل أو دراسة وإعادة تأهيلهم علمياً ومهنياً (ويبلغ عددهم حوالى 200 ألف). كذلك اطلق الطلاب مبادرة تعديل كتاب التاريخ وجعل تدريسه إلزامياً في كل السنوات الخمس للمرحلة المتوسطة بعد ان كان يقتصر على السنتين الأخيرتين. وثمة من رأى ان مبادرة «جواز سفر ثقافي كيبيكي» تعيد إلى الأذهان تجارب الاستفتاءات السابقة على استقلال المقاطعة عن الاتحاد الكندي ولكن هذه المرة من منظار ثقافي، او انها محاولة لتأليب الشباب والطلاب على الحكومة الحالية لاقتطاعها العديد من موازنات القطاعات التعليمية الجامعية والمهنية وتهديدها بربيع آخر يطيحها ويعيد الحزب الكيبيكي إلى الحكم مجدداً.