شهد وسط العاصمة الأفغانية كابول الهجوم الثاني الأعنف خلال شهرين، وأسفر عن سقوط 90 قتيلاً على الأقل معظمهم مدنيون وجرح 400 آخرين. ونأت حركة «طالبان» بنفسها عن الهجوم، رافضة استهداف مدنيين، في حين أشار مراقبون إلى أن تنظيم «داعش» يسعى إلى فرض وجوده في أفغانستان من خلال هجمات مروعة من هذا النوع، إذ كان أعلن مسؤوليته عن هجوم على مستشفى عسكري في العاصمة أسفر عن أكثر من 50 قتيلاً في آذار (مارس) الماضي. وأعلنت الشرطة أن عبوة ناسفة ضخمة مخبأة داخل صهريج لنقل مياه الصرف الصحي، انفجرت في ساعة الذروة الصباحية عند المدخل المحصن للمنطقة الخضراء التي تعرف بالحيّ الديبلوماسي وسط كابول. ووقع الهجوم في مكان غير بعيد من السفارة الألمانية، وألحق أضراراً بسفارات أجنبية ومبانٍ قريبة. لكن الناطق باسم الشرطة بصير مجاهد قال، إن «السفارة قد لا تكون هدف الهجوم» الذي أدى إلى تصاعد سحب دخان أسود في الأجواء فوق قصر الرئاسة. وقال: «تضم المنطقة مجمعات ومكاتب إدارية مهمة كثيرة». وأفادت قيادة الحلف الأطلسي (ناتو) في كابول بأن «قوات الأمن الأفغانية منعت الصهريج من دخول المنطقة الخضراء المحصنة» التي تضم مقر قيادة القوات «الأطلسية» وسفارات، «ما يشير إلى أن الصهريج المفخخ لم يصل على الأرجح إلى هدفه المحدد». ووصف شهود الانفجار بأنه «عنيف في شكل غير معتاد، بعدما أدى إلى تحطم نوافذ وتطاير أبواب منازل على بعد مئات الأمتار». وأعلن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن مقتل رجال أمن أفغان يعملون في السفارة، وإصابة موظفين بجروح طفيفة، وكتب على «تويتر»: «أشعر بصدمة من الهجوم المروع، لكننا نتمسك بأن هذه الهجمات لا تجعلنا نحيد عن عزمنا على مواصلة دعم كابول من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد». ونقلت إذاعة «أي آر دي» الألمانية عن وزير الداخلية توماس دي ميزير قوله، إن «ألمانيا ألغت بعد التفجير رحلة جوية مقررة لنقل مهاجرين إلى أفغانستان. لكن سياسة الترحيل ما زالت قائمة وفقاً لقوانيننا التي تنطبق على أفغانستان، خصوصاً بالنسبة إلى المجرمين». وأيضاً، ألحق التفجير أضراراً بمقار سفارات فرنسا والصين وتركيا، من دون أن يؤدي إلى جرح أي من ديبلوماسييها، في حين جرح حارس أمام مبنى سفارة مصر التي أعلنت وزارة خارجيتها في بيان، إدانتها الهجوم «بأشد العبارات»، مشيرة إلى «متابعة تداعيات الحادث على مدار الساعة للاطمئنان إلى أعضاء السفارة المصرية، وتقويم الأضرار». وأفادت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) بأن أحد سائقيها الأفغان قتل خلال نقله صحافييها إلى عملهم، فيما جُرح 4 منهم، ونقلوا إلى المستشفى. واعتبر الرئيس الأفغاني أشرف غني الهجوم بمثابة «جريمة حرب». وقال إن «هؤلاء الإرهابيين يواصلون قتل الأبرياء حتى في شهر رمضان». وفي تغريدة على «تويتر» اعتبر رئيس الوزراء الأفغاني عبدالله عبدالله أن «الذين يقتلوننا خلال شهر رمضان المبارك لا يستحقون أن ندعوهم إلى صنع السلام، بل ينبغي تدميرهم». ودانت الهند وباكستان التفجير. وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي: «تدعم الهندأفغانستان في محاربة كل أشكال الإرهاب الذي يجب هزيمة كل القوى الداعمة له». وطالبت «منظمة العفو الدولية» بإجراء تحقيق فوري وغير منحاز. ورأت في بيان أن «مأساة اليوم تظهر أن الصراع في أفغانستان لا ينحسر بل يتسع في شكل خطر يجب أن يثير انزعاج المجتمع الدولي». وينتظر أن يتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً قريباً في شأن توصية بإرسال قوات إضافية تضم بين 3 و5 آلاف جندي لتعزيز قوة تدريب صغيرة تابعة للحلف الأطلسي وبعثة مكافحة الإرهاب الأميركية. وتضم القوتان معاً حالياً حوالى 10 آلاف جندي.