اختارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أسلوب التحدي لتجاوز الخيبة التي أصيبت بها بعد خسارة حزب المحافظين الذي تتزعمه الغالبية في البرلمان، وأعلنت عزمها على التحالف مع الوحدويين الإرلنديين لتشكيل «حكومة ثقة» تقود بريطانيا في مفاوضات الطلاق مع الاتحاد الأوروبي، وفي الحرب على الإرهاب. وأبقت ليل أمس وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والخزانة في مناصبهم. وأعلن مكتب رئيسة الوزراء إن ماي لم تجر أي تغيير في المناصب الوزارية الكبرى وأبقت على وزير الخزانة فيليب هاموند، ووزير الخارجية بوريس جونسون، ووزيرة الداخلية أمبر راد، ووزير الدفاع مايكل فالون، ووزير شؤون الانسحاب من أوروبا ديفيد ديفيس. وستستكمل التعيينات اليوم. وعلى رغم خسارته، ظل حزب المحافظين متصدراً نتائج الانتخابات بحصوله على 318 مقعداً في البرلمان بتراجع 12 مقعداً عن ال330 التي كان يشغلها، فيما عزز حزب العمال المعارض بزعامة جيريمي كوربن مواقعه بحصوله على 261 مقعداً ما شكل زيادة مهمة على المقاعد ال232 التي كان يشغلها، لكن أياً من الحزبين عجز عن حصد 326 مقعداً وهو العدد المطلوب لتحقيق غالبية برلمانية بسيطة، ما دفع المراقبين الى الحديث عن برلمان معلق وصفقات في تشكيل تحالفات حكومية. وامتد السجال حول انعكاسات الخيبة التي منيت بها ماي الى دوائر صنع القرار الأوروبية حول قدرة الحكومة البريطانية المنبثقة من الانتخابات في تجاوز «ضعفها» وإبرام اتفاقات تسوية حول الطلاق مع الاتحاد. لكن غالبية المواقف الأوروبية اتجهت بعد تمسك ماي بتشكيل الحكومة، الى تفضيل «خروج سريع» لبريطانيا، بدل محاولة إقناع لندن باعتماد إجراءات طلاق مخففة بدل الطلاق الصعب والتام الذي عمدت رئيسة الوزراء البريطانية الى التلويح به في أكثر من مناسبة. وتجاهلت زعيمة «المحافظين» انتقادات لاذعة لأدائها من داخل حزبها وتهديدات بانشقاقات، وتوجهت بعد ساعات من ظهور النتائج لمقابلة الملكة اليزابيث الثانية وطلبت تكليفاً لتشكيل حكومة «تحافظ على الاستقرار في البلاد»، في وقت عكست الأسواق مخاوف المستثمرين، ما أدى الى تراجع الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ 18 نيسان (أبريل) الماضي، بخسارته نقطتين لتبلغ قيمته 1.26 دولار ظُهر أمس قبل ان يحسن موقعه ويتجاوز 1.27 دولار. وفي تصريحات لها أمام مقر رئاسة الوزراء في «10 داونينغ ستريت»، قالت ماي إنها كزعيمة الحزب الأكبر في البرلمان، تملك الشرعية لتشكيل حكومة جديدة تقود بريطانيا في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وذلك لضمان التوصل إلى اتفاق ناجح للخروج من التكتل. وأشارت الى أنها ستعتمد على تأييد من «أصدقائها» من «الحزب الديموقراطي الوحدوي» في إرلندا الشمالية الذين يشغلون 10 مقاعد برلمانية، ما يعوضها الغالبية المفقودة، ويوفر لها غالبية بسيطة قوامها 328 مقعداً. وأضافت: «يتمتع حزبانا بعلاقات قوية منذ سنوات وهو ما يجعلني أثق في أننا سنتمكن من العمل معاً من أجل مصلحة المملكة المتحدة ككل». ويلتئم مجلس العموم الجديد في 13 الجاري، أي قبل ستة أيام من موعد بدء المفاوضات مع الأوروبيين، ويتوقع أن تكون حينها صورة الحكومة المقبلة اتضحت. وفي حوارات لاحقة مع الصحافيين، اعترفت رئيسة الوزراء البريطانية بأنها أرادت نتيجة مختلفة حين دعت الى انتخابات مبكرة بهدف تعزيز غالبية حزبها، وقدمت اعتذارها لزملائها في الحزب الذين فقدوا مقاعدهم النيابية في انتخابات أمس. وأكدت زعيمة «الحزب الديموقراطي الوحدوي» آرلين فوستر أنها تحادثت مع ماي لاستكشاف سبل التعاون ل «صون مصلحة المملكة المتحدة وإرلندا الشمالية».