أعلنت وزيرة «الهجرة والتعددية والاحتواء المجتمعي» في الحكومة الليبرالية في مقاطعة كيبيك كاثلين ويل إنشاء لجنة حكومية وأهلية تحضر لاستشارات عامة حول «العنصرية والتمييز الممنهج» في وصف هو الأول من نوعه في أدبيات الهجرة الكندية. يأتي على لسان مسؤول حكومي رفيع، معترفاً بمثل هذه الصراحة عن وجود مشكلة فعلية. وكانت هذه المبادرة الحكومية المثيرة للجدل انطلقت أخيراً من خلال محطتين: الأولى «اسبوع العمل ضد العنصرية» الذي شهد تحركات شعبية وطالبية واسعة ضد اشكال التمييز والعنصرية كافة، وانتهت فعالياته في 31 آذار (مارس) الماضي. وشددت فيه ويل «التزامها بتعزيز الاندماج والمشاركة والتعايش وبناء مجتمع كيبيكي جديد تسوده العدالة والمساواة بين جميع مكوناته العرقية والثاقفية». وأكدت الوزيرة على أن الاستشارات تمحورت حول اجراءات الحكومة الآلة لرفع الحواجز التي لا تزال تهدد استقرار المهاجرين وتعيق اندماجهم في اشارة الى وقوع العديد من الاعتداءات التي طاولت وتطاول بعض مساجد المسلمين ومراكزهم الدينية والثقافية. اضافة الى الملصقات والكتابات المعادية والتظاهرات المناهضة للمهاجرين. وترى ويل «اننا نعيش لحظات صعبة تستدعي التأمل والتفكير وزيادة الوعي من كلا طرفي العقد الاجتماعي، الكيبيكيون والمهاجرون على السواء، وتعزيز القيم الديموقراطية وتبادل اللقاءات فيما بيهم». وفي السياق ذاته يؤكد موقع وزارة الهجرة الالكتروني إن الاستشارات ستستمر في «مكافحة أشكال الإقصاء المجتمعي كافة من أجل التوصل إلى وضع حلول فاعلة ودائمة». اما المحطة الثانية فجاءت على لسان فيليب كويار رئيس الحكومة الكيبيكية وتتمثل باستراتيجية طويلة الأمد تحت عنوان «معاً نحن كيبك»، وتتمحور حول الهجرة والمشاركة والاندماج لأعوام 2016 -2021. وتهدف الاستراتيجية الى بناء «دولة قوية ذات هوية مميزة يتقاسمها جميع الكيبيكيين والكيبيكيات في جميع المناطق وكافة المجموعات العرقية والثقافية»، مشدداً على أن «هذا هو خيارنا الرامي الى استقبال المزيد من المهاجرين ودعم ضحايا العنصرية وتعزيز الاندماج». ومن الأهداف أيضاً «تنفيذ ورش عمل تنموية بالتعاون مع الهيئات النسائية والشبابية، في القطاعين العام والخاص، وتوعية الناس وتقديم كافة المعلومات التي تساعدهم على فهم حقوقهم واستخدام الوسائل القانونية لرفع الظلامة عنهم وانصافهم». وانتقد زعيم الحزب الكيبيكي الاستقلالي وهو يشكل المعارضة الرسمية في الجمعية الوطنية الكيبيكية، جان فرانسوا ليزيه عزم الحكومة على إجراء الاستشارات العامة واعتبرها «محاكمة تنظمها الحكومة الكيبيكية ضد الكيبيكيين بتهمة التمييز والعنصرية». ووجه لوماً شديد اللهجة الى رئيس حكومة كيبك واتهمه بوضع «جميع الكيبيكيين في قفص الاتهام أمام محكمة عنصرية». وإذ اعترف ليزيه بوجود عنصرية في كيبك وطالب بمعالجتها عبر توافق الآراء على خطين متوازيين و «عدم تأجيج مشاعر الغالبية وإثارة حفيظة الأقلية». وتنفيذاً لمجمل تلك الاستشارات التي اعتبرتها «جريدة لو دوفوار» المونتريالية بمثابة «انتفاضة كيبيكية وخريطة طريق للأعوام القليلة المقبلة»، حرصت الحكومة الكيبيكية وللمرة الأولى على تمثيل «الأقليات المنظورة» في اللجنة الاستشارية العليا، فضمت أربعة عشر عضواً برئاسة ماريس السيندور أول امرأة سوداء تتولى منصباً إدارياً رفيعاً في حكومة كيبك، وعضوية أربعة من العرب: هم رشيدة ازدوز مستشارة رئيسية في التنمية الاستراتيجية في جامعة مونتريال، وكامل بيجي استاذ كرسي للعلاقات الصناعية في جامعة لافال، وهارون بوعزي نائب رئيس الجمعية الإسلامية والعربية للعلمنة في كيبك، وبول عيد استاذ العلوم الاجتماعية في جلمعة كيبك في مونتريال (اوكام)، وحبيب الحاج مسؤول الشؤون الثقافية لطلاب معهد روزمون في مونتريال.