وصلت قوات الأمن العراقية إلى مشارف البلدة القديمة في الموصل بعد أسبوع على عملية عسكرية وصفتها الحكومة بالحاسمة لانتزاع المدينة من تنظيم «داعش»، لكن سير المعارك كشف عن صعوبات جديدة تواجه التقدم، إذ حصّن التنظيم البلدة القديمة وأقدم على ارتكاب مجزرة بحق العشرات من الفارين باتجاه قوات الأمن التي أُجبرت على التباطؤ خوفاً على المدنيين. وفي المقابل، أفادت مصادر مطلعة أن عمليات انتقامية تقوم بها جماعات مسلحة في بلدة حمام العليل جنوب الموصل تستهدف عائلات مسلحي تنظيم «داعش»، شملت النساء والأطفال. ولفتت المصادر إلى أن تشكيلات أمنية وأخرى عشائرية هاجمت مخيمات تقيم فيها هذه العائلات واختطفت عدداً من الشباب، لا يُعرف مصيرهم. من جانبها، أعلنت قوات «الحشد الشعبي» سيطرتها على ثلثي بلدة البعاج الاستراتيجية الواقعة على الحدود مع سورية وتمثل طريق امدادات «داعش»، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من عبور الحشد إلى الجانب السوري. وقال ضابط كبير في الجيش العراقي في الموصل ل «الحياة» إن قوات الأمن وصلت إلى مشارف البلدة القديمة بعد استعادة حي الصحة وأجزاء كبيرة من الزنجيلي، أحد أهم دفاعات «داعش»، مؤكداً أن جامع النوري الكبير الواقع في قلب البلدة القديمة بات في مرمى نيران قوات الأمن. وكشف أن طائرات مسيّرة عن المنطقة أظهرت إقدام «داعش» على إغلاق جميع الطرق المؤدية إلى البلدة القديمة باستخدام عجلات الأهالي التي تم نشرها على طول الطرق، ولا بد من أن بينها عجلات مفخخة لمنع جرافات الجيش من التقدم لرفعها وفسح المجال لتقدم القوات. وأشار إلى أن قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع استقبلت عائلات فارة من البلدة القديمة، وقالوا إنهم وجدوا عشرات الجثث لأشخاص حاولوا الفرار من مناطق «داعش»، إلا أن التنظيم قتلهم بواسطة القناصة، لافتاً إلى أن أحياء الصحة الثانية والشفاء والزنجيلي آخر مناطق «داعش» قبل البلدة القديمة المطلة على ضفة نهر دجلة. وأكد الضابط نفسه أن «داعش بات يستخدم سياسة الأرض المحروقة، وهو يقاتل من أجل الموت، إذ ضاق الحصار عليه تماماً وبدأ يستنفد ترسانته من الأسلحة، ونخشى من أن يقوم بارتكاب مجزرة بحق آلاف الأهالي الذين لا يزالون داخل المدينة». وأعلن المتحدث باسم العمليات المشتركة العميد يحي رسول أمس، عن قرب بدء صفحة عسكرية جديدة من العملية العسكرية باتجاه الموصل القديمة، بما فيها جامع النوري ومنارة الحدباء، مبيناً أن القوات الأمنية ستستخدم أسلوباً مختلفاً في العملية المرتقبة. وقال رسول في تصريحات صحافية إن «الصفحة المقبلة ستكون بتكيتك وأسلوب مختلفين عن السابق، وذلك من طريق الاعتماد على القطعات الراجلة، لأن المنطقة قديمة ولا تصلح لتقدم العجلات والآليات العسكرية بسبب ضيق أفرعها وتلاصقها، بالإضافة إلى الزخم السكاني فيها». وأعلنت قوات «الحشد الشعبي» السيطرة على 75 في المئة من قضاء البعاج غرب الموصل، موضحة في بيان أمس، أن القوات أحكمت الطوق العسكري على قضاء البعاج من ثلاثة محاور شمالاً وجنوباً وشرقاً، ويبعدها عن مركز القضاء قرابة 10 كلم». وأشار البيان إلى أن «اللواء 11 واللواء 41 في الحشد الشعبي تمكنا من تحرير مجمع الرسالة السكني بالكامل من سيطرة داعش جنوب البعاج». وأضافت أن «الجهد الهندسي التابع للحشد الشعبي شرع بتفكيك ومعالجة العبوات الناسفة والألغام التي زرعها عناصر داعش في المجمع المذكور».