شكّل استطلاع للرأي نُشر أمس في بريطانيا، صدمة لحزب المحافظين الحاكم بعدما توقّع فشله في تحقيق غالبية نيابية في الانتخابات المقررة بعد أسبوع (الخميس المقبل). وألقت تداعيات الاستطلاع بظلالها على أسواق المال التي تتأثر بعدم الاستقرار السياسي، وسجّل الجنيه الإسترليني خسائر كبيرة قبل أن يقلّصها لاحقاً. وأتى الاستطلاع الصادر عن مؤسسة «يوغوف» ليؤكد نتائج استطلاعات نشرتها مؤسسات مختصة أخرى في الأيام الأخيرة، وأظهرت كلها تراجعاً واضحاً في شعبية المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي. وعلى رغم أن الاستطلاعات كافة ما زالت تعطي المحافظين تقدماً على بقية الأحزاب، إلا أن «الاكتساح» الذي تم الحديث عنه في الأيام التي تلت الدعوة المفاجئة إلى الانتخابات المبكرة، بات اليوم شيئاً من الماضي كما يبدو. وأشار استطلاع «يوغوف» أمس، إلى أن المحافظين يتجهون إلى خسارة 20 مقعداً، ما يجعل حصتهم في البرلمان الجديد 310 مقاعد فقط. ويعني ذلك أن ماي تحتاج إلى 16 مقعداً إضافية لتحقيق الغالبية التي يتطلبها تشكيل الحكومة الجديدة من دون الدخول في إئتلاف مع أحزاب أخرى (تتطلب الغالبية الفوز ب 326 مقعداً). وأوضح أن حزب العمال المعارض بزعامة جيريمي كوربن يتجه إلى تحقيق 30 مقعداً اضافياً إلى حصته التي ستصبح بحدود 257، في حين سيخسر الحزب القومي الاسكتلندي 4 مقاعد لتتوقف حصته عند 50 نائباً. وتُشكّل مثل هذه النتائج كارثة للمحافظين الذين كانوا يراهنون على أن الناخب البريطاني سيعزز وضعهم في مجلس العموم كي يتمكنوا من التفاوض «من موقع قوة» مع الاتحاد الأوروبي في شأن معاملات «الطلاق» المقرر أن تنطلق فور تشكيل الحكومة الجديدة. كما كان المحافظون يمنّون النفس بالاستفادة من التخبّط الداخلي الذي يعانيه حزب العمّال في ظل الانقسام حول سياسات زعيمه كوربن. واعتمد استطلاع «يوغوف» المثير للجدل على عيّنة من 50 ألف ناخب من دوائر مختلفة، وأخذ في الاعتبار توجهات الناخبين في هذه الدوائر خلال التصويت في الاستفتاء على خروج بريطانيا أو بقائها في الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) العام الماضي. وأقر ستيفن شيكسبير، المدير التنفيذي ل «يوغوف»، في مقالة مع صحيفة «ذي تايمز» التي نشرت نتائج الاستطلاع على صدر صفحتها الأولى، بأن هناك هامش خطأ كبيراً في استطلاع مؤسسته، مقراً بأن حزب المحافظين يمكن أن يفوز في نهاية المطاف ب 345 مقعداً ويحقق بذلك غالبية مريحة، بينما لا يحصل العمال سوى على 223 مقعداً. ورفضت ماي أمس القول ما إذا كانت ستستقيل إذا ما تراجعت حصة حزبها في البرلمان الجديد. وهي تمسكت برفض المشاركة في مناظرة مع بقية زعماء الأحزاب كان مقرراً أن تجرى ليلاً ويشارك فيها كوربن. وهبط (رويترز) الجنيه الإسترليني أمس، بعد صدور توقعات مؤسسة «يوغوف». وتراجع بنحو 0.5 في المئة في المعاملات الآسيوية إلى 1.2788 دولار، مقترباً من أدنى مستوى في شهر البالغ 1.2775 دولار والذي لامسه يوم الجمعة. وانخفض الإسترليني في أحدث تعاملات 0.3 في المئة إلى 1.2813 دولار. كما تراجع إلى 87.38 بنس في مقابل اليورو، مقترباً من أدنى مستوى في ثمانية أسابيع والذي بلغ 87.50 بنس الجمعة. لكن الإسترليني عوّض لاحقاً بعض خسائره وارتفع إلى 1.2866 في مقابل الدولار.