أطلقت حكومة كيبيك منتصف الشهر الماضي، أوسع حملة إعلانية إعلامية مصحوبة بإغراءات مالية غير مسبوقة لتعزيز اللغة الفرنسية في اوساط المهاجرين. وأعلنت عن إقامة دورات تعليمية مستمرة على أمل ان تتغير المعادلة اللغوية لتتقدم لغة موليير على لغة شكسبير في «المقاطعة الجميلة – La Belle Province». وتقول وزيرة «الهجرة والتنوع والتعايش» كاتلين ويل إن حكومة كيبيك خصصت مبلغاً قدره 750 الف دولار «لاجتذاب الأزواج المهاجرين من العمال المهرة والاشخاص المشمولين ببرنامج جمع العائلات» وتصحيح «الخطأ التاريخي» الذي ارتكبته الحكومات الكيبيكية المتعاقبة. كما رصدت الحكومة، للمرة الأولى، مبلغ 250 الف دولار لتغطية نفقات حملة إعلامية وإعلانية تشمل وسائل المرئي والمسموع والالكترني وملصقات في محطات المترو واتوبيسات النقل العام. وحضت المهاجرين المعنيين على الالتحاق بدورات تعليمية صيفية تحت شعار «سارع الى تعلم اللغة الفرنسية مجاناً فهذا ربح عظيم ولا يكلف شيئاً». وتؤكد الوزيرة ويل ان هدف الحملة الرئيس هو زيادة نسبة 10 في المئة هذا العام في إعداد المهاجرين الذين يواظبون على دورات اللغة الفرنسية. ويشير التقرير السنوي لعام 2014 – 2015 الصادر عن وزارة الهجرة، الى تراجع المشاركين في هذه الدورات من 30 الفاً، كمعدل سنوي، الى حوالى 27 الفاً، ما يعني ان نسبة المتخلفين بلغت نحو 1.6 في المئة و30 في المئة في الدورات الالكترونية. ويلفت التقرير نفسه الى ان حوالى 60 في المئة من المهاجرين البالغين الذين وصلوا الى كيبيك عام 2015، رفضوا البقاء في كيبيك وحضور دورات اللغة الفرنسية التي تعول عليها الحكومة وتعتبرها مدخلاً اساسياً للاندماج في المجتمع الكيبيكي. وفي هذا السياق كشفت دراسة كيبيكية صدرت في العام نفسه ان 46 في المئة من المرشحين المقبولين والذين اختيروا وفقاً لمؤهلاتهم المهنية، لم يكونوا يتكلمون اللغة الفرنسية عند وصولهم الى كيبيك وما لبثوا ان غادروها الى المقاطعات الانغلوفونية. اغراءات وحلول ويبدو من خلال وثائق الهجرة العائدة للأعوام القليلة السابقة ان «الراغبين بالهجرة الى كيبيك لم يبدوا اهتماماً بما كنا نقدمه لهم من دورات مجانية لتعلم اللغة الفرنسية، اذ ان تلك العروض لم تكن تفي بالغرض الذي كنا نطمح اليه». وتلافياً لهذا «الجهل والاهمال قدمنا عرضاً جديداً مختلفاً ومتكاملاً وأكثر مرونة، يستجيب لحاجتنا ومصالحنا ككيبيكيين ويمنح كل مهاجر يتابع دورات اللغة الفرنسية بدوام كامل، مبلغاً اسبوعياً لا يقل عن 115 دولاراً»، مشيرة الى ان هذه الإعانات المالية لم تكن معروفة من قبل. وتعول وزارة الهجرة على ما تسميه «المرحلة الأولى من إعلان الاثنين» والتي تستمر طيلة شهر آب (أغسطس) الجاري. وتأمل بأن تفي بالغرض المنشود او بجزء منه بالتعاون مع وسائل الاعلام العائدة للمجموعات العرقية- الثقافية من صحف ومجلات ونشرات دورية وبرامج تلفزيونة واذاعية منتشرة في صفوف ابنائها. اما المرحلة الثانية فتبدأ في شهر ايلول (سبتمبر) المقبل. وهي تكملة للمبادرة الأولى ويخصص لها مبلغ 500 الف دولار كمساعدة للمنظمات والجمعيات التي ستتولى مهمات التواصل مع المهاجرين وتعليمهم اللغة الفرنسية وتعميم الثقافة الفرنكوفونية في اوساطهم من خلال مراكزهم ومدارسهم وانديتهم الاجتماعية والدينية والثقافية. من خلال الاستطلاعات التي واكبت مبادرة الحكومة الكيبيكية، توالت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض. فثمة من رأى ان مبادرة تعلم اللغة الفرنسية وإن جاء متأخراً يبقى تأكيداً على «هوية كيبيك الثقافية المميزة في الشمال الأميركي» في حين اعتقد آخرون ان «الاغراءات المالية لا تشجع على الاندماج» وانها مجرد «ضربة سيف في الماء» فضلاً عن استخدام عبارات التهكم والسخرية (كيف يقرأ المهاجر الملصقات المكتوبة بلغة يجهلها) وتهديد من لا يرغب البقاء في كيبيك او بتعلم لغتها، ان يعود الى بلاده، وتوجيه اللوم الى دوائر الهجرة الكيبيكية التي تختار اناساً هم على جهل مطبق بلغتها وثقافتها وصولاً الى اتهام الحكومة الحالية بزعامة الحزب الحاكم استمالة المهاجرين لدواع انتخابية مستقبلية وقطع الطريق على دعوة بعض المرشحين لزعامة الحزب الكيبيكي المعارض التحضير لاستفتاء جديد على استقلال كيبيك عن الاتحاد الكندي.