يشهد السودان اليوم لحظة تاريخية مصيرية عندما يصوّت سكان إقليمالجنوب في استفتاء تقرير مصير إقليمهم على خياري الوحدة أو الانفصال. وتشير كل التوقعات إلى أن سكّان الجنوب سيختارون الإنفصال أو ما يسمّونه «الاستقلال الثاني»، في خطوة يُتوقع أن تكون آثارها بمثابة «زلزال متعدد الجوانب» في شطري البلاد، وسيترك تداعيات أيضاً تمتد إلى دول المنطقة. ويُنهي الجنوبيون، بهذا الاستفتاء الذي يستمر أسبوعاً، مسيرة 55 عاماً من التاريخ المشترك مع الشمال، تميّزت بحروب وأزمات. وأكدت مفوضية الاستفتاء اكتمال التجهيزات اللوجستية والفنية لاستقبال 3،9 مليون ناخب جنوبي صباح اليوم في ثلاثة آلاف مركز اقتراع يعمل فيها تسعة آلاف موظف، منتشرة في الشمال والجنوب وثمانية مراكز في دول المهجر . وصُممت بطاقات التصويت باللغتين العربية والانكليزية، وترمز اليد المفتوحة إلى الانفصال في حين ترمز اليدان المتشابكتان إلى الوحدة، مع وجود الكلمتين في البطاقة. وقال رئيس مفوضية الاستفتاء محمد إبراهيم خليل في مؤتمر صحافي أمس إن مرحلة الاقتراع ستمضي إلى غايتها بسهولة ويسر، موضحاً أن عملية الاقتراع ستستغرق سبعة أيام يمكن تمديدها. وستعلن النتيجة النهائية في مكتب الخرطوم في مدة لا تتجاوز 30 يوماً من بدء عملية الاقتراع. وتبلغ مسحة جنوب السودان نحو 700 ألف كيلومتر، أي ما يعادل ثلث المساحة الكلية للسودان، وللجنوب حدود تمتد إلى 2000 كيلومتر تقريباً مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وافريقيا الوسطى. وستكون للدولة الوليدة حدود تمتد نحو 2100 كيلومتر مع الشمال، وهي أطول حدود بين دولتين في أفريقيا. ويبلغ عدد سكان الجنوب 8.260 مليون نسمة من جملة سكان السودان البالغ عددهم 39.154 مليون نسمة أي 25 في المئة من إجمالي السكان، وذلك بحسب آخر إحصاء سكاني في العام 2009. وتتعدد لهجات سكان الجنوب حيث يصل عددها إلى 12 لهجة، وإن كانت اللغة العربية المحلية التي تُنطق بلكنة افريقية هي اللغة التي يعرفها غالبية السكان تقريباً وتسمى «عربي جوبا»، لكن لغة التعليم والحكومة والمعاملات هي اللغة الإنكليزية التي أصبحت لغة رسمية لجنوب السودان منذ سنة 1928. أما من حيث القبائل التي تزيد على 400، فإن قبيلة الدينكا تُعد كبرى قبائل الجنوب تليها قبيلة النوير ثم الشلك والزاندي والباريا والمورلي. وفي ما يخص المعتقدات والأديان، فنسبة المسلمين تُقدّر ب 24 في المئة والمسيحيين 17 في المئة والوثنيين والروحانيين 59 في المئة. وفي الجنوب عشر ولايات أبرزها بحر الجبل، وأعالي النيل، وبحر الغزال، وواراب، والبحيرات، وشرق الاستوائية وغربها، وجونقلي والوحدة. وأهم المدن هي جوبا (العاصمة)، واو ، ملكال، بور، بانتيو، مريدي وتوريت. ويتربع النفط في صدارة الموارد التي يعتمد عليها الجنوب في شكل أساسي بنسبة أكثر من 90 في المئة، ويُنتج السودان حالياً نحو 500 ألف برميل يومياً من النفط يأتي 80 في المئة من الجنوب. وأهم المناطق المنتجة لنفط الجنوب هي بانتيو في ولاية الوحدة، وعد أرييل وفلج في ولاية أعالي النيل.